أطلقت وزارة الصحة المغربية حوارا وطنيا حول الإجهاض بعد تنامي القلق من ارتفاع حالات الإجهاض السري، حيث قدرت تقارير حقوقية أنه يتم تسجيل ما بين 600 و 1000 حالة إجهاض سري يوميا في المغرب.
ودعا وزير الصحة المغربي حسين الوردي إلى تعديل القانون الجنائي (قانون العقوبات) الذي يعاقب الطبيب الذي يساعد على الإجهاض بعقوبات قد تصل إلى 30 سنة، واصفا هذا القانون بكونه مجحف وقاسي ومتجاوز.
ولا يسمح القانون الجنائي المغربي بالإجهاض، إلا إذا استوجبته المحافظة على حياة أو صحة الأم، وهو ما اعتبره وزير الصحة صعب التأويل، باعتبار أن منظمة الصحة العالمية تعرف الصحة بحالة رفاه كامل بدني وعقلي واجتماعي.
وأضاف "يمكنني القول إن هذا القانون أصبح اليوم متجاوزا ولا يستجيب للتحديات الحالية الخاصة بالحفاظ على الأم في المغرب، وتمتعها بجميع حقوقها الإنجابية".
وحذرت الحقوقية خديجة الرياضي في اتصال مع وكالة أنباء ((شينخوا)) من مخاطر ظاهرة الإجهاض السري على الفتيات، موضحة أن فرض قيود طبية صارمة عليه جعل شبكات سرية تنشط في هذا المجال وتعرض حياة الفتيات للخطر.
وانتقدت حصر النقاش حول ظاهرة الإجهاض السري على المقاربة الأخلاقية والقانونية، ودعت بالمقابل للتفكير في مدى تقبل المجتمع لهذه الظاهرة وكذا التفكير في مسبباتها.
وعلى الرغم من دفاعه عن تغيير فصول القانون الجنائي المتعلقة بالإجهاض، مستندا إلى نص دستور 2011 على عدد من الحقوق، وعلى رأسها الحق في الحياة، ووصفه القانون الجنائي بكونه قانونا متشددا ومجحفا، إلا أن الوزير المغربي أكد بالمقابل أن تعديل القانون الجنائي، يجب أن يتمّ بناء على احترام قيم المغاربة الاجتماعية والثقافية والأخلاقية.
أما الداعية الإسلامي المغربي مصطفى بنحمزة رفض بشكل قاطع تقنين الإجهاض على اعتبار أن ذلك قد يؤدي إلى تزايده بشكل غير مقبول في المملكة.
ودعا إلى مزيد من التفكير والنقاش حول هذا الموضوع بين رجال الدين وعلماء الطب، مشددا على أن الأصل هو احترام الحق في الحياة طبقا لتعاليم الإسلام.
غير أن وزير الصحة المغربي أكد أن تقنين الإجهاض "ستكون له آثار إيجابية على البلاد، لخصها في خفض نسبة وفيات الأمهات الناجمة عن الإجهاض السري غير المأمون، وتمكين الأطباء من العمل في إطار قانوني وفي ظروف تحترم السلامة الصحية، ودافع عن ذلك بالقول إن العمل في شفافية سيعطي المغرب مصداقية أكثر أمام دول العالم فيما يخص الحقوق والصحة الإنجابية.
وشدد على أن تقنين الإجهاض سيساهم في خفض الكلفة المادية سواء بالنسبة للنساء، باعتبار أن عمليات الإجهاض السري أكثر تكلفة، أو بالنسبة للدولة، فيما يخص تكلفة التكفل بالمضاعفات الناجمة عن الإجهاض السري.
وبالنسبة للقيادي في حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم سعيد الدين العثماني، وزير الخارجية المغربي السابق، فدعا إلى توسيع الحالات التي يجب إباحة الإجهاض قانونيا فيها لتشمل حالة المرض العقلي الشديد لدى المرأة.
كما دعا للسماح بالإجهاض قانونيا خلال الأسابيع الستة الأولى من الحمل إذا ترتب عن اغتصاب أو عن زنا المحارم أو خلال ال120 يوما الأولى من الحمل بناء على طلب الوالدين إذا ثبت بواسطة البحوث الطبية والوسائل المختبرية أن الجنين به تشوهات أو أمراض جينية، مع التدقيق في تعريف معنى التشوهات والأمراض الجينية.
ورغم هذا الجدل الكبير فإن متتبعين لهذا الشأن يسجلون للحكومة الإسلامية أنها فتحت نقاشا مجتمعيا حول هذا الموضوع.
أرسل تعليقك