كابل ـ أعظم خان
يواصل الرئيس الأفغاني أشرف غني، جهوده من أجل إيجاد جو مناسب للمصالحة الوطنية وإنهاء الحرب في أفغانستان، حيث التقى مع رئيس البرلمان السابق يونس قانوني، وزعيم «الحزب الإسلامي» قلب الدين حكمتيار، لبحث تشكيل مجلس تشاوري موسّع للمصالحة والسلام في أفغانستان. وجاء في بيان صادر عن القصر الرئاسي أن «مشاورات الرئيس غني مع القيادات السياسية للأحزاب سيتم إعلانها بعد استكمالها مع بقية القيادات». وكان الرئيس غني قد التقى سابقاً مع عبد رب الرسول سياف زعيم «حزب الاتحاد الإسلامي»، ورئيس مجلس الشيوخ فضل هاديمسلميار، وقادة حزب «الجمعية الإسلامية».
وذكر "الشرق الأوسط" أن الحكومة الأفغانية تخشى من مساعي الولايات المتحدة للحوار المباشر مع حركة «طالبان» ومكتبها السياسي في الدوحة، حيث اشتكت حكومة الرئيس غني للمبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان زلماي خليل زاد، من تجاوزه الحكومة الأفغانية في الحوار مع «طالبان»، في وقت تطالب فيه واشنطن بأن يكون حوار السلام بين الأطراف الأفغانية الحكومية والحزبية وحركة «طالبان».
وقال مسؤولون أفغان أول من أمس، إن مبعوث الولايات المتحدة الخاص لأفغانستان يسعى لطمأنة الحكومة المدعومة من واشنطن في كابل بأنها لن تُستبعد من عملية السلام مع «طالبان»، بعد أن شكت الحكومة من تعرضها للتهميش في المحادثات. ويريد المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد أن ينضم ممثلون من المجتمع الأفغاني إلى المحادثات الرامية لإنهاء الحرب المستمرة منذ 17 عاماً بين القوات الأميركية والحكومة المدعومة من الغرب وبين حركة «طالبان» التي أطاحت بها قوات تقودها الولايات المتحدة عام 2001. واجتمع خليل زاد، وهو دبلوماسي أميركي مولود في أفغانستان، مع قادة «طالبان» في قطر الشهر الماضي في محاولة لدفع المحادثات إلى الأمام، لكنّ «طالبان» ترفض المحادثات المباشرة مع الحكومة المنتخبة بقيادة أشرف غني. وقال مساعد مقرب من غني: «شعر الرئيس غني وكثير من الساسة الأفغان بأن الولايات المتحدة تستبعدهم من محادثات السلام». وأضاف: «أزال خليل زاد الخلافات بالاجتماع مع كبار السياسيين الأفغان وأعضاء من المجتمع المدني وشخصيات نسائية للتأكيد أن الولايات المتحدة لن تعزل الأفغان خلال الجولة المقبلة من محادثات السلام». ورفض مكتب غني التعقيب. وتحارب «طالبان» لطرد القوات الأجنبية وهزيمة قوات الحكومة. وقاومت الولايات المتحدة لسنوات المشاركة في محادثات مباشرة مع المتشددين، قائلةً إن العملية ينبغي أن تكون «ملكاً للأفغان وبقيادتهم». وقدمت «طالبان» الشهر الماضي مطالب لخليل زاد شملت تحديد جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية والإفراج عن كبار قادة «طالبان» من السجون في أفغانستان وباكستان.
وفي ظل تدهور الأوضاع الأمنية في أفغانستان اعترف الرئيس الأفغاني أشرف غني بأن نحو 30 ألفاً من قوات الأمن الأفغانية قُتلوا منذ بداية عام 2015. وهي حصيلة أكبر بكثير مما كان قد أُعلن حتى الآن. وأوضح غني هذا الأسبوع خلال مؤتمر عبر الفيديو في جامعة جونز هوبكنز في واشنطن حيث عمل مدرّساً، أنه منذ بداية عام 2015 «خسر 28529 من عناصر قواتنا الأمنية حياتهم». وأشار إلى أنّ 58 أميركياً قُتلوا في الإطار الزمني نفسه. وكانت القوات الحكومية الأفغانية قد تسلّمت في بداية عام 2015 مسؤولية ضمان أمن البلاد من قوات حلف شمال الأطلسي بعد انسحاب الجزء الأكبر من قوات حلف الأطلسي من أفغانستان مع نهاية عام 2014.
وقال الرئيس الأفغاني في حواره التلفزيوني مع جامعة جونز هوبكنز الأميركية: «أود أن أحيّي وطنيّة قوات الأمن الأفغانية، وكل واحد منهم هو متطوع». وتابع: «ليست لدينا خدمة إجبارية، ولا أحد مجبراً. ولو لم يكُن هناك زخم وطني، لا أعتقد أن الناس كانوا سيضحون بأرواحهم مقابل راتب قدره 200 دولار». وكان غني قد أعرب، الاثنين، عن ثقته بإمكان التوصل إلى اتفاق سلام لإنهاء تمرد حركة «طالبان»، إلا أنه حذر من أن تدخل باكستان المفترض قد يؤدي إلى عداوة طويلة الأمد. وقال غني: «أشعر بأن (اتفاق السلام) لم يعد مسألة إذا، بل مسألة متى». والتقى مؤخراً ممثلون لـ«طالبان» في قطر مبعوثاً من الولايات المتحدة التي تسعى إلى إيجاد طريقة لإنهاء أطول حروبها التي شنتها في 2001 عقب هجمات 11 سبتمبر (أيلول).
وتنفي باكستان اتهامها بدعم «طالبان»، وتشير إلى أنها تعاني داخلياً من العنف المتطرف.
ميدانياً، واصلت حركة «طالبان» شن هجماتها على القوات الأفغانية في عدد من الولايات، وأصدرت الحركة عدداً من البيانات عن العمليات التي نفّذها مقاتلوها، حيث أشارت إلى مقتل 8 من القوات الحكومية والاستيلاء على مقر أمني في ولاية غور غرب أفغانستان بعد تمكن قوات الحركة من مهاجمة مركز مديرية تشار صدا بالأسلحة الثقيلة، أول من أمس (الجمعة)، حيث استمر القتال من ساعات الصباح حتى بعد الظهر. وكان 3 من عناصر الميليشيا التابعة للحكومة في ولاية فارياب الشمالية قد انضموا إلى قوات «طالبان» في مديرية قيصر. فيما قنصت قوات «طالبان» أحد العناصر العسكرية الحكومية في ولاية هلمند الجنوبية في محيط مدينة جريشك، كما تمكنت قوات الحركة -حسب بياناتها- من قتل اثنين من القوات الحكومية في منطقة يخشال، إضافة إلى مقتل اثنين من عناصر الميليشيا في منطقة حاجي جانغ أغا وناوا، أول من أمس. وأعلنت الحركة في بيان آخر لها عن تدمير دبابة وسيارة عسكرية في ولاية فارياب بعد قصفها قافلة عسكرية حكومية كانت متوجهة إلى منطقة ديوانا خانا. وفي ولاية غزني، حيث تحتدم المواجهات بين قوات «طالبان» والقوات الحكومية، ذكرت «طالبان» في بيان لها أن قواتها شنت سلسلة غارات على القوات الحكومية في مدينة غزني، مركز الولاية، مساء (الجمعة)، مما نتج عنه تدمير مركزين أمنيين للقوات الحكومية. وأشار بيان «طالبان» إلى مقتل 11 من القوات الحكومية في القصف وجرح 9 آخرين، وتدمير دبابة بلغم أرضي زرعته قوات «طالبان» في منطقة قره باغ، مما أدى إلى مقتل جنديين وجرح 3 آخرين.
وشهدت ولاية لوغر جنوب العاصمة كابل اشتباكات بين القوات الحكومية وقوات «طالبان» في منطقة براك باري، مما أسفر عن مقتل 6 جنود حكوميين وتدمير دبابتين، حسب قول «طالبان». كما شهدت مديرية زرمت في ولاية بكتيا معارك بين قوات «طالبان» والقوات الحكومية أسفرت عن مقتل 4 جنود حكوميين وجرح اثنين آخرين. وكانت الحكومة الأفغانية قد ذكرت أن اثنين من مقاتلي «طالبان» لقيا مصرعهما وجُرح ثالث في انفجار لغم كانوا يعدّونه في ولاية كابيسا شمال شرقي العاصمة كابل. ونقلت وكالة «خاما بريس» المقربة من الجيش بياناً لفيلق الجيش الأفغاني شرق أفغانستان جاء فيه أن الحادث وقع حين كان مقاتلو «طالبان» يهمّون بزرع لغم على قارعة الطريق لاستهداف القوات الحكومية في المنطقة.
أرسل تعليقك