حذر مختصون في قطاعي الصحة والبيئة في السودان من تأثيرات كارثية للانتشار المتسارع في أمراض الحمى، خصوصا الملاريا وحمى الضنك، في ظل تفاقم المشكلات البيئية الناجمة عن تراكم النفايات والمياه الراكدة في معظم أحياء العاصمة الخرطوم ومدن البلاد الأخرى.
وشهدت الأسابيع الماضية تزايدا مخيفا في معدلات الإصابة بحمى الضنك التي انتشرت في أكثر من 12 ولاية من ولايات البلاد البالغ عددها 18 ولاية.
ووصلت الحمى إلى العاصمة الخرطوم التي سجلت نحو 1100 حالة حتى الآن من مجمل الإصابات المسجلة في البلاد المقدرة بأكثر من 6 آلاف حالة.
وفي ظل تدهور أوضاع المستشفيات والمراكز الصحية في البلاد وانعدام وسائل الوقابة والحماية للكوادر الصحية ارتفعت معدلات الإصابة في أوساط الأطباء والكوادر الطبية حيث سجلت أكثر من 20 حالة بين العاملين في المستشفيات.
وإلى جانب حمى الضنك، ما زالت الإصابة بمرض الملاريا تشكل ضغطا كبيرا على النظام الصحي في السودان، إذ تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى إصابة نحو 2.7 مليون نسمة أي قرابة الـ5 بالمئة من سكان السودان بالملاريا خلال العام 2022.
النفايات والمياه
يعزو مختصون تزايد انتشار أمراض الحمى، خلال الفترة الأخيرة، إلى الإهمال الإداري وتراكم النفايات وانتشار المياه الراكدة والملوثة التي تشكل بيئة خصبة لتكاثر البعوض والذباب ونواقل الأمراض الأخرى.ووفقا لعبد الماجد أحمد أخصائي الصحة العامة في وزارة الصحة السودانية، فإن تراكم النفايات يشكل أكبر حاضنة لنواقل أمراض الحمى في السودان.
وقال أحمد لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن العاصمة الخرطوم التي يسكنها نحو 7 ملايين نسمة تكتظ بالنفايات التي يقدر متوسط حجمها اليومي بنحو 18 ألف طن.
ويحمل أحمد التدهور الإداري مسؤولية عدم القدرة على التعامل الصحيح مع مشكلة النفايات، قائلا إنها تتسبب بكوارث صحية قد تتفاقم أكثر، مما يكلف الدولة أموالا طائلة.
وفي الجانب الآخر، تعاني الخرطوم والعديد من مدن البلاد الأخرى من تراكم المياه في الشوارع والأحياء السكنية على مدار العام، بسبب تقادم شبكات توزيع مياه الشرب، وسط مخاوف من اختلاطها بمياه الصرف الصحي.
ويثار الحديث في السودان عن تعثر كبير في تطوير شبكات ومحطات الضخ، وهو ما أفرز عجزا عن مواكبة التوسع الجغرافي والبشري الذي شهدته العاصمة الخرطوم والمدن الأخرى، خلال السنوات الماضية.
ويعزو عبد الرازق مختار، المدير الأسبق لهيئة توفير المياه في ولاية الخرطوم، أسباب تراكم المياه لسببين؛ أحدهما موسمي يتعلق بموسم الأمطار والثاني يتمثل في تقادم شبكات التوزيع وتراجع مستوى كفاءتها.
ويوضح مختار لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن شبكات توزيع المياه تعاني من مشكلات كبيرة بسبب تقادمها وعدم كفايتها.
وأصبح تقادم شبكات توزيع المياه واحدا من الأسباب التي تساعد على توالد نواقل الأمراض. وتنعكس هذه المشكلة بشكل جلي في سجلات الأمراض المنقولة عبر الحشرات التي تتوالد في المياه الراكدة.
تدهور ملحوظ
تتفاقم المخاوف من موجة أمراض الحمى الحالية، في ظل استمرار انهيار القطاع الصحي وعدم قدرة المرضى على دفع فاتورة العلاج التي تضاعفت، خلال الأشهر الماضية بنحو 10 مرات في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية.
وتشير التقارير إلى خروج أكثر من 40 بالمئة من المراكز الصحية عن الخدمة كليا أو جزئيا، خلال الأسابيع الماضية.
ويتوقع الخبراء أن يزداد الوضع الصحي تأزما، نظرا لارتفاع معدلات الفقر في السودان والتي تصل إلى أكثر من 50 بالمئة من سكان البلاد البالغ عددهم نحو 40 مليون نسمة.
يشير الكاتب الصحفي السوداني، مصعب برير، المهتم بالجوانب البيئية والصحية، إلى أن تصاعد إصابات الحميات يسلط الضوء عل النظام الصحي المتهالك في السودان، والذي أقرت منظمة الصحة العالمية بافتقاده للبنية التحتية اللازمة لمراقبة الأمراض.
ويرى أن الحل يكمن في الاهتمام بتنقية البيئة التي تنشأ فيها الأمراض، والتركيز على توفير وسائل مكافحة نواقل أمراض الحمى.
أرقام وحقائق
80 بالمئة من الأمراض المسجلة في المستشفيات السودانية ترتبط بعوامل بيئية أو بسبب المشاكل الناجمة عن تلوث المياه.
تم رصد ارتفاع قدره 500 بالمئة في عدد حالات الإصابة بحمى الضنك في العاصمة السودانية الخرطوم، خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
يعاني النظام الصحي في السودان من مشاكل كبرى، بسبب هجرة إعداد كبيرة من الأطباء وتدهور بيئة العمل والمستشفيات.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك