آلاف المدنيين يغادرون الباغوز مع اشتداد المعارك ضد داعش
آخر تحديث GMT05:10:29
 العرب اليوم -

آلاف المدنيين يغادرون الباغوز مع اشتداد المعارك ضد "داعش"

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - آلاف المدنيين يغادرون الباغوز مع اشتداد المعارك ضد "داعش"

المدنيين يغادرون مدينة الباغوز بوجوههم المتعبة
دمشق ـ نور خوام

بوجوههم المتعبة، وملابسهم المهترئة، وحقائب شبه خاوية وُضّبت على عجل، احتوت على قليل من اللوازم الشخصية وكثير من القهر والحزن والانكسار، يروي سكان قرية الباغوز الواقعة أقصى شرق سورية  أيامهم الأخيرة على وقع اشتداد المعارك العنيفة، المترافقة بقصف الطيران الحربي وسقوط قذائف الهاون والمدفعية.

ذاك النزوح الصعب، حيث لم يتوقع سكان تلك القرية المحاصرة من جهاتها الأربع، «النجاة»، وتمنوا لو أنه كان مجرد كابوس شتوي سيمر عليهم؛ دون أن ينخر البرد عظامهم في الواقع ويجبرهم على المبيت في العراء، ولم يسلم الذين فروا من الباغوز من قسوة الشتاء؛ إذ فتكت كثبان الرمال والرياح الشديدة الممتزجة بغبار الصحراء، بأجسادهم النحيلة وبنيتهم الهزيلة وأطرافهم المشدوّدة من البرد، وكانت بشرتهم الجافة الشاحبة تروي تفاصيل فرارهم من قبضة تنظيم داعش الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة.

تقول فاطمة (45 سنة) المتحدرة من مدينة البوكمال التابعة لمحافظة دير الزور وتقع أقصى شرق سورية ، حيث وصلت للتو إلى نقط آمنة تقع على بعد ثلاثة كيلومترات شمال شرقي الباغوز: «حقيقة كان كابوساً مخيفاً، عندما خرج مئات الناس كان أشبه بيوم الحشر، فالرصاص كان فوق رؤوسنا والطائرات كانت تحلق بالسماء، كان الموت بيننا وفوقنا وبكل مكان».

التفتت حولها لتتفقد بناتها وطفلها الرضيع وجارتها العراقية شيماء، وكانت تبلغ من العمر خمسين عاماً، والتي أوصتها الاهتمام بها طوال رحلة العبور، لتقول: «من يومين ما عرفنا طعم النوم والراحة»، طلبت المياه للشرب ثم رفعت نقابها الأسود ليظهر وجهها الشاحب الممتلئ بالتجاعيد من قسوة الظروف، وعند حديثها اغرورقت عيونها بالدموع، لتضيف: «حرمنا من مياه الشرب لأيام بسبب القتال وخوفنا من قناصة (داعش)».

أقرأ يضًا

- مقتل قائد الفرقة 11 في الجيش السوري في محافظة دير الزور

وفرَ المئات ليل الاثنين - الثلاثاء الماضي من الأمتار الأخيرة المتبقية تحت سيطرة تنظيم داعش، وتواصل: «قوات سورية  الديمقراطية» المرحلة الأخيرة من هجومها الهادف لإنهاء وجود التنظيم.

ونقلت عتاب، وهي سيدة في بداية عقدها الرابع، المتحدرة من مدينة الأنبار العراقية، كيف تمكنت من الفرار رفقة زوجها وأطفالها الخمسة، وقالت: «زوجي يعمل في تجارة المواد الغذائية وقرر المجيء إلى سورية ، افتتح محلاً في بلدة الشعفة، وبعد اندلاع المعارك هناك، نزحنا للباغوز، خفنا نهرب لأن الدواعش قالوا إن الطريق مزروعة بالألغام».

توقفت عن الكلام، نظرت إلى أطفالها وتابعت حديثها بصوت ممزوج بالقهر والحزن لتقول: «خوفي على أطفالي دفعني للهروب، لم أتمكن من اصطحاب أي شيء معنا، حتى ثيابهم التي يحبونها لم أجلبها معي، تركنا كل شيء خلفنا ونجونا بأرواحنا».

وتمكن البعض من الفرار إما سيراً على الأقدام قاصدين المنطقة المحرمة بين سورية  والعراق المجاور، أو نحو الممر الآمن الذي تمكنت «قوات سورية  الديمقراطية» من فتحه بداية معركة الباغوز المستمرة منذ 9 يناير (كانون الثاني) الماضي.

وقال مصطفى بالي، مسؤول المكتب الإعلامي لـ«قوات سورية  الديمقراطية»، إنهم تمكنوا من فتح ممر آمن لإجلاء المدنيين من الباغوز، والمعبر يقع على بعد 3 كيلومترات شمال شرقي قرية الباغوز بمحاذاة المنطقة المحرمة بين سورية  والعراق، «يومياً هناك مدنيون يعبرون ومنذ فتحه خرج أكثر من 30 ألفاً، لكن اللافت خروج نحو 1500 مدني»، مشيراً إنّ الفارين يتحدثون عن وجود الآلاف من المدنيين محاصرين جراء المعارك المستعرة، وأضاف: «سيؤثر هذا بشكل مباشر على سير المعركة وحسمها، قواتنا ملتزمة أخلاقياً بعزل المدنيين عن الاشتباكات، وتتعاطى بحذر مع هذه المعركة، ونعلم أن (داعش) يحتمي بالمدنيين ويتخذهم دروعاً بشرياً»، على حد تعبير مصطفى بالي. ويقول عبد الجبار، الرجل الأربعيني المتحدر من حلب شمالي سورية ، كيف أجبر على ترك مدينته بداية عام 2014 بعد اشتداد المعارك وانقسامها بين شطر خاضع للقوات الحكومية الموالية للأسد، وآخر تسيطر عليه فصائل الجيش السوري الحر وتنظيمات إسلامية، وقال: «قصدت بلدة هجين وبعد اشتداد المعارك فيها، نزحت إلى الباغوز، أنا أعمل في مجال تصليح الدراجات النارية والهوائية، كنت مطلوباً للنظام وأجبرت على ترك مدينتي».

ويروي عبد الجبار الصور المثقلة التي رافقت فراره من الباغوز والمشي وسط الانفجارات الشديدة، وعن طريق رحلته المحفوفة بالمخاطر يقول: «بالبداية الدواعش أرعبونا، قالوا لنا إن كل الطرق مفخخة والطيران يقصف بشدة، خرج مئات المدنيين وقررنا المسير معهم، وين ما يروحوا نروح معهم، والحمد لله نجونا ولم يصب أحد بأذى».

وكشف مصدر مطلع، أن وجهاء عشائر من أبناء الباغوز وناحية السوسة، عرضوا وساطة بين الطرفين للتوصل إلى هدنة، تفضي بتحييد المدنيين من المعارك العنيفة والإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين لدى «داعش»، إلا أن عناصر التنظيم طلبوا ممراً أمناً لنقل مقاتليه إلى مدينة إدلب غربي سورية  والخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام – جبهة النصر سابقاً – وتعد الفرع السوري لتنظيم القاعدة المحظور.
وبحسب المصدر، كانت طلبات «قوات سورية  الديمقراطية» الإفراج عن كافة الأسرى والرهائن والسماح للمدنيين الراغبين في الخروج بالعبور نحو مناطقهم، وقال: «سيما مقاتليه الذي سقطوا خلال المعارك الأخيرة، وجميع المختطفين والرهائن الذين في قبضة التنظيم ولا يزالون على قيد الحياة، وطلبوا الكشف عن أسمائهم ومصيرهم»، مشيراً إلى أن عناصر التنظيم أصروا على فتح طريق إلى إدلب: «لكن (قسد) رفضت ذلك، وفي الجولة الثانية تنازل التنظيم عن شروطه وطلب الطعام ومياه الشرب فقط، لكن (قسد) أعلنت استئناف القتال وقررت المضي في المعركة».

وقال ياسر (35 سنة) ويعمل سائق سيارة نقل، إن أكثر من 20 سيارة قامت بإجلاء المدنيين.

وقالت ليلوى العبد الله المتحدثة باسم حملة «عاصفة الجزيرة» للقضاء على آخر جيب خاضع لسيطرة التنظيم، إن معركة «دحر الإرهاب» باتت قاب قوسين لحسمها، وأوضحت أن اشتباكات مباشرة تدور بين قواتها وعناصر «داعش» في شوارع الباغوز، وعن المساحة الخاضعة لسيطرة عناصر التنظيم، قالت: «لا توجد مساحة محددة لديه، الاشتباكات تدور في الجهة الشرقية ولا تفصلنا سوى أمتار قليلة»، وكشفت أنّ جنسيات هؤلاء المقاتلين من الأجانب ولديهم خبرة كافية في قتال الشوارع والمناورة لكسب عامل الزمن،. وقال سعدون المتحدر من مدينة القائمة العراقية المواجهة لقرية الباغوز: «هربنا من الحشد الشعبي الشيعي إلى بلدة السوسة، وبعد اشتداد المعارك واقتراب قوات قسد أجبرنا التنظيم تحت قوة السلاح الخروج إلى الباغوز وكانوا يقول لنا إن الكفار سيقتلون الجميع»، وفي نقطة قريبة من خطوط الجبهة تبعد نحو 3 كيلومترات شمال الباغوز، قال عمر المكنى بـ«أبو زهرة»، وهو قيادي عسكري ميداني من «قوات سورية  الديمقراطية» إنّ الهجوم المضاد مستمر منذ إعلان استئناف الحملة السبت الماضي، «تدور اشتباكات عنيفة شرقي الباغوز ونحن حالياً نتقدم لتمشيط آخر الأمتار الخاضعة لسيطرتهم»، مشيراً إلى أن أقل من ربع القرية لا تزال تحت سيطرة المتشددين، لافتاً: «يصدون الهجمات بالقناصة وعبر التنقل بين الأنفاق التي حفروها، كما عمدوا إلى زرع الألغام والمفخخات والتي تبطئ من حسم المعركة».

وتستغرق رحلة العبور من قرية الباغوز حتى مخيم الهول التابع لمدينة الحسكة أكثر من 48 ساعة، بسبب إجراءات التفتيش والتدقيق في هويات الأشخاص الفارين خشية من تسلّل المقاتلين المتطرفين بين المدنيين.

وفي نقطة بالجانب الحدودي السوري، تبعد أمتار قليلة عن ساتر ترابي بالمنطقة الفاصلة بين سورية  والعراق المجاور، يقف مجموعة من الجنود الأميركيين ومسؤولين من قوات التحالف الدولي وقادة عسكريين من «قوات سورية  الديمقراطية»، يبدو أنها نقطة تفتيش.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا

- "داعش" يفشل في استغلال الأحوال الجوية لصالحه و"قسد" تتقدم في دير الزور

- إجلاء أكثر من 2000 شخص من آخر معاقل "داعش" في سورية

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آلاف المدنيين يغادرون الباغوز مع اشتداد المعارك ضد داعش آلاف المدنيين يغادرون الباغوز مع اشتداد المعارك ضد داعش



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار
 العرب اليوم - إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل
 العرب اليوم - بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب
 العرب اليوم - طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 18:25 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إخلاء تجمع سكني في تل أبيب بعد وقوع حادث أمني

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شمس البارودي تتحدث للمرة الأولى عن رحيل زوجها وابنها

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 10:27 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:41 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

ماجد الكدواني يواصل مُغامراته في"موضوع عائلي"

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حاتم يكشف مفاجأة حول إطلالاته الأخيرة

GMT 23:00 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

حقيقة زواج سمية الخشاب في العام الجديد

GMT 08:44 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

رامي صبري يوجّه رسالة لتامر حسني وهو يردّ

GMT 22:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يمازح الجمهور بعد مروره بموقف طريف

GMT 09:57 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل مسلسل إيمي سمير غانم وحسن الرداد في رمضان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab