بعد سنة من اعلان منظمة الصحة العالمية عن انتشار ايبولا الذي خلف اكثر من 24 الف اصابة ادت الى اكثر من عشرة آلاف وفاة، تحاول المنظمات الانسانية التي شاركت في جهود مكافحة الوباء استخلاص العبر وما اذا كان من الممكن انقاذ المزيد من الأرواح وتقليل الخسائر في غرب افريقيا.
في تقرير نشرته الاثنين، اعتبرت منظمة أطباء بلا حدود ان منظمة الصحة العالمية اهملت النداءات التي وجهت اليها للتدخل، واستغرقت الكثير من الوقت قبل أن تتحرك.
وقالت مديرة القسم الطبي في المنظمة ميكايلا سيرافيني خلال مؤتمر صحافي مطلع الاسبوع "لو انهم تعاملوا بجدية مع نداءاتنا المتكررة منذ البداية لكان بالامكان تفادي عدد من الوفيات".
واستغرق منظمة الصحة العالمية حتى آب/اغسطس لتعلن الوباء "حالة صحية عالمية عاجلة" وعندما فعلت كان "اكثر من الف شخص قد توفوا، وفق "اطباء بلا حدود" التي لامت منظمة الصحة العالمية لانها لم تتحرك الا "عندما بات ايبولا يشكل تهديدا للامن العالمي".
ويقول كريستوف ستوكس المدير العام لمنظمة أطباء بلا حدود "كان الأحرى بمنظمة الصحة العالمية ان تحارب الفيروس وليس أطباء بلا حدود".
وتطرح "اطباء بلا حدود" نفسها تساؤلات حول تدخلها بكل ثقلها في ليبيريا وغينيا وسيراليون حيث تفشى الوباء.
فقد ارسلت المنظمة 1300 من الأطباء والممرضين الأجانب ونشرت اربعة الاف موظف محلي وقامت بتدريب 800 متطوع و250 منظمة اخرى، واقامت مراكز للعلاج ضم أحدها 250 سريرا.
لكن مكافحة ايبولا اضطرت المنظمة الى اتخاذ خيارات صعبة. ففي نهاية اب/اغسطس على سبيل المثال لم يعد مركز إيلوا في مونروفيا يفتح ابوابه سوى لنصف ساعة يوميا لاستقبال عدد محدود من المرضى بدلا من الذين توفوا خلال الليل.
وقالت طبيبة في شهادتها الواردة في تقرير "اطباء بلا حدود" انه "لم يكن في وسعنا تقديم سوى الرعاية الاساسية وكان عدد المرضى كبيرا جدا وعدد الاطباء والممرضين قليلا جدا بحيث لم يكن لدينا اكثر من دقيقة واحدة للاعتناء بكل مريض في المتوسط. كان الوضع مأساويا ويفوق الوصف".
توفي 2547 من المرضى الذين تولت مراكز "أطباء بلا حدود" رعايتهم. وكتبت المنظمة "حتى في ساحات المعركة، لم نشهد هذا العدد من الناس يموتون في مثل هذا الوقت القصير".
واضاف التقرير "لم تكن الطواقم الطبية مهيئة لمواجهة وضع يموت فيه على الاقل نصف المرضى من مرض لا يتوفر علاج له".
وفي كانون الاول/ديسمبر علت اصوات داخل "اطباء بلا حدود" تنتقد التركيز على جهود احتواء المرض اكثر منه على انقاذ المرضى، ما اثار نقاشات داخلية حادة. لكن الخيارات كانت محدودة.
وردا على الانتقادات الموجهة اليها، اكدت منظمة الصحة العالمية لفرانس برس انها "تحركت منذ البداية على جميع الصعد" لكنها اقرت بأن ردها في مواجهة الوباء كان بطيئا وغير كاف.
ومن المقرر ان تعرض اللجنة المستقلة المكلفة تقييم رد منظمة الصحة العالمية اولى نتائجها خلال الجمعية العامة المقبلة للمنظمة في ايار/مايو.
وقال الرئيس السابق لأطباء بلا حدود واستاذ العلوم السياسية روني برومان "كان هناك مجال كبير للتحسين. كان من الممكن في أماكن عدة معالجة حالات الجفاف والالتهابات وانقاذ عدد من المرضى".
وقالت ايزابيل دوفورني مديرة برامج منظمة أليما غير الحكومية التي فتحت مركزا للعلاج في غينيا في الخريف الماضي "يمكننا استخلاص الكثير من العبر. كان يمكن استخدام الأدوية التجريبية على نطاق اوسع، واجراء المزيد من التحاليل الحيوية لفهم المرض بشكل افضل، واستخدام الانعاش بشكل اوسع".
ولاحظت دوفورني ان "الطواقم الطبية المحلية كانت معرضة لخطر الإصابة بشكل كبير وماتت اعداد كبيرة منهم. على العكس من الغربيين الذين كانوا ينقلون للعلاج في الغرب في حال اصابتهم ولم تسجل عمليا وفيات بينهم". أصيب 28 بالمرض بين طواقم منظمة اطباء بلا حدود توفي 14 منهم، جميعهم من الموظفين المحليين.
ولكن الطابع المستجد لمرض ايبولا وسعة انتشاره طرحا تحديات كبيرة للعاملين الانسانيين، وفق ايزابيل دوفورني.
وقال الطبيب هيلد دي كليرك اختصاصي الحمى النزفية لدى "اطباء بلا حدود" في بلجيكا "كان هناك عدد قليل جدا من الناس الذين لديهم خبرة في التعامل مع ايبولا على مستوى العالم. في وقت ما، كنا قد استنفدنا كل امكانياتنا".
وقالت مستشارة ايبولا لدى "اطباء بلا حدود" آنيا وولز "هذا دون أن نأخذ في الاعتبار ان سلطات غينيا وسيراليون سعت الى التقليل من مدى انتشار الوباء" في حين لم تتردد ليبيريا في طلب المساعدة.
ومع تسجيل تراجع المرض، لا يزال هناك الكثير من العمل لبناء الانظمة الصحية في البلدان المصابة بايبولا التي كانت ضعيفة أصلا وباتت اليوم مدمرة، وبعض الامل مع الاعلان عن نتائج مشجعة اثر تجارب دواء فافيبيرافير الياباني المضاد للفيروس، وفق ايزابيل دوفورني.
أرسل تعليقك