لندن -العرب اليوم
أصبح أحد المقيمين في سان دييغو بأميركا، مثالاً على كيفية محاربة جهاز المناعة البشري فيروس «كورونا المستجد»، حيث أظهر علماء من معهد «لاجولا» لعلم المناعة بأميركا، كيف ترتبط الأجسام المضادة، التي تم جمعها من هذا المتطوع، بالبروتين السطحي للفيروس (بروتين سبايك) لتحييده، مهما كانت السلالة.
وعلى الرغم من أن الدراسات أظهرت أن الأجسام المضادة ترتبط بالبروتين السطحي من قبل؛ فإن هذا البحث الجديد المنشور في دورية «سيل ريبورتيز»، يكشف كيف أن «لقاح موديرنا»، الذي تم إعداده للتعامل مع النسخة الأصلية من الفيروس، والذي حصل عليه المتطوع «يُمكن أن يُحفز الجسم على إنتاج أجسام مضادة ضد متغيرات (أوميكرون) اللاحقة». وقام الباحثون أيضا بالتقاط هياكل ثلاثية الأبعاد مُفصلة للغاية لثلاثة أجسام مضادة «واعدة» عند هذا المتطوع مرتبطة بالبروتين السطحي.
وخلال الوباء، جمع العلماء في «لاجولا» عينات الدم في سان دييغو، ومن المختبرات حول العالم، بهدف فهم دور الخلايا المناعية المختلفة في مكافحة الفيروس.
وتعد الأجسام المضادة من بين أكثر المقاتلين نخبة في جهاز المناعة، وتتكون هذه الجزيئات من الخلايا البائية، ولكل جسم مضاد بنية محددة تهدف إلى الارتباط بهدف محدد على العامل الممرض، ويبدو الأمر كما لو أن الخلايا البائية ترى نقطة الهدف على العامل الممرض، ثم تذهب إلى العمل لتصنع أسهمها.
وبالنسبة للدراسة الجديدة، جاءت الأجسام المضادة من متطوع في الدراسات السريرية تلقى جرعتين من لقاح «موديرنا» الأصلي، حيث يعمل هذا اللقاح عن طريق حث الجسم على صنع البروتين السطحي (بروتين سبايك)، حتى يتمكن من البدء في العمل على الأجسام المضادة والأسلحة الأخرى ضد الفيروس الحقيقي.
وتم جمع العينات من المتطوع في الدراسة أوائل عام 2021 قبل ظهور «أوميكرون»، وهذا يعني أن أي أجسام مضادة صنعها المتطوع كانت نتيجة التطعيم، وليس التعرض لـ«أوميكرون».
وظهر متغير «أوميكرون» في أواخر عام 2021 وانتشر بسرعة، وتميز عن المتغيرات الأخرى؛ لأنه يحتوي على طفرات ساعدته على التهرب من حماية الخلايا المناعية. وكثير من الأجسام المضادة المصممة لمحاربة المتغيرات السابقة لا يمكنها أن تضرب بصماتها على «أوميكرون».
ولحسن الحظ، لا ينتج الجميع الأنواع نفسها من الأجسام المضادة، وفي الواقع، يختلف تكوين الخلايا والأجسام المضادة التي تكافح الفيروسات بشكل كبير في كل شخص.
وفي الدراسة الجديدة، بدأ الباحثون بمجموعة من الأجسام المضادة من متطوع سان دييغو، ومثل كثير من الأشخاص الذين تلقوا أول جرعتين من لقاح «موديرنا»، وأنتج هذا الشخص مجموعة قوية من الأجسام المضادة، ومع ظهور متغيرات فيروسية جديدة «مثيرة للقلق»، اختبر الباحثون هذه المجموعة لمعرفة عدد الأجسام المضادة التي لا تزال قادرة على الارتباط بالفيروس المتحول، ووجدوا أن هذه المجموعة من الأجسام المضادة يمكنها أيضا تحييد المتغيرات الأخرى مثل «دلتا»، و«أوميكرون».
ومن بين هذه الأجسام المضادة، اكتشف الباحثون خمسة أجسام مضادة قللت بالفعل من عدوى متغير «أوميكرون» (BA.1) بأكثر من 85 في المائة، ثم أخذ الباحثون هذه الأجسام المضادة الخمسة المتبقية من خلال مجموعة أخرى من الاختبارات.
وأظهر أحد الأجسام المضادة، المسمى (1C3) وعدا في منع جزء من عملية العدوى (عندما يتفاعل مجال ارتباط مستقبلات الفيروس مع البروتين البشري ACE2) ولكن كان ذلك فقط ضد متغيرات «أوميكرون» (BA.1) و(BA.2).
ويمكن لجسم مضاد آخر، وهو (1H2)، أن يحيد أيضا بعض سلالات «أوميكرون»، لكنه فعل ذلك بطريقة مختلفة عن (1C3)، وفي الوقت نفسه، كان الجسم المضاد (2A10) متفاعلا مع جميع سلالات «أوميكرون» التي تم اختبارها، بما في ذلك تلك الأكثر شيوعا الآن، وهي (XBB) و(BQ1).
وباستخدام تقنية تصوير عالية الدقة تسمى الفحص المجهري الإلكتروني، رصد الباحثون كيفية تعرف هذه الأجسام المضادة على بروتين سبايك وبنيته، وأتاح لهم ذلك رؤية كيفية تفاعل الأجسام المضادة مع البروتين، وكيف يمكنها تحييد الفيروس.
وتقول إيريكا أولمان سافيير، الرئيسة التنفيذية لمعهد لاجولا، الباحثة الرئيسية بالدراسة في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن «عثورنا على هذه الأجسام المضادة (الفعالة) في الحالة التي تطرقنا لها بالدراسة، لا يعني أن تلك الاستجابة المناعية تخص هذا الشخص وحده، فالنتائج تشير إلى أن هذه الأنواع من الأجسام المضادة يمكن العثور عليها في كثير من الناس».
وتضيف أن «الفائدة الكبيرة للعثور على أجسام مضادة (ذات فاعلية واسعة)، مثل تلك الموضحة في دراستنا، هي أنه يُمكننا تقديمها كأدوية لمنع العدوى أو لعلاج العدوى، ويمكن تعبئة عقاقير الأجسام المضادة هذه بسرعة عندما لا تتوفر اللقاحات أو لا يوجد وقت لانتظار الحماية بواسطة اللقاح».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك