واصل المسؤولون الإسرائيليون توجيه تهديداتهم بشن "غارات غير مسبوقة" على قطاع غزة، رغم إعلان حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في القطاع عدم إطلاقهما صاروخي "غراد" باتجاه إسرائيل، وإعلان الوفد الأمني المصري عن وقف التصعيد.
وقطع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، زيارته للولايات المتحدة، وخرج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من جلسة مشاورات للقيادات الأمنية، ليعلن أنه سيوجه ضربات شديدة للقطاع، وفي الجلسة الأسبوعية للكابنيت (المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية في الحكومة الإسرائيلية)، طرح وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، خطة حربية لغارات على القطاع، غير مسبوقة في حجمها منذ الحرب الأخيرة.
وأعلن في تل أبيب أن رئيس المخابرات المصرية، اللواء عباس كمال، ألغى خطته للوصول إلى إسرائيل، وإلى كل من رام الله وغزة، الخميس، إلى حين يعود الهدوء، وأكد مصدر مقرب من الوفد الأمني المصري إلغاء الزيارة المقررة لغزة.
وأطلقت جهة ما في قطاع غزة صاروخين من طراز "غراد" باتجاه إسرائيل، فجر الأربعاء، في الوقت الذي كان فيه وفد أمني مصري كبير بدأ جولة جديدة لتحقيق تهدئة بين إسرائيل و"حماس" من جهة، ودفع جهود المصالحة الفلسطينية بين السلطة و"حماس" من جهة ثانية.
وسقط الصاروخ الأول في البحر الأبيض المتوسط، مقابل شواطئ تل أبيب ويافا، ولم يحدث خسائر، وسقط الثاني فوق بيت في مدينة بئر السبع، وتسبب في أضرار جسيمة وأحدث هلعا بين المواطنين.
وأعلنت الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية في غزة رفضها لما أسمته "كل المحاولات غير المسؤولة، ومنها عملية إطلاق الصواريخ الليلة الماضية"، وقالت في بيان لها: "نحيي الجهد المصري المبذول لتحقيق مطالب شعبنا، ونرفض كل المحاولات غير المسؤولة التي تحاول حرف البوصلة، ومنها إطلاق الصواريخ الليلة الماضية"، لكن الحكومة الإسرائيلية اعتبرت البيان: "ألعوبة من (حماس) و(الجهاد الإسلامي)، تشكل استمرارا للنهج الذي يتبعانه بقيادة المسيرات وإرسال البالونات المتفجرة نحو البلدات الإسرائيلية"، وأرسلت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي لشن 20 غارة على القطاع، وهو ما تسبب في مقتل الشاب ناجي جمال الزعانين (25 عاما).
وحمل الجيش الإسرائيلي حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" المسؤولية عن إطلاق القذيفتين، بداعي أنهما التنظيمان الوحيدان اللذان يملكان مثل هذه القذائف، لجهة المدى والدقة، وأن امتناعهما عن تحمل المسؤولية، يأتي بهدف تحييد رد إسرائيلي عنيف محتمل. وعزت تحليلات أمنية وعسكرية، الهدف من التصعيد إلى جعله ورقة ضغط على مفاوضات التسوية التي وصلت إلى طريق مسدود.
وهدد نتنياهو بتوجيه ضربات شديدة لقطاع غزة، في حال لم يتوقف إطلاق الصواريخ. وقال للصحافيين، خلال زيارة إلى مقر فرقة غزة العسكرية، بعد سقوط صاروخ في مدينة بئر السبع: "إذا لم تتوقف هذه الهجمات، فإننا سنوقفها. وأريد أن أقول لكم اليوم، إن إسرائيل ستعمل بقوة بالغة"، موجها كلامه إلى المجلس الوزاري في بداية اجتماعه.
وقال وزير الطاقة وعضو المجلس يوفال شطاينتس، إنه يجب على إسرائيل أن ترد على سقوط قذيفة في بئر السبع بهجوم عنيف، مضيفا أن الهدف هو "جباية الثمن بحيث يكون من الواضح أنه تم تجاوز خط أحمر"، لكن دون الدخول في حرب شاملة. وأضاف أنه "يمكن تحقيق الهدوء من خلال إنزال ضربة مؤلمة لحركة حماس". وبحسبه، فإن إعادة "الهدوء إلى الجنوب" يتم إما عن طريق توجيه ضربة قاسية ومحدودة، ثم محاولة التوصل إلى تهدئة، أو القيام بحملة عسكرية، أو شن حرب شاملة على قطاع غزة.
وأجرى نتنياهو جلسة طارئة لتقييم الأوضاع في مقر قيادة فرقة غزة، بمشاركة كل من وزير الدفاع، ونائب رئيس هيئة الأركان العامة لجيش الدفاع، ورئيس هيئة الأمن القومي، ورئيس جهاز الأمن العام، ومسؤولي الأجهزة الأمنية المختلفة. والتقى رئيس الوزراء بعد انتهاء تقييم الأوضاع الأمنية، مع رؤساء السلطات المحلية في منطقة غلاف غزة. ثم أدلى بتصريح قال فيه إن "إسرائيل تنظر ببالغ الخطورة إلى الاعتداءات التي تشن على السياج الحدودي وعلى غلاف غزة وعلى بئر السبع وعلى أي مكان آخر. وقلت في مستهل جلسة الحكومة، إنه إذا لم تتوقف تلك الاعتداءات فسنوقفها بأنفسنا. وأقول لكم اليوم، إن إسرائيل سترد بقوة كبيرة".
وأعلن الناطق بلسان الجيش، أن رئيس الأركان، غادي آيزنكوت، قطع زيارته للولايات المتحدة وألغى سلسلة من الاجتماعات المهمة، وعاد إلى تل أبيب. وفي ساعات المساء، عقد المجلس الوزاري الأمني المصغر جلسته الأسبوعية للبحث في التدهور الجديد. وعرض فيه ليبرمان خطة لشن هجوم واسع النطاق على قطاع غزة، بدعوى فشل جهود الوساطة للتوصل إلى تهدئة. وادعى ليبرمان أن جميع جهود الوساطة عبر الأمم المتحدة ومصر وقطر، فشلت في التوصل لأي صيغة نهائية للتهدئة في غزة، ولم تنجح في "تعزيز الهدوء في الجنوب"، على حد تعبيره.
وقالت مصادر مطلعة إن خطة ليبرمان لم تتضمن اجتياحا بريا؛ بل اقتصرت على تنفيذ غارات غير مسبوقة في شدتها، منذ الحرب الأخيرة في سنة 2014. وقال ليبرمان إنه مستعد لأن يوجه هذه الضربة حتى لو قادت إلى حرب، لكن معارضي ليبرمان، اعتبروا خطته مجرد موقف سياسي مزايد، رد فيه على معارضيه الذين يتهمونه بالجبن، ويقولون إنه "مشغول بالشأن الحزبي الداخلي، دون تقديم خطة أمنية محددة".
أرسل تعليقك