أنقرة ـ جلال فواز
بدأ حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، بمغازلة "الشعب الجمهوري"، أبرز أحزاب المعارضة الذي بات الأوفر حظًا للمشاركة في حكومة ائتلافية بعد الانتخابات النيابية، بسبب تقارب برنامجه الانتخابي الإصلاحي مع البرامج القديمة للحزب الحاكم، وتوافق الطرفين على تسوية القضية الكردية.
وتفصل بين الجانبين مسافة كبيرة للتوصل إلى توافق، ما يُبقي سيناريو الانتخابات المبكرة قائمًا، وبدا هذا المناخ واضحًا من الرسائل المتبادلة بين الحزبين، إذ أشار نائب رئيس "العدالة والتنمية" بولنت أرينش، إلى إمكان إعادة فتح ملف اتهامات بالفساد تطاول أربعة وزراء سابقين في حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، قائلًا: "يرى بعضهم أن هذا الأمر ليس ممكنا دستوريًا< لكننا شاهدنا أمثلة على ذلك سابقا، والأمر قد يحدث".
واعتبر كثيرون أن تصريح أرينش يشكّل إشارة مهمة إلى عزم "العدالة والتنمية" على التفاوض، طالما أن الأمر لا يمسّ أردوغان.
أما رئيس "حزب الشعب الجمهوري" كمال كيليجدارأوغلو فرفع سقف التوقعات، إذ أعلن أنه سيطلب تولي رئاسة الوزراء مناصفة مع أحمد داود أوغلو، سنتين لكلّ منهما، وتوزيع الحقائب الوزارية مناصفة، وتسلّم حزبه وزارات التعليم والقضاء والداخلية، من أجل "إعادة التوازن إلى كوادرها وإنهاء تبعيتها لشخصٍ".
وجاءت هذه الرسائل بعد ثلاثة أيام على اجتماع أردوغان مع الرئيس السابق لحزب "الشعب الجمهوري" الرئيس المؤقت للبرلمان الجديد دنيز بايكال. وقالت مصادر مقربة من بايكال إنَّ الرئيس التركي أراد أن يسمع رأي المعارضة وأن يفهم هل هي مصرّة على "السير في طريق الانتقام منه، أم أنها مستعدة لتفاهم، من أجل إدراك حقيقة الوضع الجديد التي لن يقولها له مستشاروه".
وبدأت أوساط سياسية تطرح سيناريوهات الحكومة المقبلة، مشيرة إلى أن تحالفا بين "العدالة والتنمية" و"حزب الشعوب الديموقراطية" الكردي لا يمكنه تسوية القضية الكردية، إذ إن جبهة المعارضة القومية - اليسارية ستعرقل الحلّ على الأرض، واعتبرت أن من الأفضل توافق ثلاثة أحزاب على الأقل في هذا الصدد، ما قد يحدث بدعم من الحزب الكردي في البرلمان، من دون مشاركته في الحكومة.
كما أن تحالفا بين حزب "الحركة القومية" و"العدالة والتنمية" لن يتمّ إلا بوقف التفاوض مع الأكراد، وهذا شرط أساسي للقوميين، ما يعني استحالة هذا السيناريو، مع إصرار الحكومة على إكمال مسيرة الحلّ.
ويبقى حزب "الشعب الجمهوري" الذي طرح برنامجًا اقتصاديًا وإصلاحيًا شبيهًا بالمشاريع القديمة للحزب الحاكم، والذي لا يرفض صراحة مسيرة التفاوض مع الأكراد، لكنه يشترط عودة "التوازن إلى أجهزة الدولة ومؤسساتها، لكي يكون ولاؤها للدولة، لا لأردوغان مباشرة".
ويلفت ساسة إلى أنَّ ذلك قابل للتفاوض، من أجل احتفاظ أردوغان بماء وجهه وبصلاحيات شرفية، لكن الأمر قد يوتر علاقته مع داود أوغلو.
واتهم رئيس حزب "الشعوب الديمقراطية" صلاح الدين دميرطاش شخصيات رسمية بالتورط بعنفٍ شهده إقليم دياربكر الذي تقطنه غالبية من الأكراد في جنوب شرقي تركيا، وأوقع 4 قتلى، وقال: "نريد العثور على المرتبطين بالهجمات، ممَّن هم داخل الدولة والحكومة".
أرسل تعليقك