لمّح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى تغيير جديد في بنية مجلس الشورى العسكري الأعلى المسؤول عن القرارات التي تتعلق بالجيش والترقيات والإبعاد من الخدمة العسكرية بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 24 يونيو/ حزيران المقبل، وذلك بعدما أُعيدت هيكلة المجلس وتغليب الجناح المدني عقب محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو/ تموز 2016.
وقال إردوغان إنه سيتم اتخاذ جميع الخطوات المتعلقة بالنظام الرئاسي، وغيرها من الخطوات بشأن الكيفية التي سيكون عليها مجلس الشورى العسكري الأعلى، ومن يحق لهم الانضمام إلى عضويته، دون مزيد من التفاصيل.
ونفى الرئيس التركي، في مقابلة على الهواء مباشرة من خلال بث مشترك لثلاث قنوات تلفزيونية ليل الإثنين ما تردد من أنباء بشأن نيته تعيين رئيسي هيئة الأركان العامة للجيش خلوصي أكار، وجهاز المخابرات هاكان فيدان، في حكومته التي سيشكّلها حال فوزه في الانتخابات الرئاسية في يونيو/ حزيران المقبل.
وقال إردوغان: "هذه الفكرة غير واردة في الوقت الراهن، لكنّ رئيسي الأركان العامة للجيش وجهاز المخابرات يحظيان بأهمية كبيرة في الدول التي تُحكم بأنظمة رئاسية، ومن الطبيعي خلال فترة حكمنا، أن تحافظ هذه المؤسسات على أهميتها، وحاليا نواصل العمل على ماهية المسؤوليات التي ستتولاها هذه المؤسسات في هذا الإطار".
وذكر أن عدد الوزراء في تشكيلته الحكومية المقبلة سيكون أقل من 20 وزيرا، وقد يكون 13 أو 15 أو 17، وسيكون هناك نائب أو نائبان لرئيس الجمهورية في المرحلة الأولى، مشيرا إلى أن عدد الوزراء في السابق كان يتراوح ما بين 37 و38 وزيرا، وتم تخفيض العدد إلى 25 وزيرا خلال رئاسته لتركيا منذ عام 2014.
وعبّر إردوغان عن ثقته في الفوز وحزبه بالانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة، وثقته بأن القادم سيكون أفضل من حيث النتائج، قائلا إن "الفضل في ذلك يعود إلى الشعب التركي الذي يدرك جيدا من نحن، ومن ثم فتح الطريق أمامنا".
ودعا إردوغان الناخبين الأتراك إلى التصويت لحزب العدالة والتنمية وتحالف الشعب، الذي يضم حزبه مع حزب الحركة القومية، ويدعمه حزب الوحدة الكبرى، في الانتخابات المقبلة، مشددا على الحاجة إلى برلمان قوي وحكومة قوية من أجل رئيس قوي يدير البلاد.
ورفض إردوغان ما ذكره منافسه في الانتخابات الرئاسية مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض محرم إينجه، من أن إردوغان استأذن الداعية فتح الله غولن، المقيم في أميركا والذي يتهمه حاليا بتدبير محاولة الانقلاب عليه في 2016، لتأسيس حزب العدالة والتنمية عام 2001. وطالبه بإثبات صدق كلامه، متسائلاً: "لماذا أستأذن غولن لتشكيل حزب"، وأضاف: "لست سياسيا وضيعا لدرجة أن أتوجه إلى غولن لطلب الإذن من أجل تشكيل حزب، فتأسيس الحزب تم بفضل رفاق دربي، وأصدقائي في القضية التي أسسنا من أجلها الحزب".
كان إردوغان اتهم "بعض القوى" بأنها تريد تعليقه ورفاقه على أعواد المشانق كما فعلوا مع رئيس الوزراء الراحل عدنان مندريس عقب انقلاب 27 مايو/ أيار 1960، لكنه قال إن وعي الشعب التركي يقف حائلاً في وجه الراغبين بتكرار سيناريو إعدام مندريس.
واتهم إردوغان رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، كمال كليتشدار أوغلو بـ"أداء التحية للدبابات التي حاصرت مطار أتاتورك في إسطنبول ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، في الوقت الذي كان فيه عشرات الآلاف من الشباب يدافعون عن الديمقراطية هناك".
واستنكر إردوغان موقف السلطات الألمانية من الحملات الانتخابية للمسؤولين الأتراك هناك، واشتراطها عليهم الحصول على إذن قبل الموعد المحدد لأي تجمع بثلاثة أشهر، متسائلا: "هل يأخذ حزب العمال الكردستاني الإذن منكم قبل 3 أشهر؟"، وأضاف: "دعوكم من الحملات الانتخابية لحزبنا، فهم حتى لا يسمحون لمنظمات المجتمع المدني التركية هنا بالقيام بأي أنشطة، لا يعطون لهم أي قاعات للقيام بالفعاليات المختلفة".
وشدد على ضرورة أن يكون هناك احترام متبادل بين البلدين، قائلا: "وإلا فإننا سنرد بالمثل على عدم الاحترام ونقوم باللازم". في الوقت ذاته، وجّهت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الدعوة إلى إردوغان لزيارة برلين، ووفقا للمصادر، قالت ميركل لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الذي يزور ألمانيا حاليا: "ننتظر الرئيس إردوغان في برلين عقب الانتخابات المقبلة".
في سياق موازٍ، أطلقت الشرطة التركية، عملية واسعة لتوقيف على 41 ضابطا بالجيش للاشتباه في صلتهم بحركة "الخدمة" التابعة للداعية فتح الله غولن، وأصدرت نيابة ولاية قيصري (وسط) قرارا بتنفيذ هذه الاعتقالات، وأوضحت أن 31 من الضباط المطلوبين ما زالوا في الخدمة، وانطلقت العملية بشكل متزامن في 16 ولاية تركية، وتم القبض على 17 منهم.
ومنذ مطلع مايو/ أيار الجاري، تم اعتقال 500 من أفراد الجيش التركي للاشتباه في صلتهم بحركة غولن.
وحسب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اعتقلت السلطات التركية أكثر من 160 ألف شخص في ظل حالة الطوارئ التي فُرضت عقب محاولة الانقلاب، نحو 60 ألفاً منهم فقط قيد المحاكمات، والباقي رهن الحبس الاحتياطي، بينما سرحت أو أوقفت عن العمل عددا مماثلا في أوسع حملة تثير انتقادات واسعة لتركيا، بينما تقول حكومتها إنها مطلوبة من أجل القضاء على تهديدات تحدق بأمن البلاد.
أرسل تعليقك