برلين ـ د.ب.أ
يتعرض النظام الصحي الألماني الذي يحظى بسمعة طيبة عالميا، لمشكلات داخلية يحذر الخبراء من تداعياتها. المنافسة الشديدة بين المستشفيات وتراجع الأرباح تدفع الأطباء في بعض الحالات لإجراء عمليات جراحية غير ضرورية.
رصدت دراسة إحصائية وجود تدهور حاد في الأوضاع الاقتصادية للمستشفيات في ألمانيا، إذ تحقق نصف المستشفيات خسائر مادية مما يجعلها مهددة بالإفلاس سواء على المدى المتوسط أو القصير. وتضطر الكثير من المستشفيات لإغلاق أبوابها أمام المرضى بسبب عدم قدرتها على العمل من الناحية المالية، الأمر الذي يهدد بالتراجع الحاد في الخدمات الصحية، لاسيما في المناطق الريفية والنائية.
وأشارت الدراسة التي أجراها معهد الأبحاث الاقتصادية في مدينة إيسن إلى أن إغلاق مستشفيات يعني في بعض المناطق أن يضطر المريض لقطع مسافة تزيد على 20 دقيقة (الفترة الزمنية المحددة من قبل الساسة) للوصول لأقرب مستشفى، مما يعني أن المصاب بأزمة قلبية قد يتعرض للموت بسبب طول المسافة.
ولتحقيق المكاسب المادية تتبع بعض المستشفيات إستراتيجية التوصية بعمليات جراحية غير ضرورية، وهو أمر تنفيه بعض الجهات الطبية، لكن بعض الأطباء يؤكدون صحته، كما حدث مع الطبيبين باول براندنبورغ و بيرناد هونتشيك اللذين ظهرا في برنامج تليفزيوني وقالا بوضوح أمام الكاميرا:"يتلقى أطباء المستشفيات يوميا تعليمات لزيادة الأرباح ومن لا ينفذ هذه التوصيات التي تقال غالبا بشكل شخصي، فإن قسمه يصير مهددا بالإغلاق وبالتالي قد يفقد وظيفته".
وتعد زيادة أعداد عمليات الولادة القيصرية نموذجا واضحا على هذه الإستراتيجية المتبعة من بعض المستشفيات خاصة وأن تكلفتها تزيد كثيرا عن الولادة الطبيعية. ولا يصنف الخبراء هذه العمليات بأنها تشكل خطرا على صحة المريض، لكنهم يقولون إنها غير ضرورية.
ويمثل نموذج مستشفى بلاتينبرغ نموذجا للجمع بين تقديم الخدمة الجيدة للمرضى مع الحفاظ على تحقيق أرباح مالية في نفس الوقت. واتخذت إدارة المستشفى مجموعة إجراءات لتحقيق هذا الهدف من بينها تحسين سبل التواصل بين الأقسام المختلفة ومعامل التحاليل علاوة على الاهتمام بمنع إصابة المريض بأي عدوى بجانب مرضه الأساسي لتجنب الأعباء المالية الإضافية التي يتحملها المستشفى في هذه الحالة، علاوة على الضرر الصحي الذي يلحق بالمريض.
واستفاد مستشفى بلاتينبرغ من الضغوط التي تمارسها المستشفيات الأخرى على الأطباء ونجح في اجتذاب مجموعة من الأطباء البارعين الذين لا يرغبون في إرهاق ذهنهم بمشكلة الأرقام والأرباح ويسعون للتركيز على واجبهم الطبي فحسب.
أرسل تعليقك