بيروت_ العرب اليوم
بعد مرور أكثر من شهر على اندلاع الحرب في أوكرانيا، أعلنت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية أمس (الأربعاء) الانتهاء من عملية إجلاء الرعايا اللبنانيين الراغبين بمغادرة أوكرانيا بنجاح، فيما حالت أسباب عدة دون مغادرة ما نسبته 15 في المائة من الجالية، حسبما أوضح رئيس الجالية اللبنانية في أوكرانيا علي شريم
وقالت الخارجية، في بيان، إن عملية إجلاء الرعايا تمت بالتعاون مع السفارات اللبنانية في أوكرانيا وبولندا ورومانيا وروسيا الاتحادية والهيئة العليا للإغاثة، ووصلت إلى نهاياتها المرجوة نتيجة تكامل وتعاون الجهات المذكورة أعلاه، رغم بعض الصعوبات التي واجهتها بسبب التطورات الميدانية وغياب الممرات الآمنة. وبحسب الأرقام، هناك أكثر من 4 آلاف لبناني في أوكرانيا، بينهم نحو 1800 طالب. ويشير شريم إلى أن ما نسبته 15 في المائة لم يغادروا أوكرانيا، قلة قليلة منهم انتقلت إلى العاصمة كييف، أما البقية فانتقلت إلى مدن أخرى صوب الغرب باتجاه مدينتي لفيف وأوجغرد.
ويعدد الأسباب التي أجبرت اللبنانيين على البقاء في بلاد تشهد اشتباكات عنيفة، ويشرح أن الأسر اللبنانية الحاصلة على الجنسية الأوكرانية ولديها شبان تتراوح أعمارهم بين الـ18 والـ60 سنة، لم تتمكن من المغادرة إذ يحظر القانون الأوكراني مغادرتهم، ويلزمهم بالمشاركة في الدفاع عن البلاد، وبالتالي كان قرار العائلات تلك البقاء مع أبنائهم، مشيراً في المقابل، إلى أن هناك من اختار البقاء في أوكرانيا بسبب العمل أو لاعتبارات أخرى.
ويعلن شريم عن مشكلة جديدة تواجه اللبنانيين ممن يملكون الجنسية الأوكرانية بعد اتصالات أجراها مع أشخاص معنيين في أوكرانيا أكدوا له أنه يتم إعداد مشروع قانون لاتخاذ إجراءات بسحب الجنسية ممن غادروا أوكرانيا خلال فترة الحرب، على اعتبار أن أي شخص يحصل على الجنسية الأوكرانية يتعهد بالدفاع عن البلاد، لافتاً إلى أن ذلك سبب إضافي أجبر بعض الأشخاص على البقاء في أوكرانيا خوفاً من فقدان الجنسية.
ويقول شريم: «تواجه الجالية التي بقيت في كييف وخاركوف، أي مناطق الاشتباك الحامية، مشاكل عدة أبرزها صعوبة التنقل بشكل كبير إضافة إلى فقدان العديد من الأدوية، أما المواد الغذائية فهي شبه مؤمنة في هذه المدن حالياً».
ورغم عودة غالبية الجالية اللبنانية إلى لبنان، فإن الرحلة من أوكرانيا إلى بيروت لم تكن سهلة، ويروي لوسيان حنا، طالب في السنة الرابعة في كلية طب الأسنان في خاركوف، لـ«الشرق الأوسط»، تفاصيل رحلته المحفوفة بالمخاطر، برفقة 15 شخصاً من الجالية اللبنانية بينهم ثلاث عائلات وستة أطفال، وطلاب.
واستعان لوسيان، وهو من ضمن الدفعة الثانية التي وصلت مطار رفيق الحريري الدولي، وبعض أصدقائه بمجموعة على تطبيق «واتساب» للالتقاء بالجالية اللبنانية والمغادرة سوياً. ويقول: «لم نكن نعرف بعضنا بعضاً من قبل، لكن استعنّا بالمجموعة وتواعدنا من خلالها للتجمع على محطات القطار». ويضيف: «كل 10 أشخاص تقريباً تجمعوا في محطة القطار للذهاب إلى لفوف ومنها إلى الحدود».
رحلة لوسيان ومجموعته من خاركوف وصولاً إلى فندق «فينيسيا» في بوخارست استمرت يومين ونصف وكانت «محفوفة بالخوف والخطر»، وفقاً له. يضيف: «الخوف كان على النساء والأطفال، كيف يمكن أن نضمن وصولنا إلى لفوف سالمين؟».
ويشرح: «كان علينا المرور عبر كل الأراضي الأوكرانية ومناطق الاشتباك للوصول إلى لفوف»، ويضيف: «لم نجد حلاً أمامنا سوى المخاطرة على الطرقات للوصول إلى محطات القطار ومنها إلى المنطقة الآمنة».
وفي حين تشير الأرقام الرسمية إلى وجود 1800 طالب في أوكرانيا، يقول شريم إن عدد الطلاب الذين كانوا في أوكرانيا هو نحو الـ1200 إذ غادر العديد منهم البلاد بسبب الأزمة اللبنانية والدولار الطلابي، مؤكداً أن جميع الطلاب تمكنوا من العودة إلى لبنان. ويخشى طالب السنة الرابعة في كلية الطب العام في جامعة خاركوف الأوكرانية اللبناني علي الدهيبي على مصير سنته الدراسية، رغم استئنافه متابعة الصفوف عن بعد منذ الـ21 من الشهر الحالي.
ويتساءل الدهيبي الذي كان ضمن أول مجموعة غادرت أوكرانيا، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هل يا ترى سيستمر التدريس عن بعد أو سيتم فرزنا إلى دول أخرى؟ لا شيء واضحاً بعد». ورغم أن «رحلة المشقة والمخاطر» من خاركوف الأوكرانية، حيث انتقل منذ أربعة أعوام بهدف متابعة دراسته الجامعية، إلى قريته الواقعة في شمال لبنان، النبي يوشع، أصبحت وراء ظهره، حسبما يؤكد، يقول: «بعد هذه التجربة نضجت مائة عام!».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك