كشفت مصادر بارزة في قوى "14 آذار"، أن قياداتها أُبلِغت في الساعات الماضية من مرجع في حزب "القوات اللبنانية"، أن رئيسه سمير جعجع يربط تبنيه ترشيح رئيس "تكتل التغيير والإصلاح"، العماد ميشال عون، بترشيح زعيم تيار "المستقبل"، الرئيس سعد الحريري، رئيس تيار "المردة"، النائب سليمان فرنجية.
وقالت المصادر إن موقف "القوات اللبنانية" نُقل إلى مدير مكتب الرئيس الحريري، نادر الحريري، وأن تريث "المستقبل" في ترشيحه رسميًّا لفرنجية سيدفع بجعجع إلى الانتظار.
واعتبرت مصادر سياسية مواكبة للتطورات الجارية والمتعلقة بملف انتخابات رئاسة الجمهورية، أن التريث بدلًا من الاندفاع في اتجاه ترشيح فرنجية أو عون يعني التسليم بوضع هذا الملف في الثلاجة حتى إشعار آخر، والتوافق مع رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، الذي كان أعلن ترحيله في الوقت الحاضر.
وتحدث أكثر غير مصدر عن قرب عقد لقاء بين الحريري وفرنجية في باريس خلال الساعات المقبلة، حيث تردد أنهما انتقلا إليها.
واعتبر وزير الشؤون الاجتماعية، رشيد درباس، أن أجواء اجتماع طاولة الحوار كانت إيجابية على الرغم من أن الأمور طُرحت بكل صراحة، لاسيما مسألة موقف لبنان في جامعة الدول العربية، والامتناع عن حضور جلسات الحكومة، ولمست ميلًا إلى تبريد الأجواء والذهاب إلى تسيير أمور الناس، مؤكدًا أن "جهودًا حثيثة ستُبذل من الآن وحتى الخميس، لإزالة ما تبقى من عقبات وبناء الجسور اللازمة".
وأوضح درباس أن ما قاله بري هو أن الانتخابات الرئاسية متعذرة، وهذا يجعل عمل الحكومة مطلوبًا من باب أولى، لكنه قال أيضًا إنه لو كانت الانتخابات غدًا لما كانت الحكومة تتوانى عن اجتماع اليوم فتسيّر أمور الناس وهذا من أولويات الحكومة، لافتًا إلى أنه لمس أن المجتمعين لا يرغبون في الاستمرار بالتباعد.
وقال إنه لا يستطيع الجزم بأن الأمور ستصل إلى خواتيمها السعيدة إلا بالتجربة التي سنراها الخميس، وعليه أن يؤكد أن رئيس الحكومة أكد إرجاء الاجتماع حتى الانتهاء من ملف النفايات، والآن يقوم بواجبه الدستوري وهو الدعوة إلى اجتماع الحكومة.
واعتبر أن رئيس حزب "القوات اللبنانية" رجل سياسي له رؤيته الخاصة، وربما يجد في الجنرال عون مواصفات الرجل الصالح، مشيرًا إلى أنه لا يريد أن يشاركه أو يدخل معه في سجالات، وأنه يعتقد أن أي شخص يُتفق عليه من قبل الأطراف يكون مرشحًا ناجحًا.
واعتبر عضو كتلة "التنمية والتحرير"، النائب ياسين جابر، أن عودة الحوار بين "المستقبل" و"حزب الله" مؤشر مهم على نجاح مساعي الرئيس بري لتخفيف التشنج، خصوصًا أن لبنان هي المكان الوحيد الذي يجري فيه حوار بين السنة والشيعة.
وأكد عضو كتلة "المستقبل"، النائب عاصم عراجي، أن "الصراع بين حزب الله وتيار المستقبل قد طُوِيَ، لأننا في حاجة إلى تهدئة علنيًا على الأقل، لأن وضع لبنان يتأثر بالجوار، وبدأنا نلاحظ تأثر الوضع الداخلي بما يجري في سورية والعراق"، وتمنى "لو أن الحزب الذي تجمعه ورقة تفاهم مع التيار الوطني الحر، يبادر إلى إقناع حليفه بضرورة تفعيل العمل الحكومي، لأن الأمور الاقتصادية والحياتية لا تتحمل التأجيل ويجب البت فيها".
واكتفى المتحاورون في جلسة الحوار الـ22 بين "حزب الله" و"تيار المستقبل" ببيان مُقتضب بعدها كما جرت العادة، أشاروا فيه إلى أنه جرى نقاش حول تطورات الأوضاع الراهنة، مؤكدين الحرص على استمرار الحوار وتفعيله على الرغم من التباينات في المواقف.
وأوضح النائب سمير الجسر الذي يُشارك في الحوار أن تفعيل الحكومة استحوذ على الحيّز الأكبر من المناقشات، إذ "اتّفقنا على تسهيل عملها وتذليل العقبات، وألا تكون جلسة الخميس الوحيدة، إنما الاستمرار في عقد جلسات أخرى"، مشيرًا إلى وجود قناعة لدى معظم أطراف الحكومة بضرورة تفعليها، لأن انجاز الاستحقاق الرئاسي يبدو أنه سيتأخّر.
ولفت الجسر إلى أن الجلسة كانت هادئة وجيّدة، وتجاوزت "الأجواء المُتشنّجة التي سيطرت على البلد، لأن جلسة الحوار الشامل التي عُقدت في عين التينة بحثت المواقف التصعيدية، وتحديدًا كلام النائب محمد رعد في حق الرئيس سعد الحريري، الذي أثاره بالتفصيل الرئيس فؤاد السنيورة، ما انعكس هدوءًا على الحوار المسائي".
وأشار إلى أنهم تطرقوا إلى الملف الرئاسي من زاوية الخطوة التي يُمكن أن يُقدم عليها الدكتور جعجع بتبنّي ترشيح النائب عون، إذ "طرح ممثلو حزب الله في الحوار تساؤلات حول توقيت الطرح، وما إذا كان ردّ فعل على طرح الرئيس الحريري تبنّي ترشيح النائب فرنجية، أم أنه طرحٌ قديم بفضل الحوار القائم بين القوات والتيار الوطني الحر".
وأوضح الجسر أنه لم يتم مناقشة مسألة الاتفاق على تهدئة إعلامية بعد المواقف التصعيدية الأخيرة، لكنه أكد في الوقت نفسه وجود قرار بالاستمرار في الحوار على الرغم من كل ما يحدث.
وعمّا يتردد عن اتجاه "القوات" إلى تبنّي ترشيح عون، قال إنهم يحترمون خياراتهم، والنائب جورج عدوان أبلغ مكوّنات "14 آذار" خلال اجتماعها ألا يتفاجأوا إذا ذهبت القوات بهذا الخيار، وهم يقومون بمشاورات في هذا الإطار ستحدد موقفها النهائي في ضوء نتائجها.
واعتبر أن ترشيح القوات لعون ليس ردّ فعل على ترشيح الحريري لفرنجية، لأن الاتصالات القائمة منذ أشهرٍ بين القوات وعون تتمحور حول مواضيع عدة منها الرئاسة، لذلك من الطبيعي أن تُفضي إلى خيار ترشيح عون، لافتًا إلى وجود اتّفاق داخل "14 آذار" بألا يُترك قرار كهذا أي تداعيات على وحدتها واستمراريتها.
وأكد عضو "تكتل التغيير والإصلاح"، النيابي سليم جريصاتي، بعد اجتماع التكتل برئاسة النائب ميشال عون، أن "مشاركتنا أو عدم مشاركتنا أو مشاركتنا مع الاعتراض القوي في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، أمر مرهون بمساعي ما قبلها"، مضيفًا أن الحل لم نصل إليه بعد في مسألة التعيينات في المواقع القيادية والشواغر في الأسلاك العسكرية والأمنية، وهناك مسعى عسى أن ينفذ إلى اتفاق.
وأشار جريصاتي إلى أن "التكتل تداول في الاستحقاق الرئاسي، ولحظ أن ثمة إغراقًا إعلاميًا في هذه الآونة يتعلَّق بهذا الموضوع، ولسنا مَن يخفي خياراته واستحقاقاته واتصالاته"، موضحًا أن الأيام المقبلة قد تحمل جديدًا في المراكمة على الحيثية المسيحية الأقوى، والحيثية الوطنية التي يجسّدها عون.
وفي شأن تفعيل الحكومة، أشار إلى أن "مقاربة تفعيلها تتم من منطلقين، الأول آلية عملها، والحل التوافقي يرضينا ولم يعد يشكل عقبة، طالما أننا ارتضينا التوافق الذي يوفّق بين مسلتزمات الوثيقة والدستور والتفعيل، علّ أن يستمر هذا التوافق ويسود دون مواربة أو استثناء".
وعن الموقف اللبناني في مؤتمر القاهرة، لفت إلى أن "هذا الموقف يشرّف لبنان وديبلوماسيتها في الحفاظ على المصلحة العليا"، وأنه يزاوج بين ميثاق الدول العربية واتفاقيتي فيينا للعلاقات الديبلوماسية، والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، ويعبّر عن سياسة الحكومة في البيان الوزاري.
وفي ملف النفايات، رفض التكتل اتخاذ وزير البيئة قرارًا بوقف استيراد مصانع التفكك الحراري شرط موافقة الوزارة المسبقة، مجددًا رفضه حل الترحيل.
ويتولى "حزب الله" الاتصالات مع عون لتأمين حضوره مجلس الوزراء، على قاعدة تعيين 3 ضباط أعضاء في المجلس العسكري للجيش، مقاعدهم شاغرة، هم أرثوذكسي وكاثوليكي يعيَّن أحدهما إرضاء لعون والثاني مع الأخذ في الاعتبار رأي "الكتائب" والرئيس السابق ميشال سليمان، وشيعي يجري تعيينه بناء على رأي القيادات الشيعية، وتقضي هذه الاتصالات بعدم طرح موضوع قيادة الجيش.
أرسل تعليقك