واشنطن - العرب اليوم
سعت دراسة جديدة أجراها فريق بحثي من جامعة ولاية بنسلفانيا الأميركية إلى تطوير الميكروبات المفيدة في الأمعاء البشرية لمنع امتصاص المعادن السامة، مثل الزئبق، ومساعدة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية المفيدة، مثل الحديد. وقدمت المجموعة البحثية النتائج التي توصلت إليها (الأحد) في الاجتماع السنوي للجمعية الأميركية لعلم الأحياء الدقيقة (ميكروبيوم 2023). وطور الباحثون «بروبيوتيك»، وهو مُكمل غذائي، مصمم خصيصاً لإزالة مركبات الزئبق التي توجد غالباً في النظام الغذائي البشري، حيث قاموا بإدخال جينات من نوع من البكتيريا معروفة بمقاومتها العالية لميثيل الزئبق، في سلالات نوع آخر من بكتيريا حمض اللاكتيك.
ووفق دانييلا بيتانكورت - أنزولا، الباحثة الرئيسية في الدراسة، فإن مادة ميثيل الزئبق، وهي سم عصبي مثير للقلق، لها عديد من التأثيرات السامة المختلفة، وتضر بالنمو العصبي للجنين أثناء فترة الحمل، وبالطفل بعد الولادة، لا سيما في المجتمعات التي تعتمد اعتماداً أساسياً على النظم الغذائية القائمة على الأسماك.
وأوضحت: «يحدث معظم التعرض لمادة ميثيل الزئبق من خلال تناول الأسماك أو المحار، ولكن هذه المادة تتراكم أيضاً في كائنات حية أخرى»، مشددة على أنها «تتراكم في النباتات أيضاً»، موضحة: «نأكل الكائنات الحية التي تحتوي على هذه المادة السامة، ما يؤدي إلى تراكمها في أجسامنا».
ووفق منظمة الصحة العالمية يُوجد الزئبق بشكل طبيعي في قشرة الأرض، وهو يتحرّر في البيئة بفعل عديد من الأنشطة الطبيعية، وبمجرد إطلاقه إلى البيئة، بمقدور البكتيريا أن تحوّله إلى مادة ميثيل الزئبق التي تتراكم بعدها بيولوجياً في الأسماك وحيوانات المحار.
ويعد عنصر الزئبق ومادة ميثيل الزئبق سامّين للجهاز العصبي في الإنسان، كما أن لهما أثاراً ضارة على الجهاز الهضمي وجهاز المناعة، وعلى الرئتين والكليتين، وقد يكونان قاتلَين في بعض الأحيان.
في الدراسة الجديدة، قامت بيتانكورت - أنزولا وزملاؤها بتحليل آلاف الجينومات من بكتيريا الأمعاء، مع التركيز على المحددات الجينية المرتبطة بالقدرة على التفاعل مع المعادن.
وبحسب بيتانكورت - أنزولا فإن عديداً من الجينات معروفة بمقاومتها الارتباط بالمعادن، لكن المجموعة البحثية ركزت على البكتيريا التي يمكنها الارتباط بالزئبق الخطير، وتحويله إلى أشكال أقل سمية، وكذلك منع امتصاص ذلك المعدن السام.
لفهم كيفية عمل هذه الجينات وتأثيرها في الإنسان، استخدم الفريق التسلسل الميتاجينومي (المادة الوراثية المستخرجة مباشرة من عينات من البيئية) لدراسة كيفية استجابة ميكروبات الإنسان والفئران عندما تتعرض لعنصر الزئبق.
وقالت بيتانكورت - أنزولا عن المنتج الجديد إنه «بروبيوتيك مثالي»، على حد وصفها، مفسرة ذلك بقولها: «لأننا أظهرنا سابقاً أنه يعمل في البشر، والآن نقوم بهندسته لجعله أفضل أداءً»، موضحة أنه «يعمل داخل القناة الهضمية، حيث يلتقط ميثيل الزئبق، ثم يخرجه من الجسم». وأضافت أن المجموعة البحثية تركز في الوقت الحالي على فهم كيفية تفاعل ميكروبات الأمعاء مع الزئبق، لكنهم يخططون لدراسة معادن أخرى أيضاً.
وتابعت: «هدفنا النهائي هو تطوير تدخلات يمكن أن تساعد على تقليل مستويات المعادن الخطرة - مثل الزئبق - وتعزيز امتصاص تلك التي يحتاجها جسم الإنسان»، مشددة على أنهم «مهتمون بدراسة كيفية تفاعل المجتمع الميكروبي بأكمله مع المعادن المختلفة».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك