الجزائر ـ سناء سعداوي
أكد عبد العزيز بلعيد، مرشح الانتخابات الرئاسية في الجزائر، المرتقبة بعد خمسة أشهر، أن حظوظه للفوز بها «كبيرة شريطة أن يتركوا الشعب ينتخب بحرية، وأن تتوقف التجاوزات التي عهدناها في المواعيد الانتخابية»، في إشارة إلى أن الشخص الذي يدعمه الجيش عادة في الانتخابات هو من يكون رئيساً للبلاد.
وذكر بلعيد، رئيس حزب «جبهة المستقبل» المعارض، في مقابلة مع «الشرق الأوسط» جرت بمقر الحزب في العاصمة، أنه «لا يؤمن بشيء اسمه نتيجة محسومة مسبقاً لصالح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة»، في حال ترشح لولاية خامسة. والسبب، حسبه، هو أن النظام «لا يمكن أن يتورط بالتمديد للرئيس لأنه سيكون بحاجة إلى تعبئة شاملة للشعب لكي ينتخب الرئيس، لكن الشعب غير مستعد لكثرة المشكلات التي عجز النظام عن حلها خلال 20 سنة من حكم بوتفليقة»، مشيراً إلى أن الجزائر «ستواجه مشكلات أكثر تعقيداً لو رفض نظامها التغيير والتجديد. وسنتجه عندها إلى أزمة عنيفة لن يوقفها المجتمع المدني المقهور، ولا الطبقة السياسية التي تعاني من الضعف والهشاشة».
وحل بلعيد ثالثاً في ترتيب المترشحين لانتخابات 2014، إذ حصل على نسبة 3 في المائة من الأصوات، فيما فاز الرئيس بوتفليقة بـ81 في المائة من الأصوات، وجاء رئيس الحكومة سابقاً علي بن فليس في المركز الثاني بـ18 في المائة من الأصوات.
وحول حظوظه في الاقتراع السياسي المقبل، قال بلعيد: «للأسف، كل الناس تعلم أن الانتخابات في الجزائر مشبوهة. حظوظي كبيرة عند الشعب، ونحن نطالب فقط بأن يتركوه ينتخب بحرية. ومهما كان التخطيط محكماً لتزوير الاقتراع فقد تقع مفاجآت. الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لـ2018 ليست هي نفسها أوضاع 2014. والشباب تغير، وعلى النظام أن يكون ذكياً في التعامل معه. فهل يرضى أن ندخل في دوامة من المشكلات؟».
ويحتدم في الجزائر حالياً جدل كبير حول سجن خمسة جنرالات، بعد اتهامهم في قضية فساد مرتبطة بمصادرة سبعة قناطير من الكوكايين نهاية مايو (أيار) الماضي. وحول دلالات هذه القضية المثيرة، قال بلعيد إن «الفساد واقع مر مستشرٍ في كل مؤسسات الدولة، لكن الذي يشد انتباهي في هذه القضية هو أن السلطة انطلقت في محاربة الفساد فجأة، بعد 20 سنة من ممارسة الحكم! (فترة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة). حملة محاربة الفساد هذه غير مسبوقة، مع أنه توجد منذ سنوات طويلة مؤسسات وآليات حكومية مختصة في محاربة الفساد، ولا ندري ماذا كانت تفعل طول هذه المدة حتى تقي البلاد من هذه الفضائح المسيئة لسمعتها دولياً».
ويلاحظ مراقبون أن الأجهزة المكلفة بمحاربة الفساد ليست هي من حركت الدعوى القضائية ضد هؤلاء الجنرالات، بل مؤسسة الجيش هي من تابعتهم وأدخلتهم السجن. وحول هذا القضية، يقول مرشح الرئاسية: «الجيش في حد ذاته مؤسسة من مؤسسات الدولة، وفيه الصالح والطالح. وما يهمنا فيما حدث هو أن مشكلات كبيرة تحدث في الهيئات المهمة للبلاد. وكحزب فاعل في الحياة العامة، نطالب بالشفافية والوضوح فيما يخص القرارات التي تتخذ. أعتقد أنه لا أحد يخالفني الرأي عندما أقول إن الجيش هو المؤسسة الوحيدة التي ظلت صامدة في هذا البلد، ونحن نطالب أن يكون التعامل مع كل الضالعين في قضايا فساد بالمعيار نفسه، لا أن يتم إخفاء ملفات وملاحقة البعض والتشهير بهم، بينما يتم التستر على آخرين؛ نحن ضد التعامل مع الفساد بمقاييس مزدوجة».
وأضاف بلعيد موضحاً: «الفساد بلغ مستويات خطيرة، وسبق أن صرحت في تجمعاتي بأن أقوى الإمبراطوريات التي تهاوت عبر التاريخ كان الفساد سبب سقوطها. الفساد سرطان ينخر في جسد الجزائر، وآخر من شهد بذلك سفير فرنسا في الجزائر بانارد باجولي، الذي قال في مذكراته (صدرت حديثاً) إنه مندهش للمعدلات التي بلغتها الرشوة في الجزائر. فهذا الرجل أقام بيننا لمدة عامين، وكتب 30 صفحة عن الفساد في بلادنا! وفرنسا ليست هي وحدها من تحدثت عن الفساد عندنا. الولايات المتحدة أيضاً كتبت، وكثير من القوى الكبرى. وكل السياسيين في بلادنا متفقون على أن الفساد تعمم، وجرت محاكمات كثيرة بخصوص مشاريع ضخمة طالها الفساد، لكن المحاكمات لم تجرِ في إطار من الوضوح والشفافية».
وتابع بلعيد مستدركاً: «سجن الجنرالات يجرني إلى حادثة مصادرة أطنان الكوكايين. لقد كشفت هذه القضية المستويات التي بلغها الفساد في الدولة، ولكن ككل الفضائح الكبيرة، يتم التستر عن الفاعلين الحقيقيين، وتضيع الحقيقة وسط الضبابية والغموض. ويفترض بخصوص هذا الملف أن تخبرنا النيابة أولاً بأول عن تطوراته لأنه من حق الجزائريين أن يعلموا من يقف وراء تهريب 701 كلغ من الكوكايين من البرازيل إلى بلادنا، مروراً بإسبانيا. ولكن حذاري من اتهام كل المنتسبين للجيش بالفساد، فما اقترفه أي أحد منهم من جرم يبقى أفعالاً تخص صاحبها. وحذار من أن تتحول هذه القضايا إلى تصفية حسابات سياسية».
وبخصوص عزل رئيس البرلمان سعيد بوحجة من طرف الأغلبية البرلمانية التي ينتمي إليها، قال رئيس «جبهة المستقبل»: «السيد بوحجة ينتمي لحزب جبهة التحرير الوطني الذي يقول إن رئيس الجمهورية هو رئيسه، والحكومة هي من هذا الحزب. أليس غريباً أن يقع البرلمان في حالة انسداد، بينما بين يدي السلطة كل أوراق اللعبة السياسية؟ ما ألاحظه هو أن رئيس البرلمان لم يرتكب جرماً، ولا أي خطأ سياسي يحاسب عليه. وإذا حاسبوه بسبب مشكل داخلي في حزبه، فما كان ينبغي أن يصل الخلاف إلى البرلمان. بأي حق يتصرفون في مصير البرلمان؟ هل لأنهم يملكون الأغلبية؟ البرلمان ملك للشعب الجزائري، وليس للأغلبية. وبالتالي، لا يمكن لها أن تتصرف فيه وكأنه مؤسسة تابعة للحزب. للأسف، الأشخاص المسؤولون يتصرفون في المؤسسات التي يقودونها وكأنها ملك لهم. تمنيت شخصياً لو كان الصراع في البرلمان سياسي يقوم على مبادئ؛ صراع حول مشاريع اقتصادية وسياسية».
أرسل تعليقك