واشنطن ـ العرب اليوم
تقول كاثرين فيليبس، إن الأطفال الصغار أقوياء ويمنحون القوة، فلقد عاد ابنها توماس إلى المنزل، توماس الذى يبلغ عاما واحدا من العمر خضع لعملية جراحية مدتها 12 ساعة لإزالة ورم نادر من دماغه، حيث يقول جراحو الأعصاب فى مستشفى برمنجهام للطفولة، إنها واحدة من أصعب الجراحات التى قابلتهم فى أى وقت مضى، فقبل بضعة أسابيع كان الأمل فى نجاته صعباً جداً.
بدأ الأمر تقريباً إبان الهالوين، حيث لاحظ والدا توماس كاثرين وستيفن اللذان يعيشان فى سوليهال، أن ابنهما لديه خلل ما فى التوازن، وتميل رأسه فى زاوية غريبة، رغم أن صحته عامة كانت على ما يرام، شعروا أن هناك خطأ ما، لكنهم لا يعلمون كنهه.
لكن بعد الكشف وإجراء التصوير بالرنين المغناطيسى أدركوا أن سبب "ميل رقبته" كان ورما فى قاعدة جمجمته أكبر من حجم كرة الجولف، تلك المنطقة يمر بها العديد من المكونات الحيوية الهامة كالشرايين المؤدية للدماغ والأعصاب التى تتحكم فى البلع وتعابير الوجه.
يشرح الدكتور جويريش سولانكى استشارى الأعصاب فى برمنجهام والذى أجرى العملية حالته، قائلاً: "إن هذا الورم يصيب فقط 30-40 طفلاً كل عام فى المملكة المتحدة، لكن كانت إزالته شبه مستحيلة دون إتلاف الأعصاب حوله، لذلك كان علينا أن نأخذ حذرنا جداً ونأخذ وقتنا جداً أيضاً".
ويفصّل الدكتور العملية قائلا: "استخدمنا شافطة خاصة من الموجات فوق الصوتية تستطيع إزاحة الورم من محله دون تدمير الأعصاب أو الأوعية الدموية".
كما استخدموا نموذجاً ثلاثى الأبعاد وميكروسكوب خاص لمتابعة تقدمهم على شاشة الكمبيوتر
وفى النهاية أعلن دكتور سولانكى، أنه تم إزالة 98٪ من الورم، مما يعنى تضاعف فرص توماس فى الحياة، لكنه لا زال فى حاجة إلى أن يخضع للعلاج الكيميائى لمدة 12 شهراً تقريباً.
أما كاثرين والدة توماس تقول: "لقد كان هذا اليوم هو اليوم الأطول فى حياتنا، ولقد أخبرونا أثناء العملية أنه كلما بقى أكثر بالداخل كلما كانوا يتخلصون بنسبة أكبر من الورم، وكان هذا مطمئناً جداً بالنسبة لنا، لكنى لا أعتقد أنى أرغب فى تجربة هذا مرة أخرى".
وتقول إنها تفاجأت بتوماس الذى استيقظ بعد العملية بيومين، وصار يتحرك حولها كما كان يفعل دائما ويناديها "مامى" وفى غضون أيام قليلة استطاع التلوين، وتقدم حالته هذه ما أسعد الأطباء فى مستشفى برمنجهام للطفولة.
توماس أصبح يبتسم ثانية على الرغم من أنه يتلقى أغذيته التكميلية من خلال أنبوب مثبت بأنفه، حيث لديه مشكلة بسيطة مع البلع وتتحسن تدريجيا، وأيضا هناك تأثر طفيف لصوته، إلا أنه أفضل، ووالديه يعلمون أيضا أنه قد يأخذ وقتا طويلا حتى يتماثل للشفاء تماما.
ولقد تلقى بالفعل جلستين من العلاج الكيميائى، وسوف يكون مضطرا لزيارة المستشفى كل أسبوعين تقريبا، وأيضا خلال العام القادم، فى تلك المرات التى يزور فيها المستشفى سيكون هناك المزيد من عمليات الفحص للتأكد من أنه يتم التحكم فى الورم جيدا.
ويضيف سولانكى صراحة: "إن الطريق طويل وما نطمح إليه هو البقاء فى حالة جيدة لمدة خمسة سنوات"، عيد ميلاد هذا الملاك الصغير هذا الأسبوع، كل عام وأنت بخير يا توماس، ستكون الاحتفالات مضاعفة بالكريسماس وعيد ميلادك وشفائك.
وتقول أمه: "كل ما نفعله الآن هو أن نكون أقوياء، حدث كل شىء بسرعة، وكان توماس قويا فى خلال هذا كله، ما أريد توصيله الآن هو أن ينتبه الآباء إلى علامات أورام الدماغ فى الأطفال مبكرا، وذلك حتى يمكن التعامل معها بسرعة والسيطرة عليها".
وتعلق الدكتورة مارتينا انجليش أخصائية أورام الأطفال فى مستشفى برمنجهام للأطفال: "أعراض أورام الدماغ فى الأطفال قد تكون غير محددة، ويجب استشارة الطبيب عند ظهور علامة أو اثنتين بصورة مستمرة مع الطفل، فربما لا يتسطيع الأطباء الممارسون العامون تشخيص هذا، لأنهم قد يقضوا طوال حياتهم المهنية دون رؤية تلك الأعراض، فكلما تم التعامل مع الورم بسرعة، كلما كانت هناك فرصة أفضل للنجاة وفرصة أقل للخلايا الورمية أن تسبب الأذى، لقد كان توماس محظوظا إذا استطعنا تقديم العلاج له فى ثلاثة أسابيع فاصلة".
ومما يذكر أن حالات أورام الدماغ فى الأطفال فى مصر يتم اكتشافها عادة فى مراحل متأخرة من المرض حيث ينقص الأهل الوعى الكافى لطلب المشورة الطبية فأعراض أورام الدماغ فى الأطفال تحت 5 سنوات يمكن أن تكون كالآتى: قئ مستمر، عدم توازن المشى، حركات عينية غير عادية، تغيرات فى السلوك، تعب شديد، صرع أو التواء فى الرقبة، وكثير من الحالات يتم علاجها فى مستشفى سرطان الأطفال التى تحتاج دائما إلى كل الدعم منا.
أرسل تعليقك