كراكاس - مارك سعادة
بدأت فنزويلا، الدخول في أزمة جديدة بعد تصويت برلمانها، لصالح عزل رئيسها نيكولاس مادورو، لقصوره في أداء واجباته الوظيفية، معبدًا بذلك الطريق ليحل مكانه نائبه طارق العيسمي، السوري الأب واللبناني الأم، فيما لو لم تجر انتخابات في مهلة أقصاها 30 يومًا لاختيار خليفة له، ففي القانون الفنزويلي يتولى نائبه المنصب الأول في البلاد للعامين المقبلين والباقيين من ولاية الرئيس، تمامًا كما حدث العام الماضي في البرازيل، وجاؤوا بلبناني الأصل رئيسًا بعد عزل رئيستها.
وطالب برلمان فنزويلا مادورو بأن يترك منصبه وبإجراء انتخابات رئاسية، لنزع فتيل الأزمة، بحيث يعبر الشعب عن رأيه عبر التصويت، مؤكدًا أن "الطريق الوحيد لتسوية المشكلات الحادة التي تضرب البلاد هو إعادة السلطة للشعب الفنزويلي، وبالتالي الدعوة لإجراء انتخابات حرة وتعددية، في قرار وافق عليه 106 نواب معارضين، على حد ما نشرت صحيفة El Nacional المضيفة أن النواب الموالين للحكومة غادروا القاعة في بداية التصويت.
والعيسمي، الذي كان حاكمًا منذ 2012 لولاية Aragua المطلة على وسط الشمال الفنزويلي على بحر الكاريبي قبل تعيينه نائبًا للرئيس، أبصر النور في 1974 باسم طارق زيدان العيسمي مدّاح في فنزويلا، كثاني 5 أبناء لأبيه السوري الأصل زيدان الأمين العيسمي، والشهير في فنزويلا بأنه كان "مواليًا لصدام حسين" وبأنه هاجر من محافظة السويداء، وبالذات من "جبل حوران" المعروف أيضا باسم "جبل الدروز" في الجنوب السوري. أما والدته، فلبنانية الأصل من عائلة مدّاح، وهي كزوجها من طائفة الموحدين الدروز، المشكلين النسبة الأكبر من 200 ألف مغترب لبناني وسوري ومتحدر من البلدين، يقيمون في فنزويلا البالغ سكانها 32 مليونًا.
ومنذ أسبوع، أي في 4 يناير/كانون الثاني الجاري، عيّنه الرئيس مادورو نائبًا له من 2017 حتى العام المقبل، فأثار بقراره غضب المعارضة التي فازت في كانون الأول/ديسمبر الماضي بغالبية مقاعد البرلمان، والتي تتهم العيسمي من دون دليل بالمتاجرة في المخدرات وتوابعها، كما وبعلاقته بإيران وحماس وحزب الله، وأيضا بمعاداة السامية، وسريعًا انتفض هو على معارضيه، ووصفهم بأنهم "حفنة خونة، ينوون إلحاق الضرر بالوطن".
وكان العيسمي نشط في الماضي كقيادي طلابي خلال مرحلة دراسته في جامعة Los Andes حيث تخرج بالحقوق، وبعدها اشتغل كمحام متخصص بالجنائيات، ثم انضم في 1999 إلى "الحزب الاشتراكي الموحد" الحاكم الآن، وتقدم فيه إلى أن أصبح واحدًا من قادته الكبار. كما سبق أن كان نائبًا، ومن بعدها من 2008 إلى 2012 وزيرًا للداخلية والعدل زمن حكم الرئيس الراحل في 2013 بالسرطان، هوغو تشافيز، والذي زار سورية في 2009 ومنطقة "جبل الدروز" بالذات، وفيها أشاد بزعيم "الثورة السورية الكبرى" سلطان باشا الأطرش.
وطارق العيسمي، الموصوف في الإعلام الفنزويلي بأنه مقرب من إيران، تزوج فنزويلية، والدتها سورية الأصل ودرزية المذهب أيضا، من عائلة عامر، وهو أب لابنين، طارق أليخاندرو وسباستيان، من زوجته ريادا رودي عامر، حين تسلم منصبه كحاكم لولاية "أراغوا" عند ساحل فنزويلا من بحر الكاريبي.
وإذا هبت الرياح "العيسمية" كما تشتهي سفينته، فسيصبح طارق العيسمي أول درزي المذهب يتولى رئاسة دولة في العالم، وثاني سوري الأصل يتولاها في بلد في أميركا الجنوبية، بعد الرئيس الأرجنتيني الأسبق كارلوس منعم، وثاني عربي الأصل رئيسًا لدولة في القارة الأميركية حاليا، بعد ميشال تامر، وهو من أصل لبناني وتسلم منصبه في أغسطس/آب الماضي خلفًا للرئيسة التي عزلها البرلمان، ديلما روسّيف، وكان هو نائبها.
أرسل تعليقك