فيلم تواطؤ البريطاني يعرض لصراع الغرب والإرهاب
آخر تحديث GMT20:00:36
 العرب اليوم -

فيلم "تواطؤ" البريطاني يعرض لصراع الغرب و"الإرهاب"

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - فيلم "تواطؤ" البريطاني يعرض لصراع الغرب و"الإرهاب"

أمستردام ـ وكالات

منذ انقلاب العالم في 11 أيلول (سبتمبر) 2001، وثيمة تعذيب مسلمين متهمين بالإرهاب على أيدي استخبارات دول غربية أو بلدان أقل "ديموقراطية" بتكليف من الدول الكبرى، هي إحدى المعضلات الجدلية التي تمرّ عليها بِحرج أعمال سينمائية وتلفزيونية أميركية وبريطانية. فبينما تقبلت مسلسلات تلفزيونية أميركية شهيرة (مثل "24" و "هوملاند") "التعذيب"، كفعل لا يمكن الاستغناء عنه وليس هناك حاجة لتبريره، بخاصة أنه جزء من حرب "مختلفة" مع إرهابيين لن يترددوا في قتل أكبر مجموعات من البشر إذا تسنى لهم ذلك، اهتمت أعمال أخرى وبدرجات متفاوتة (أفلام "ريندشين" و "زيرو دارك ثيرتي") بالسؤال الأخلاقي الذي تثيره ممارسة بدائية كتعذيب سجناء، والسقوط المريع لمُثّل حقوق الإنسان للدول المتورطة في هذا الفعل. لكنّ أياً من الأعمال السابقة، لم يُفرد مساحة كبيـــرة لموضوع التعذيب، مثل الفيلم التلفزيوني البريطاني "تواطؤ" للمخرج نيال ماككورميك الذي عــــرض أخيراً على شاشة القناة الرابعة البريطانية، بل يمكن القول إن سؤال التعذيب الذي يقود إلى سؤال آخر عن حقوق المواطنة لمسلمين ينتمون إلى دول غربيــــة، شكّل السؤال الجوهري والوحيد لهذا العمل التلفزيوني المختلف إن بزمن أحداثه أو بمضمونه. فهو لا يعود إلى سنوات "الهيستيريا" التي أعقبت تفجيرات نيويورك في عام 2001، ورد الفعل المرتبكة لاستخبارات دول غربية بعدها، بل يقدم قصة معاصرة، من بريطانيا الآن، وفي زمن أعقب التغييرات الكبيرة في الشرق الأوسط، أي بعد إطاحة حكومات حليفة للغرب، كان لبعضها دور موثق بتعذيب مسلمين متهمين بالإرهاب أو الانتماء إلى تنظيم "القاعدة". تبدأ أحداث فيلم "تواطؤ" من لندن، عندما يصل الضابط في الاستخبارات البريطانية إلى خلاصة بأن "وليد أحمد" البريطاني من الأصول اليمنية، والذي يتعقب تحركاته منذ سنوات، سيتجه إلى الشرق الأوسط، كجزء من تحضيره لعملية إرهابية يخطط لها في العاصمة البريطانية لندن. يواجه الضابط صعوبة كبيرة في إقناع رؤسائه بأن يخصصوا موازنة لملاحقة المشتبه به، لضعف الأدلة، وبالتالي الخوف من تبذير أموال الدولة البريطانية في عملية مشكوك بدقتها، ثم ينجح في النهاية بالحصول على موافقة جهازه ليتجه إلى مصر التي وصل إليها قبله المشتبه به الشاب. كثير من أحداث الفيلم ستجري في مصر (صور الفيلم في المغرب)، التي وإن مرّت عليها رياح الثورات العربية، لم تتغير ذهنية أجهزتها الاستخبارية، بحسب الفيلم البريطاني. فالضابط الذي يواجه ضغوطاً كبيرة من رؤسائه للوصول إلى نتائج سريعة والعودة إلى لندن، يطلب من أحد الضباط المصريين تعذيب "وليد"، للحصول على اعترافات سريعة بخصوص ما ينوي القيام به من عمل إرهابي. فعل التعذيب والحجز من دون أسباب للبريطاني المسلم، سيكون موضوع الحوارات الطويلة بين وليد أحمد (أداء رائع للممثل البريطاني آرشير علي) والضابط البريطاني. فالأول الذي يعرف تماماً حقوقه كمواطن بريطاني، يبدأ حديثه مع الضابط: "أنا بريطاني مثلك، لماذا أُحتجز من دون أسباب ولماذا لا أملك حقوق المواطنة البريطانية بتحقيق عادل وحضور محامي؟"... هذا السؤال هو ما يحرج منذ سنوات استخبارات دول غربية في صراعها الطويل مع التنظميات المسلمة المحظورة. في المقابل يطرح الضابط البريطاني سؤالاً لا يقل إلحاحاً: "لماذا تكرهنا إلى الحد الذي تريد قتلنا جميعاً..؟". لا يبدو الفيلم التلفزيوني مشغولاً بالوصول إلى خاتمة ترضي المتفرج، فهو يقدم قصة خيالية تستلهم أحداثاً حقيقية، ولكن يجردها من الوعظ أو لذة الانتصار، برسم صورة قاتمة لجميع المتورطين في صراع الإرهاب المستنزف الذي يأخذ جزءاً كبيراً من حياتهم وجهدهم، ويتركهم فارغين ومعذبين، وأحياناً هائمين على وجوههم في مدن كبيرة. وكأن "العتمة" التي نسج الفيلم مناخه بها، هي الوحيدة التي تليق بهذا الصراع المعقد الذي يخيم منذ سنوات كغيمة سوداء على العالم.    

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيلم تواطؤ البريطاني يعرض لصراع الغرب والإرهاب فيلم تواطؤ البريطاني يعرض لصراع الغرب والإرهاب



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab