الدوحة ـ قنا
افتتحت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع صباح اليوم بمركز قطر الوطني للمؤتمرات فعاليات الدورة الأولى لمؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية (ويش)، بحضور معالي الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية.
كما حضر المؤتمر صاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى حرم ملك المملكة المغربية ورئيسة مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان، والسيدة "آنا كومورفسكي" حرم فخامة رئيس جمهورية بولندا، وعدد من أصحاب السعادة الوزراء وعدد كبير من المشاركين المتخصصين والخبراء والباحثين في مجال الرعاية الصحية.
وأعلنت صاحبة السمو في كلمتها خلال افتتاح المؤتمر عن إطلاق مشروع "جينوم قطر"، مؤكدة أن هذا المشروع يجسد خريطة طريق للعلاج في المستقبل بما يعرف بالطب الشخصي.
وأكدت سموها أن أكثر التحديات الاجتماعية والتنموية إلحاحا في العالم كله هي قضايا التعليم والصحة التي تتشكـل في ضوئها مختلف القضايا الأخرى، لكن حدة هذه التحديات تتفاوت من بلد إلى آخر تبعا لمعايير التنمية.
وأوضحت سموها أن أبرز أهداف المؤتمر هو توفير البيئة المناسبة للتلاقح المعرفي بين الأفكار والبحث عن حلول مبتكرة شاملة تغطي متطلبات التعامل مع خصوصية المشاكل بالاستفادة من مختلف التجارب.
وأشارت إلى أن الدورة الأولى لمؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية، هي محصلة عمل متراكم يتسـق مع منطق التنمية المتكاملة.
وأضافت أننا بدأنا بمؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم عام 2009، ثم المؤتمر السنوي للبحوث منذ عام 2010، وها نحن نعقد مؤتمر الابتكار في الصحة والذي يشكل ضلعا ثالثا في ثلاثية التعليم والصحة والبحث العلمي، وهي ثلاثية لا تنفصل عناصرها عن بعضها بعضا ولا تتجزأ أهدافها ورؤاها المشتركة، مثلما تأتي ضرورة الابتكار في صميمها باعتبارها عاملا حاسما في استنباط الحلول لمواجهة مختلف التحديات.
وأوضحت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع إلى أن الابتكار في جوهره يتجسد هنا في الكيفية التي نفكر فيها، والآلية التي نحل بها المشاكل، والطريقة التي نضع فيها السياسات والبرامج، علاوة على تطوير التقنيات بطبيعة الحال.
وأكدت سموها أن الابتكار ليس مجرد بحث عن علاج أفضل، وإنما يكمن في الكيفيات التي تقود إلى تقليص الحاجة إلى العلاج، ولعل من بينها غرس الثقافة الصحية بين المواطنين وتشجيعهم على السلوك الصحي والنشاطات الصحية.
وقالت صاحبة السمو إننا نرى في هذا المؤتمر الفضاء الأرحب والأكثر تحفيزا على ابتكار الحلول المناسبة للسيطرة على تحديات صحية عديدة ستكون موضوعات للبحث في جلسات المؤتمر.
ورأت سموها أن مثل هذه التحديات تدفعنا جميعا بروح الشراكة الأخلاقية والمعرفية والتنفيذية إلى توظيف الابتكار في صناعة الحلول، وقالت إنه كلما نجحنا في تحقيق تقدم ما على مستوى الرعاية الصحية، نكون بذلك قد وفقنا في الدفاع عن المستقبل وأجياله.
وبينت سمو الشيخة موزا أن قطر تصدت لمختلف التحديات الصحية، عندما سعت إلى بناء ثقافة صحية من منظور شامل، وذلك من خلال تحويل المراكز الصحية إلى مراكز بحثية وأكاديمية تربط بين الخبرات العملية ونتائج البحث العلمي.
وقالت سمو الشيخة موزا إن دولة قطر سعت إلى بناء أنظمة صحية عالمية المعايير تعتمد على الابتكار كأساس لها، مبينة أن قطر لم تعمد فقط إلى عمليات إصلاح الاستراتيجيات فقط، ولكن عمدت إلى تغيير المفاهيم بهدف تحويل النظام الصحي إلى التركيز على المرضى.
وبينت سموها أن الرؤية الجديدة تجسدت في بناء مراكز طبية أكاديمية تركز على الأبحاث بما يجعل المرضى هم بؤرة الاهتمام ويكونوا شركاء في اختيار القرارات الصحية، مشيرة إلى أهمية خلق بيئة بحثية وتعليمية متطورة، منوهة في السياق ذاته إلى أن هناك محاولات لخلق مقاربات عصرية للدمج بين الأبحاث والدراسات والتطبيقات العملية لخلق منظومة صحية متكاملة وقوية.
وأوضحت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع أن مشروع "جينوم" قطر يسعى إلى وضع خريطة جينية للشعب القطري، مشيرة إلى أن رؤية قطر هي السعي إلى استخدام تقنيات الطب الشخصي والذي يعتبر طريقة لإحداث ثورة في سبل تشخيص الأمراض وعلاجها في المستقبل.
وفيما يتعلق بسعي قطر إلى تقديم نموذج عالمي للرعاية الصحية، أكدت سمو الشيخة موزا بنت ناصر أن طموحات قطر لا حدود لها، مشددة على أن الرؤية التي تتبناها قطر تعتمد على إحداث تغييرات جوهرية، ونبهت إلى وجود مجتمع قليل العدد له العديد من المزايا من أبرزها الإسراع وتعزيز التغيير، مضيفة في السياق ذاته "أن قطر ماضية في خلق نظام صحي عالمي نموذجا يحتذى".
وتابعت سموها أن لب الرؤية القطرية لا ينظر إلى خلق نظام يحتذى به عالميا فقط، بل إعادة النظر في طريقة عملنا وطرق إدارة النظم الصحية في قطر، كما نسعى إلى تقديم النظام إلى مواطنينا قبل أن نقدمه للعالم.
ورأت سموها أن مشاركة المرضى في القرارات الصحية يعد أمرا حيويا في تطوير النظام، حيث يجب أن يسمع صوت المرضى عند إحداث تغييرات في الأنظمة الصحية، منبهة إلى أن ذلك أحد الأسس التي قامت عليها الاستراتيجية الوطنية للصحة.
وأشارت سموها إلى أن البعض يستخدم لفظ " الراديكالية " في الأمور السلبية فقط، موضحة أن " الراديكالية" لها جوانب إيجابية وبناءة، على الدول أن تستقي من ثقافتها الراسخة وعليها أن تجري التغييرات الجذرية إن كانت ثقافتها تأبى التغيير.
وأعربت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر في الختام عن أملها أن يكون هذا المؤتمر حافزا للابتكار وبيئة عمل للمبتكرين في المجال الصحي، متمنية أن تكون نقاشات المؤتمر ذات استمرارية، وأن تشكل خطوطا عامة يهتدى بها عند تحسين أسلوب حياتنا في المستقبل.
من جانبها، نوهت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى حرم ملك المملكة المغربية ورئيسة مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان، بالمبادرات الخيرة لصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر والتي مكنت مؤسسة قطر من الاضطلاع بدور فاعل في مختلف المجالات الاجتماعية، ولاسيما في قطاعي التعليم والصحة.
وأعربت الأميرة للا في كلمة لها عن يقينها بأن هذا المؤتمر سيساهم في إيجاد الإجابات الناجعة وتبني حلول عملية ومستدامة للنهوض بالابتكار في المجال الصحي على الصعيد العالمي.
وقالت إن بلوغ الهدف المنشود في تحقيق أعلى مستوى من البحث العلمي النظري وتشجيع نسق الابتكار في روافده التطبيقية والعملية لن يتحقق إلا بوضع الإنسان في صلب اهتماماته، كما أنه مرهون بتعاون المؤسسات الدولية وبتعبئة الموارد الفكرية الفردية المتخصصة التي تسهم في تغيير سريان الأمور إلى الأفضل.
وأوضحت أن الابتكار لا يكون فقط في وسائل التكنولوجيا والأدوية وتقنيات العلاج والجراحة، بل أيضا في الأفكار والسياسات والمقاربات ومنهجيات العمل من أجل ضمان الوصول إلى العلاج.
واستعرضت سمو الأميرة للا في كلمتها السياسات الصحية في المملكة المغربية، وقالت إنه في هذا النطاق اعتمدت المملكة سياسة عمومية ابتكارية في مجال الرعاية الصحية للمواطنين بصفة عامة، وفي مجال محاربة السرطان بصفة خاصة، باعتباره أحد الأمراض الفتاكة، وذلك في إطار المخطط الاستراتيجي الوطني، حيث أن المقاربات التي ابتكرناها مكنتنا من تحقيق نتائج إيجابية للغاية.
وأكدت أن الابتكار يجب أن يهدف إلى تعميم الاستفادة من الرعاية الصحية، وفي هذا الصدد ندعو الدول الغنية المتقدمة إلى تجاوز احتكارها لمجالات الابتكار العملي تفاديا لتوسيع الهوة بين دول الشمال والجنوب والى تمكين الدول الفقيرة من نتائج هذا الابتكار بما يعود بالنفع على مواطنيها وكذلك تطوير علاقات التعاون في هذا المجال.
وقالت إن تشجيع مؤسساتنا العملية الابتكارية مكنت بلدنا من أن تتبوأ مكانة متميزة في هذا مجال الرعاية الصحية، حيث تمكننا من تحقيق نتائج محفزة في وقت زمني قصير، وذلك رغم التحديات العديدة ومحدودية الإمكانات، إلا أننا واعون بحجم التحديات ومؤمنون بأن الطريق مازال طويلا ويتطلب المزيد من العمل الخلاق.
وأعربت عن ثقتها بأن أعمال هذا المؤتمر الدولي ستعرف نجاحا كبيرا بما تتمخض عنه من توصيات وشراكات لتدعيم أسس التعاون المثمر والبناء وتبادل الخبرات بين مختلف الفعاليات المشاركة فيه، وذلك من أجل توفير أفضل السبل والإمكانيات الكفيلة بالنهوض بالبحث والابتكار في مجال الرعاية الصحية، آملة أن تكون الرعاية الصحية مجالا ديمقراطيا بامتياز.
أرسل تعليقك