لندن_العرب اليوم
مثل المفتاح، فإن SARS-CoV-2، الفيروس المسبب لمرض "كوفيد-19" يرتبط بجزيئات معينة على سطح الخلية المضيفة، ويفتح بوابات داخل الخلية.ويؤدي دخول الفيروس إلى الخلايا المضيفة إلى استجابة مناعية مذهلة. ويتم خوض الكثير من المعارك داخل الرئتين، وهو ما يفسر سبب ظهور أعراض تنفسية حادة لدى العديد من المرضى في المستشفى المصابين بـ "كوفيد-19".ومع ذلك، فإن أعراض الجهاز التنفسي ليست سوى جزء من القصة، حيث تشير الأدلة المتزايدة إلى أن التهاب الأوعية الدموية له تأثير حاسم على شدة "كوفيد-19". وبالإضافة إلى ذلك، يعاني ما بين 30% إلى 80% من المرضى من أعراض عصبية، بما في ذلك الدوخة والصداع والغثيان وفقدان التركيز. وتشير هذه الأعراض إلى أن SARS-CoV-2 يؤثر أيضا على خلايا الجهاز العصبي المركزي.
وبينما لا يوجد دليل حتى الآن على أن الفيروس يغزو الدماغ، فإن عملا جديدا للعلماء في كلية لويس كاتز للطب في جامعة تمبل يُظهر أن البروتينات الشائكة (spike) التي تنبثق من SARS-CoV-2 تعزز الاستجابات الالتهابية على الخلايا البطانية التي تشكل حاجز الدم في الدماغ.والدراسة، التي نُشرت في العدد المطبوع لشهر ديسمبر من مجلة Neurobiology of Disease، هي الأولى التي تظهر أن بروتينات SARS-CoV-2 يمكن أن تتسبب في "تسرب" هذا الحاجز، ما قد يؤدي إلى تعطيل الشبكات العصبية الحساسة داخل الدماغ.
وأوضح الدكتور سيرفيو راميريز، أستاذ علم الأمراض والطب المخبري في كلية لويس كاتز للطب بجامعة تمبل والباحث الرئيسي في الدراسة الجديدة: "أظهرت الدراسات السابقة أن SARS-CoV-2 يصيب الخلايا المضيفة عن طريق استخدام بروتيناته الشائكة (spike) لربط الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 (ACE2) على سطح الخلية المضيفة".ويتم التعبير عن الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 على الخلايا البطانية، التي تشكل البطانة الداخلية للأوعية الدموية، وتؤدي دورا مركزيا في التوسط في الوظائف المختلفة لجهاز القلب والأوعية الدموية.
ووفقا للدكتور راميريز: "نظرا لأن ACE2 هو هدف ملزم رئيسي لـ SARS-CoV-2 في الرئتين والأوعية الدموية للأعضاء الأخرى في الجسم، فإن الأنسجة الموجودة خلف الأوعية الدموية، والتي تتلقى الدم من الأوعية المصابة، معرضة لخطر الإصابة بالضرر من الفيروس".ومع ذلك، لم يكن واضحا ما إذا كان ACE2 موجودا أيضا في الأوعية الدموية الدماغية أو ما إذا كان تعبيره يتغير في الظروف الصحية التي تؤدي إلى تفاقم "كوفيد-19"، مثل ارتفاع ضغط الدم.ولمعرفة ذلك، بدأ الفريق بفحص أنسجة المخ البشري بعد الوفاة بحثا عن تعبير ACE2 الوعائي، وذلك باستخدام أنسجة من أفراد لا يعانون من ظروف صحية أساسية ومن أفراد ثبت لديهم ارتفاع ضغط الدم والخرف.
وأظهرت التحليلات أن الإنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 يتم التعبير عنه في الواقع عبر الأوعية الدموية في القشرة الأمامية للدماغ ويزداد بشكل كبير في الأوعية الدموية الدماغية للأشخاص الذين لديهم تاريخ من ارتفاع ضغط الدم أو الخرف.ثم قام الباحثون بالتحقيق في آثار بروتين spike في فيروس SARS-CoV-2 على الخلايا البطانية للدماغ في نماذج استنبات الخلايا.وأدى إدخال بروتين spike، لا سيما الجزء المعين لـsubunit 1، إلى تغييرات كبيرة في وظيفة الحاجز البطاني الذي أدى إلى انخفاض في سلامة الحاجز.
وكشف الباحثون أيضا عن أدلة على أن الجزء subunit 2 من بروتين spike في SARS-CoV-2 يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على وظيفة الحاجز الدموي الدماغي، و"هذا مهم لأنه على عكس subunit 1، فإن subunit 2 من بروتين spike لا يرتبط بـ ACE2، ما يعني أن اختراق الحاجز الدموي الدماغي يمكن أن يحدث بطريقة مستقلة عن ACE2".وقال الدكتور أليسون أندروز، الأستاذ المساعد في قسم علم الأمراض والطب المخبري في LKSOM والمؤلف المشارك في الدراسة، إن التجارب أظهرت أن ارتباط subunit 1 من بروتين spike يزيد من نفاذية الحاجز في التركيبات الشبيهة بالأوعية.
وقال الدكتور راميريز: "النتائج التي توصلنا إليها تدعم الإشارة إلى أن SARS-CoV-2، أو بروتيناته التي تدور في مجرى الدم، يمكن أن تسبب زعزعة للحاجز الدموي الدماغي في مناطق الدماغ الرئيسية. الوظيفة المتغيرة لهذا الحاجز، والتي عادة ما تُبقي العوامل الضارة خارج الدماغ، تزيد بشكل كبير من إمكانية حدوث غزو عصبي من قبل هذا العامل الممرض، ما يوفر تفسيرا للمظاهر العصبية التي يعاني منها مرضى كوفيد-19".وما تزال التأثيرات طويلة الأمد لتغيير وظيفة الحاجز الدموي الدماغي في وجود SARS-CoV-2 غير معروفة. وعلاوة على ذلك، كما أوضحت الدكتورة تيتيانا بوجديغان، المؤلفة المشاركة في الدراسة: "الأوعية الدموية الدماغية متفرعة للغاية، لذا حتى كمية صغيرة من التهاب الأعصاب يمكن أن تكون ضارة للغاية".
واستنادا إلى ملاحظات الفريق حول تعبير ACE2 في الدماغ، يمكن أن يكون هذا الضرر العصبي واسع النطاق في مرضى "كوفيد-19" الذين يعانون من حالات صحية سابقة عانت فيها الأوعية الدموية بالفعل من قدر من الإصابة.كما أنه ما يزال من غير المعروف ما إذا كان الفيروس يستطيع الوصول إلى الخلايا العصبية أو الخلايا الدبقية التي تقع وراء الحاجز. وأشار الدكتور راميريز إلى أن "الجينوم الفيروسي لم يتم العثور عليه بعد في أنواع خلايا الدماغ المحددة. وتقول بوجديغان: "تتمثل الخطوات التالية في عملنا في البحث عن النسخ الفيروسية الجينومية في أجزاء مختلفة من الدماغ باستخدام تشريح الجثة في حالات كوفيد-19 والتحقيق في قدرة العامل الممرض على الغزو العصبي باستخدام زراعة الخلايا المختلفة والتركيبات المهندسة للأنسجة".
قد يهمك أيضا:
إسبانيا تسجل أكثر من 25 ألف إصابة جديدة بكورونا
إصابات كورونا في أمريكا تتخطى حاجز التسعة ملايين
أرسل تعليقك