مرضى البهاق في العراق لونهم جواز عبورهم نحو عزلة إجتماعيّة
آخر تحديث GMT18:03:10
 العرب اليوم -

مرضى البهاق في العراق: لونهم جواز عبورهم نحو عزلة إجتماعيّة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - مرضى البهاق في العراق: لونهم جواز عبورهم نحو عزلة إجتماعيّة

بغداد ـ وكالات

يعاني الشاب العراقي أحمد توفيق (29 سنة) من النظرات الغريبة التي يرمقه الناس بها بسبب لون بشرته المختلف، وانتشار البقع بألوانها الفاتحة التي تتراوح بين الأبيض (الحليبي) أو الأبيض (الشاهق) على جلده. وينحرج أحمد أكثر حين ينفر الناس منه لاعتقادهم أن مرضه مُعْدٍ وأنه يتوجّب الابتعاد عنه. وبسبب البهاق الذي أصيب به منذ كان صغيراً، ظل أحمد أعزب فلم يستطع الزواج بعدما باءت محاولته في الإقتران بإمرأة بالفشل. يقول شقيق توفيق، إن مضاعفات المرض الذي يعاني منه احمد، جعل منه شخصية معقّدة نفسياً، فغالبًا ما يلجأ إلى نتف شعر رأسه ويقضم أصابعه بسبب القلق والتوتر كما يعزف عن الأكل وحتى مشاهدة التلفزيون. في العراق، هناك الآلاف من الأشخاص مثل أحمد، مصابون بمرض البهاق أو البرص ويعانون من الازدراء والاشمئزاز والعزل. وتبدو حالة المصاب بالبهاق النفسية أكثر سوءًا، إذا كان الشخص المصاب فتاةً، اذ يؤثر ذلك كثيرًا في علاقاتها الاجتماعية ويجعلها حبيسة البيت بشكل كامل. تقول أم ليث أن اصابة ابنتها حمدية (35 سنة)، بالبهاق جعلها منزوية، ولم يتقدم أحد للزواج منها على الرغم من بلوغها سن الخامسة والثلاثين، مؤكدة أن كل المصابات بالبهاق يعانين من تأثيرات الطلاق والعنوسة. وتعاني حمديّة من انتشار البقع الملونة بمساحات متفاوتة على وجهها وجلدها، ما اضطرها الى ترك المدرسة وهي في الصف الثاني الابتدائي. شاب آخر أصيب بالبهاق منذ كان صغيرًا، وهو سعد عبود (21 سنة)، حيث تغيّرت ألوان أجزاء من جلده الطبيعي بمرور الزمن، وأصبح عبارة عن بقع مختلفة الأحجام بلا لون، ليتعرض هو الآخر الى سخرية ونفور الناس من حوله. سعى عبود إلى العلاج الضوئي في الاردن عام 2008 لكن الكلفة الكبيرة للعلاج جعلته يتوقف عن ذلك، وحين سعى الى زراعة الخلايا الصبغية، تفاجأ بالثمن الباهظ لإجراء العملية اذ تزيد على الأربعة آلاف دولار. وفي محاولته للشفاء من البهاق، لجأ عبود إلى الأعشاب الطبية ونصحه العشّابون بتناول الفلفل الأسود والزنجبيل باعتباره علاجاً فعّالاً للأمراض الجلديّة التي يعاني منها. والبرص أو البهاق مرض غير معدٍ يصيب نحو أربعة في المئة من سكان العالم، ولا تتوفر إحصائية دقيقة لدى الطبيب سالم عبيد، الإختصاصي في الأمراض الجلدية حوله، مشيرًا إلى أن التخمينات تشير إلى إصابة حوالي 6 % من السكان بالظاهرة. ويعرّف عبيد البهاق بأنه مساحات عديمة الألوان تظهر في بشرة الجلد فيصبح المريض صاحب لونين غامق وفاتح بسبب انحسار صبغة تحديد اللون. ويقول عبيد أيضًا: البهاق أو البرص مرض جلدي معروف في العالم ويصيب أجزاء الجلد المختلفة. ويؤكد أن العلماء لم يستطيعوا معرفة الأسباب الحقيقية للمرض لكن البعض يرجع ذلك إلى عوامل وراثية. تقول الباحثة الإجتماعية سليمة جعفر في مستشفى الحلة (100 كم جنوبي بغداد)، إن التأثيرات الإجتماعية والنفسية على المصاب بالبهاق تفوق التأثيرات المادية، فلم يستطع هؤلاء المرضى من الحصول على عمل مناسب، بل إن مزاولتهم للأعمال الحرّة أمر صعب للغاية لنفور الناس منهم، ما يضفي أبعادًا إقتصادية إلى مشكلتهم. تقول سليمة: شهد عام 2012 إقدام أربعة من المصابين بالمرض على الإنتحار لأسباب نفسية وشعورهم بالعزلة ومقْت المجتمع لهم. وبحسب سليمة، فإن أغلب الأسر تجبر المصاب بالبهاق على الجلوس في البيت في مكان منعزل وتحرص على عدم خروجه كثيرًا بسبب ثقافة (العيب) المنتشرة. وتؤكد سليمة أن أغلب المصابين بالأمراض الجلدية يعانون أمراضًا نفسية إذ تخلق العاهات الظاهرة ألمًا في نفس الإنسان فيشعر بالحزن والحرج. تدعو سليمة في هذا الصدد إلى إنشاء مراكز بحوث إجتماعية تقدّم المشورة والمساعدة للمصابين بالبرص بغية دمجهم في المجتمع وزيادة الوعي المجتمعي بحقيقة المرض الذي يعانون منه، ما ينتج عنه حالات من القلق والإكتئاب تؤدي إلى التفكير بالإنتحار في بعض الأحيان. في مدينة الصدر في بغداد، يعمل عيسى حسين (19 سنة) في خدمة المرافق الصحية بعدما فشل في إيجاد عمل آخر. ويقول عيسى إن المُصاب بالبرص محكوم عليه بالإنزواء بعيدًا عن المجتمع. وحين حاول عيسى الارتباط بامرأة وجد نفوراً من البنات اذ ترفض النساء ومعظم الأسر فكرة تزويج ابنتهم منه. وفي إحدى المرّات أسمعه البعض أن سبب مرضه هو قلة النظافة وأنه يتوجب عليه الإهتمام بهذا الجانب كثيرًا. وتابع قائلاً: حذّرني أحدهم وأنا استقل سيارة أنْ لا ألمسه خوفًا من العدوى. باءت محاولات عيسى للشفاء من المرض بالفشل، وحين أخبره البعض بأن العشابين يستطيعون توفير الشفاء له، قصدهم سريعًا حيث عالجه أحدهم بالعسل والزيوت والرقية الشرعية. وعلى الرغم من أن ذلك كلّفه الكثير من المال، إلا أن الفشل كان النتيجة النهائية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرضى البهاق في العراق لونهم جواز عبورهم نحو عزلة إجتماعيّة مرضى البهاق في العراق لونهم جواز عبورهم نحو عزلة إجتماعيّة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 15:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تدعم لبنان وحزب الله في محادثات وقف إطلاق النار
 العرب اليوم - إيران تدعم لبنان وحزب الله في محادثات وقف إطلاق النار

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:26 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يُرهن ضم مرموش في انتقالات يناير بشرط وحيد

GMT 11:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع أرباح "أدنوك للإمداد" الفصلية 18% إلى 175 مليون دولار

GMT 13:23 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab