البكتيريا النافعة ونمو المخ لدى الأطفال
آخر تحديث GMT18:31:26
 العرب اليوم -

البكتيريا النافعة ونمو المخ لدى الأطفال

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - البكتيريا النافعة ونمو المخ لدى الأطفال

الأطفال
القاهرة - العرب اليوم

من المعروف أن البكتيريا الجيدة الموجودة في الأمعاء الدقيقة (Gut bacteria) لها دور كبير في تنظيم عملية الهضم والحفاظ على الجهاز الهضمي سليماً، ودون إصابات من الميكروبات الضارة. وعدم نضج هذه البكتيريا النافعة بشكل كاف لدى الأطفال الخدّج (المبتسرون) يعرضهم لمخاطر صحية متعددة. بكتيريا نافعة أحدث دراسة نُشرت في مطلع شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي في «مجلة الخلية العائلة والميكروب (journal Cell Host & Microbe)»، والتي قام بها علماء من «جامعة فيينا» بالنمسا (University of Vienna)، تناولت دور هذه الميكروبات في حماية الرضيع، وتبين أيضاً أنها تلعب دوراً مهماً بعيداً عن دورها الأساسي في الأمعاء، يشمل الجهاز العصبي.

وأشارت الدراسة إلى الصلة الوثيقة بين اكتمال نمو هذه الميكروبات الحميدة ونمو خلايا المخ ونمو القدرات الإدراكية للطفل في بداية حياته. وقبل الولادة مباشرة تتجمع ملايين من هذه الخلايا البكتيرية في الأمعاء. وقد لاحظ العلماء أن الرضع المبتسرين يتعرضون لخطر الإصابة بتلف المخ لأسباب ربما تكون بعيدة عن الجهاز العصبي أو نقص الأكسجين أو السموم الناتجة من عدم قدرة بعض أعضاء الجسم على القيام بوظائفها بشكل كامل؛ ومنها الكبد.

واتضح أن إصابة المخ يمكن أن تكون متعلقة بالميكروبيوم (الوسط الميكروبي) الموجود في أمعاء الرضيع، وأنه كلما كان نموه أقل؛ كانت درجة التلف في المخ أكبر؛ والعكس صحيح أيضاً. أوضح العلماء أن هناك دائماً ارتباطاً وثيقاً بين تطور الأمعاء والمخ وعمل الجهاز المناعي فيما يشبه محوراً خاصاً بهذه الأجهزة الثلاثة معاً (الهضمي والعصبي والمناعي gut - immune - brain axis). ويشير الباحثون إلى أن الأجهزة الثلاثة تتناغم في العمل منذ بداية حياة الرضيع وتستمر بعد البلوغ. ومن المعروف جيداً تأثير الحالة النفسية والعصبية على الشهية وأيضاً على الأمراض العضوية المرتبطة بالجهاز الهضمي مثل القولون العصبي.

وفي مرحلة حديثي الولادة؛ تقوم البكتيريا الموجودة في القناة الهضمية بتقوية جهاز المناعة بشكل غير مباشر، حيث إن وجودها في حد ذاته يوفر التنافس على الحيز المكاني في الأمعاء. وبذلك؛ فإنها تمنع وجود البكتيريا الضارة في الأماكن التي توجد فيها، بجانب القيام بما يشبه التمرين للجهاز المناعي للتعرف على خصائص البكتيريا والشفرة الجينية الخاصة بها بشكل عام، وبالتالي تمكنه من مقاومة الميكروبات الخارجية في حال دخولها الجسم.

المناعة والأعصاب
في المقابل؛ يقوم جهاز المناعة بمراقبة ميكروبات الأمعاء ويعمل على تطوير الاستجابات المناسبة لها. وبالإضافة إلى ذلك؛ فإن «العصب الحائر» يكون هو العصب الناقل للإشارات العصبية من المخ لكل من القناة الهضمية وأيضاً الجهاز المناعي. ويرى الباحثون أن هذا الربط بين هذه الأجهزة يلعب دوراً كبيراً في نمو المخ؛ خصوصاً في المراحل الأولى من حياة الطفل. وبالنسبة للأطفال ناقصي النمو، تكون الميكروبات الحميدة أقل مما لدى الرضيع العادي، كما يقل تنوعها أيضاً؛ حيث إنها تعدّ مجموعات حيوية من مئات الأنواع من البكتيريا والفطريات والفيروسات والميكروبات الأخرى، وكل هذه الكائنات الدقيقة تكون في حالة توازن لدى الرضع الطبيعيين. ولكن لدى المبتسرين نتيجة لعدم تطور هذه الميكروبات بشكل كامل، فلا يمتلك الجهاز المناعي القدرة على التطور؛ وهو الأمر الذي ينعكس على تطور المخ أيضاً.

أشارت الدراسة إلى أن العلماء نجحوا أيضاً في تحديد نماذج معينة في كل ميكروبيوم والاستجابة المناعية الخاصة به والتي ترتبط بشكل واضح بتطور الإصابة في المخ وشدتها. وفي الأغلب تظهر مثل هذه الأنماط السلوكية قبل حدوث التغييرات العصبية بفترة زمنية بسيطة، وهو الأمر الذي يوضح أن هناك فرصة لفترة قصيرة يمكن خلالها منع تلف المخ لدى الأطفال المبتسرين من التفاقم أو حتى يمكن تجنب حدوثه من الأساس.

وكانت نقطة البداية في تطوير العلاج المناسب من خلال المؤشرات الحيوية التي تمكن الفريق الطبي متعدد التخصصات من تحديدها؛ حيث توصل الباحثون إلى أن النمو المفرط لبكتيريا الـ«كليبسيلا» الضارة (Klebsiella) والتي تسبب عدوى في أجهزة عدة بالجسم وما يرتبط بها من مستويات مرتفعة من «خلايا تي» المناعية (T - cell) في رد فعل طبيعي لمحاولة مقاومتها، يمكن أن يؤدي إلى تفاقم تلف المخ في هذه المرحلة الزمنية من عمر الرضيع.
تابع الباحثون لمدة أسابيع عدة أو لأشهر 60 من الأطفال المبتسرين الذين ولدوا قبل 28 أسبوعاً من الحمل، وكانت أوزانهم قليلة جداً (أقل من كيلوغرام). والمعروف أن وزن الرضيع الطبيعي نحو 3 كيلوغرامات، وكلما قلّ وزنه؛ زادت احتمالات الخطورة على حياته. واستُخدمت أساليب حديثة جداً لرصد الميكروبيوم في الأمعاء باستخدام التسلسل الجيني (16S rRNA)، وهذه الأساليب تجرى لرصد الأعداد ومدى التنوع في خلايا الميكروبيوم وتعطي صورة مفصلة عنه.

وأيضاً استخدم الباحثون الطرق التقليدية لرصد الربط بين محور الأجهزة الثلاثة، مثل تحليل البراز، وعينات الدم، وتسجيل موجات المخ عن طريق استخدام رسم المخ (EEG)، وأيضاً التصوير بالرنين المغناطيسي. وتعدّ هذه الدراسة نقطة البداية لمشروع بحثي كبير يبحث في البكتيريا الحميدة (الميكروبيوم) وأهميتها للتطور العصبي لدى الأطفال المولودين مبتسرين بشكل شامل. وبالإضافة إلى ذلك؛ سوف يستمر الباحثون في متابعة أطفال الدراسة لمعرفة كيف تتطور المهارات الحركية والمعرفية لديهم. وأوضحوا أن ذلك سوف يستغرق سنوات عدة حتى يمكن الحكم على الرابط بين المخ والأمعاء والجهاز المناعي؛ وإلى أي مدى يمكن التحكم فيه لمحاولة إنقاذ هؤلاء الأطفال.

قد يهمك ايضا 

 من مكونات الوجه البشري بكتيريا نافعة عالقة على جدار البشرة الخارجي

دراسة ترتبط بين جائحة كورونا ومشكلات في الإبصار لدى الأطفال
 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البكتيريا النافعة ونمو المخ لدى الأطفال البكتيريا النافعة ونمو المخ لدى الأطفال



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 العرب اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما
 العرب اليوم - أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab