لم يقرأ «تيار المستقبل» في كلام وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال إلا العودة إلى «منطق (حزب الله) في مقاربته لمطلب تمثيل (سُنة 8 آذار) في الحكومة، وبالتالي سقوط أي محاولة للحلّ في المدى المنظور في وقت يَعتبر (التيار الوطني الحر) أن تذليل هذه العقدة لا يزال ممكناً، وجهود باسيل في هذا الإطار لن تتوقّف».
كانت المواقف بعد اجتماع باسيل بـ«اللقاء التشاوري» الذي يضم «النواب الستة»، أول من أمس، قد أظهرت عدم إيجابية تجاه الحلّ، حتى إنّ وزير الخارجية رأى أن المشكلة سنيّة - سنّية، معترفاً بحق هؤلاء في التمثيل وداعياً الحريري إلى لقائهم، وهو ما ليس وارداً بالنسبة إلى الأخير، حسب ما سبق أن أعلن، وعاد وأكده القيادي في «المستقبل» مصطفى علوش.
وقال علوش في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «بعد مواقف باسيل المعلنة وغير المعلنة، من الواضح أنّ حراكه يدور في حلقة مفرغة ويعكس عودته إلى الطرح الأساسي المتمثل في تمثيل هؤلاء النواب من حصّة سعد الحريري، ما يعني تبنيّه لمنطق (حزب الله) الذي لن يؤدي إلى حلّ»، موضحاً: «باسيل لا يمكنه أن يعارض الحزب».
وبينما رأى علوش أنْ لا أفق لتأليف الحكومة في المدى المنظور إذا بقيت المعطيات والمواقف كما هي، اعتبر أن رئيس الجمهورية ميشال عون بإمكانه إيجاد حل عبر طرح جدّي لإنقاذ عهده والاتفاق مع «حزب الله» على وزير سنّي من حصّته، مضيفاً: «لكن يبدو أن العهد يريد الاحتفاظ بـ11 وزيراً مهما كان الثمن».
وكرّر تأكيد أن لقاء الحريري مع النواب السنة، من دون جدوى، سائلاً: «بأي صفة سيلتقي معهم وهو الذي كان قد التقاهم في الاستشارات النيابية كلٌّ منهم ضمن كتلة مختلفة؟».
ويوافق أنطوان زهرا، النائب السابق في «القوات اللبنانية»، علوش في رأيه، قائلاً في حديث تلفزيوني: «ما يسعى إليه الرئيس الحريري هو الحفاظ على التسوية الرئاسيّة، إلا أننا فوجئنا بأن الوزير باسيل يزور الأطراف ليردد كلام أمين عام (حزب الله) حسن نصر الله، وبالتالي ظهر الوسيط كأنه طرف». وأضاف: «من الواضح أن اعتبار الوزير باسيل أن المشكلة سنيّة - سنيّة هو لرمي أزمة التشكيل في ملعب الرئيس الحريري».
في المقابل، ينفي النائب في «التيار الوطني الحر» ماريو عون، انتهاء مبادرة باسيل والحراك الذي يقوم به أو وقوفه مع طرف ضدّ آخر، مشدداً على أنه على الأفرقاء الآخرين العمل أيضاً لإيجاد حلّ. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «وزير الخارجية لم يعلن عن فشل المباحثات، وهو أخذ على عاتقه هذه المهمّة وسيستمر بها، خصوصاً أنه من الطبيعي ألا تُحلّ الأمور من الاجتماع الأول الذي لم يكن سلبياً».
ورغم إعلان باسيل بعد لقائه النواب السُّنة أن طرح مبادلة الرئيس عون وزير مسيحي مع وزير سني من الرئيس المكلف، سقط، قال عون إن كل الطروحات لا تزال قيد البحث، وهناك خطوات واقتراحات أخرى قد تظهر في المرحلة المقبلة.
لكنّ «حزب الله» رفض على لسان النائب في كتلته إبراهيم الموسوي، تسمية مطلب تمثيل النواب السنة بـ«العُقدة السنيّة»، التي أتت على لسان حليفه وزير الخارجية، من دون أن يسمّيه.
وشدّد الموسوي على «أن وقوف (حزب الله) إلى جانب النواب المستقلين السنة، ليس من منطلق سني وشيعي، بل بناءً على ما أفرزته نتائج قانون الانتخاب النسبي»، وقال: «أنا هنا أرفض تسمية العُقدة السنية، هي ليست عُقدة، هو حق في أن يمثَّل الناس، فلا تسمّوها عقدة كي تعرقلوا وتقولوا إن هناك من يعرقل، فهذا حق مكتسب لهؤلاء هو حق الوفاء، ولهم هذا الحق، هم يعطونه أو يسامحون فيه أو يثبتون عليه وإنّا لثابتون ما بقوا وثبتوا».
بدوره، رأى «حزب الكتائب» أنْ لا شيء يؤشر إلى قرب تأليف الحكومة. وقال مكتبه السياسي في بيان له بعد اجتماعه الأسبوعي برئاسة رئيس الحزب النائب سامي الجميل: «على بعد أيام من ذكرى الاستقلال، ورغم مضي ستة أشهر على التكليف، البلاد من دون حكومة أصيلة. عُقد التعطيل تتوالد ولا شيء يؤشر إلى قرب ولادة هذه الحكومة، ما دام أنه لا رؤية وطنية جامعة، وأن الانهماك بتقريش نتائج الانتخابات حصصاً وحقائب وزارية، يعلو على أي مصلحة لبنانية عليا، بينما الاستحقاقات داهمة، والتحذيرات الدولية تتوالى، واللبنانيون غارقون في معاناتهم يبحثون عن أمان اقتصادي ومعيشي مفقود».
ودعا بيان «الكتائب» إلى «استخلاص العبر من عهود سابقة مرّت بتجارب وخضّات مماثلة»، مجدداً «مطالبته بتشكيل حكومة اختصاصيين مهمتها الإنقاذ العاجل، على أن تترك ملفات السياسات العليا، للبحث بين رؤساء الكتل النيابية تحت قبة البرلمان».
أرسل تعليقك