أثار الحكم المخفف الصادر عن المحكمة العسكرية في لبنان بسجن المتهم بنقل متفجرات من سورية لتفجيرها في لبنان، الوزير السابق ميشال سماحة، الأربعاء الماضي، سخطًا سياسيًا ووزاريًا وشعبيًا.
وتوسعت المطالبة بحصر صلاحية المحكمة العسكرية في محاكمة العسكريين، وتعهد وزير العدل أشرف ريفي بالتقدم بمشروع لتعديل تلك الصلاحيات؛ بحيث يحال المدنيون والمتهمون بجرائم تطرف إلى محكمة خاصة.
كانت المحكمة دانت سماحة لنقله متفجرات (60 عبوة) وصواعقها بسيارته من سورية، وتكليفه شخص يدعى ميلاد كفوري (كان مخبرًا لشعبة المعلومات في قوى الأمن) بتفجيرها في الشمال أثناء إفطارات رمضانية ضد رجال دين ونواب، للتسبب في إحداث الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، لكنها حكمت عليه بالسجن 4 سنوات ونصف مع تجريده من حقوقه المدنية.
وهو ما أثار حفيظة ريفي وزعيم تيار "المستقبل" رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ورئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط، الذي رأى أن الحكم يشرع في الاغتيال والتفجير، إضافة إلى سائر قيادات وقوى 14 آذار، معتبرين أن الحكم "فضيحة".
وعرضت محطات تلفزة تسجيلات فيديو من لقاءات سماحة مع كفوري؛ تحضيرًا لعمليات التفجير التي خطط لها، وأثناء تسلم العبوات الناسفة، وسُمع فيها سماحة يعطي تعليمات لكفوري بشأن أماكن وضعها، وقال له إن الشخصين الوحيدين اللذين يعرفان بالمهمة هما الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي المملوك.
كان سماحة نقل المتفجرات بسيارته من مكتب مملوك في سورية إلى بيروت لتسليمها إلى كفوري، وجرى بث التسجيلات تحت عنوان "القصة الكاملة لمتفجرات سماحة".
إلا أن بعض قوى 8 آذار انتقدت، باسم عدم التدخل في القضاء، مواقف الوزير ريفي، الذي كان طلب إحالة القاضية المدنية الوحيدة في المحكمة ليلى رعيدي إلى التفتيش القضائي لعدم اعتراضها على الحكم، إذ إن بقية القضاة هم من ضباط الجيش، وقال إن الحكم "غير مقبول"، مطالبًا بأن يعمل القضاء بمعيار واحد.
بيمنا تجنب مجلس الوزراء التطرقَ إلى هذه القضية، وعبّر عدد من الوزراء منهم، إلى ريفي، وزيرا الداخلية نهاد المشنوق والشؤون الاجتماعية رشيد درباس، عن غضبهم إزاء الحكم بزيارة أجروها إلى ضريح الرئيس الراحل رفيق الحريري وضريح اللواء وسام الحسن "الرئيس السابق لشعبة المعلومات الذي كشف سماحة والذي اغتيل قبل عام في تشرين الأول/ أكتوبر 2012" بعد انتهاء الجلسة.
وأكد منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد، أن ثمة انطباعًا بأن المحكمة العسكرية باتت بيد أطراف حزبية معينة، بينما أيّد رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، موقف ريفي، واعتبر أن الحكم يقوض ثقة اللبناني في دولته.
وشملت عاصفة ردود الفعل الرافضة الحكم، زيارات أجرتها وفود حزبية ونيابية إلى ضريحي الحريري والحسن، دانت إصدار أحكام مخففة في حق فريق مقابل أحكام قاسية في حق متهمين آخرين.
وذكّر عدد من السياسيين بالحكم المخفف الذي صدر في حق العميد السابق في الجيش فايز كرم، القيادي في التيار الوطني الحر.
وصدر عن مجلس القضاء الأعلى بيانًا ذكّر بأن "النظام القضائي يلحظ طرقًا للمعالجة ضد أي قرار، ونسبة أي مأخذ إلى قاض، لها آلية مكرسة في القانون، وهذه الآلية محكومة بشروط، أهمها السرية، فلا يجوز خرقها عبر الإعلان عن إحالة قاضٍ إلى التفتيش القضائي أيًا كانت الأسباب أو الظروف".
أرسل تعليقك