دمشق ـ جورج الشامي
اضطّر أطباء سوريّون في الغوطة الشرقية المُحاصرة، إلى إجراء العمليات الجراحيّة على ضوء الهاتف النقال، إبان إغلاق أكثر من 80 % من النقاط الطبيّة، بسبب انعدام وجود المحروقات لتشغيل المولّدات الكهربائيّة والاجهزة الطبيّة.
ووجّه مسؤول النقطة الطبيّة الإسعافيّة الأولى في مدينة دوما الطبيب سيف الدين، من الغوطة الشرقية المحاصرة، نداءً عاجلاً لوقف إهمال النقاط الطبيّة، كاشفًا عن تقصير وإهمال كبيرين من قِبل الكتائب العسكريّة المسيطرة على المدينة، مشددًا في الوقت ذاته، على مسؤولية الحكومة الكاملة، والتي تستهدف النقاط الطبيّة بالقصف المباشر والحصار الخانق، ومنع الدواء والمواد الإسعافيّة واللقاحات والمحروقات والكهرباء عنها.
وشنّ الطبيب السوريّ، هجومًا عنيفًا على من أطلق عليهم صفة "الأطراف المُتكاسلة وغير المبالية من الجيش الحرّ والتجار المحتكرين"، لتجاهلهم معاناة النقاط الطبيّة في تأمين المحروقات اللازمة لتشغيل مولّدات الكهرباء اللازمة لإنقاذ حياة أبناء المدينة من العسكريين والمدنيين على السواء، فيما سيارات معظم القادة وبيوتهم ومكاتبهم منارة في كل وقت، مشيرًا إلى ظروف العمل المأساويّة الحالية لما تبقى من تلك النقاط، التي تعمل في الحدود الدنيا.
وكشف سيف الدين، لأحد مواقع المعارضة السورية، عن جانب من الصورة من خلال بعض الحوادث، وصل عدد من المصابين جرّاء القصف على مدينة عدرا وهم في حالة خطر شديد إلى النقطة الطبية الإسعافية الوحيدة التي لاتزال تعمل، وكانت الكهرباء مقطوعة داخل النقطة ولا يوجد في الوحدة سوى 6 ليترات من المحروقات لتشغيل المولّد، وأنهم اضطروا غلى استخدام تلك الليترات القليلة في تشغيل المولد لاجراء العمليات الجراحيّة الفوريّة للمصابين، وبعد وقت قصير توقف المولد قبل أن ننهي عملية الإسعاف، فيما مات أحد المصابين وبقيت حالات عدّة تحتاج الى متابعة مركزة، وأجرينا عملية "تفجير صدر" والتي تُعتبر من العمليات الصغرى على ضوء هاتف أحد الأطباء، الذي استمر بحمد الله منيرًا مكان العملية على جسد المصاب لربع ساعة، كانت كافية لإنقاذ حياته.
وشدّد الطبيب سيف الدين، على ضرورة أن تتحمل المنظمات الدولية التي ترى كل شيئ وتصلها من مكاتبنا تقارير دورية بشأن ما يجري، مسؤولياتها بدعم المستشفيات، ووجّه حديثه بحدّة إلى الكتائب العسكريّة قائلاً "تفتحون المعارك وتطالبون بالأموال للدعم والذخيرة ومتطلبات المعارك كافة بما فيها ما يتعلق بمصاريف المستشفيات، ولا يصلنا شيئ".
وقد أصدر المكتب الطبيّ في دوما والغوطة الشرقية، منذ أيام بيانًا يُشير فيه إلى أسفه لاضطراره إلى إغلاق عدد من النقاط الطبية، ونشر صورًا لعمليات جراحية تُجرى على ضوء الهاتف النقال أو البطارية، وكان منها عملية في كفر بطنا، وأخرى في مدينة دوما أخيرًا.
وشرح مسؤول العلاقات العامة في المكتب الطبيّ الموحّد في دوما الطبيب ماجد أبو علي، طبيعة العمل الطبيّ الميدانيّ حاليًا وقطاعاته وطريقة تقسيمه، مُعتبرًا إياه عبارة عن ثلاث حلقات متداخلة من الأضيق والأهم إلى الأوسع، مؤكّدًا أن الحلقة المركزيّة فيه هي العمليات الجراحية، وهذه لا يمكن إيقافها، وعندما سيُجبرون على إيقافها، سنكون قد انتهيا بشكل كامل طبيًّا، وهو ما نقاوم إمكان الوصول إليه بشدّة، ونقوم بواجبنا ولو على ضوء الهاتف أو الشموع، مضيفًا أن الحلقة الثانية هي نقاط الإسعاف والعناية المشددة والاستشفاء، وهنا نحتاج إلى كادر عمل أكبر ومواد ومستهلكات طبية وكهرباء، وقد بدأت هذه الحلقة تضيق بشكل كبير، وهو ما فرض علينا اتخاذ القرار الصعب بتقليص العمل الطبيّ كمرحلة أولى للمحافظة على النقط التي تقوم بإسعاف الجرحى والعناية بهم وإجراء العمليات الجراحية لهم فقط، ولذا تم إغلاق نقطة المعالجة الفيزيائية ونقطة حواضن واستشفاء الأطفال ونقطة غسل الكلى اعتبارًا من 15 شباط/فبراير 2014.
أرسل تعليقك