أكد الدكتور عادل عدوي وزير الصحة والسكان خلال كلمته التي ألقاها بمناسبة تدشين نتائج الدراسات الثلاث حول اقتصاديات التبغ بجمهورية مصر العربية والذي تم بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية والاتحاد الدولي لمكافحة السل وأمراض الرئة أن هذه الفاعلية تمثل بادرة لإلقاء مزيد من الضوء على هذا الوباء وصياغة تدابير قائمة على أسس علمية لمجابهته.
وأشار وزير الصحة اليوم أمام مؤتمر " منظمة الصحة العالمية _ تدشين نتائج أبحاث اقتصاديات التبغ "الذي عقد اليوم بأحد فنادق القاهرة ، إلى أن استهلاك التبغ يعد أحد أهم أسباب المرض والوفاة المبكرة التى يمكن الوقاية منها، فهو عامل خطورة لستة من الأسباب الثمانية الرئيسية للوفاة في العالم من أهمها أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان وأمراض الجهاز التنفسي , وأن وباء التبغ نفسه يقتل حالياً ما يقرب من 6 ملايين شخص سنوياً في جميع أنحاء العالم، أي وفاة حوالي شخص من كل عشرة بالغين، وأن هذا العدد يزيد على من تقتلهم أمراض السل والإيدز والملاريا مجتمعة.
وأوضح أن التبغ مرشح لأن يكون بحلول سنة 2030 السبب الرئيسي للموت والعجز ، إذ من المتوقع أن يقتل أكثر من 10 ملايين شخص سنوياً، وما لم تتخذ إجراءات عاجلة سيقتل التبغ مليار نسمة في هذا القرن ، خاصةً في الدول النامية التي أصبحت نسب التدخين بها في ازدياد مضطرد، كما وجد أنه بحلول عام 2030 سيكون أكثر من 80٪ من الوفيات المتصلة بالتبغ في العالم في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل وهى البلدان الأقل تحملاً لعبء الرعاية الصحية.
وتابع عدوي بأن مصر أحد أكثر الدول استهلاكاً للتبغ بين الدول العربية ويأتي ترتيبها ضمن الـــ 10 دول الأكثر استهلاكاً للتبغ في العالم ، حيث يستهلك حوالي ربع الشعب المصري (24.4%) وحوالي 46% من الرجال البالغين التبغ ، ويستمر المعدّل الكلي لاستهلاك التبغ في ازدياد منتظم ، كما يزداد عدد النساء اللائي يبدأن في التدخين ، ويُعد تعاطي الشباب للتبغ من المشكلات المتفاقمة ، كما أن التبغ هو أحد عوامل الخطورة الرئيسية للأمراض غير المعدية (أمراض القلب والشرايين والجهاز التنفسي والأورام والسكتة الدماغية) والتى تقتل ما يقرب من 82% من الشعب المصري ، وقد وجد أن التبغ يقتل حوالي 170.000 سنوياً فى مصر، حيث أن 90 % من هذه الوفيات من الرجال وغالبيتها ناجمة عن سرطان الرئة وغيره من أمراض السرطان، والسكتات الدماغية،وأمراض القلب والشرايين الأخرى، وأمراض الجهاز التنفسي.
واستكمل وزير الصحة بأن النفقات السنوية لعلاج الأمراض الناجمة عن تعاطي التبغ تبلغ 3.4 مليار جنيهاً مصرياً فضلاً عن تكاليف الرعاية الصحية الضخمة الناتجة عن استهلاك التبغ ، والحصيلة الصافية للأثر الاقتصادي للتبغ هي تعميق الفقر خاصةً مع ارتفاع معدل استهلاك التبغ بين الفقراء حتى تجاوز معدل تعاطي الأغنياء في معظم البلدان .
وأكد أنه بالرغم من أن استهلاك التبغ مشكلة صحية كبرى ، ولكنها تعد أيضا واحدة من أهم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية ، حيث أن استهلاك التبغ يزيد من الفقر بسبب الإنتاجية المفقودة والعائدة إلى المرض والوفاة المبكرة ، كما أن المال الذى ينفق على التبغ هو المال الذي يستقطع من الإنفاق على الضروريات الأساسية مثل الغذاء والمأوى والتعليم والرعاية الصحية والتكلفة المرتفعة للرعاية الصحية.
وتابع قائلا : تدعي صناعة التبغ أنها تنشئ الوظائف وتدر الإيرادات التي تعزز الاقتصادات المحلية والوطنية ، لكن أكبر إسهام لهذه الصناعة في أي بلد هو المرض والموت والخسارة الاقتصادية التي تكلف العالم المليارات من الدولارات , وأن تحقيق أهداف مكافحة التبغ يتطلب التعاون والتنسيق بين العديد من الوزارات والهيئات الحكومية المختلفة والمؤسسات الأكاديمية والجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني على الصعيد القومي، فضلاً عن الدعم الفنى من المنظمات الدولية.
الجدير بالذكر أن مصر خطت عدة خطوات في اتجاه مكافحة وباء التبغ، وربما كان أهمها التوقيع والتصديق على الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ لمنظمه الصحة العالمية منذ عام 2005 ، ومنذ ذلك الحين يتزايد الدعم السياسي لمكافحة التبغ يوماً بعد يوم وتتخذ الحكومة خطوات نشطة من أجل مكافحة التبغ ومنها تطبيق المسوحات القومية لرصد حجم المشكلة على المستوى القومى مثل المسح العالمى لاستهلاك التبغ بين البالغي GATS#### 2009-1010والمسح المتدرج للأمراض غير السارية STEPwise survey 2011-2012 , بالإضافة إلى التحذيرات الصحية على علب السجائر ؛ سواء المكتوبة أو المصورة ، قامت الوزارة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية بتطبيق مجموعات من هذه التحذيرات المصورة وتحديثها دورياً , كذلك الحظر الكامل للإعلان المباشر عن منتجات التبغ في وسائل الإعلام , وأيضا رفع ضريبة التبغ أربع مرات في مدة ثلاث أعوام تقريباً حتى بلغت الضريبة المفروضة إلى 74 ٪ من سعر التجزئة.
فيما أوضح أن مصر لم تقف عند هذا الحد ولكن هناك خطة موضوعة بخطوات محددة لاستكمال السعي نحو تحقيق أهدافنا بالحد من استخدام التبغ لأدنى مستوياته ، وتتمثل هذه الخطة فى إنفاذ القانون وتعزيزه ونشر ثقافة أماكن خالية من التدخين100 ٪ , الاستمرار فى تطبيق التحذيرات الصحية بصورة أقوى وحظر الإعلان غير المباشر والإعلان عن آليات مقاومة تجارة التبغ غير المشروعة من خلال خطط تعاون بين قطاعات الدولة المختلفة وتعزيز نظم الترصد , والعمل على رفع الضريبة على منتجات التبغ بدرجة تتناسب مع معدل التضخم للحد من الاستهلاك , كذلك دعم خدمات الإقلاع عن التدخين فى مراكز الرعاية الصحية الأولية , وأخيراً إيجاد الأدلة العلمية من خلال البحث العلمى المستمر فى هذا المجال.
وفي نهاية كلمته أعلن وزير الصحة كامل دعم الحكومة المصرية لكافة المبادرات الوطنية والدولية والتي من شأنها حماية صحة المواطنين ورفع عبء الأمراض عن كاهلهم بما يتوافق مع استراتيجيات وسياسات جمهورية مصر العربية، ووجه الدعوة لجميع مكونات العمل الوطني خصوصا منظمات المجتمع المدني وقطاعات التوعية والثقافة والإعلام إلى ضرورة مجابهة هذا الوباء و والتكاتف للتوعية بأخطاره على كافة الأصعدة.
أرسل تعليقك