بيروت ـ فادي سماحه
تسلك «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» في لبنان طريقها نحو المجلس النيابي الذي يعتزم إقرارها بسرعة بموجب قانون، تصوّت عليه أغلبية النواب، بعد أن أقرّته لجنتا الإدارة والعدل والمال والموازنة، وسط توافق نيابي واسع، وأعلن رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان، أن الهيئة «سيكون لها دور مفصلي في الحرب على الفساد». ويتزامن تسريع خطوات إنشاء هذه الهيئة، مع الإجراءات القضائية التي بدأت قبل شهر ضمن حملة واسعة لمكافحة الفساد، وأدت إلى توقيف عشرات الأشخاص في الوزارات والإدارات الرسمية، بينهم مديرون عامون ومساعدون قضائيون وأطباء وضباط ورتباء في عدد من الأجهزة الأمنية، ممن ثبت تورطهم في عمليات تزوير شهادات جامعية ومستندات رسمية، والتلاعب بملفات قضائية، ومساعدة مطلوبين للعدالة على الإفلات من مذكرات التوقيف الصادرة بحقهم.
وتعوّل الكتل النيابية التي عملت على صياغة مشروع قانون هذه الهيئة، على دورها في ضبط إيقاع العمل في مؤسسات الدولة، ورأى عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب جورج عقيص في تصريح إعلامي، أن «هذه الهيئة تشكل مرجعية وطنية لتلقي التصاريح التي يقدّمها المسؤولون عن أموالهم، وقادرة على نشر التقارير عن حالات الفساد في لبنان»، مشيراً إلى أنها «تتمتع بصلاحية الادعاء والملاحقة أمام القضاء المختص على المتورطين، ولها الحق بأن تطلب منع السفر ورفع السرية المصرفية عن المشتبه بهم بقضايا فساد».
وتتكوّن الهيئة وفق ما ينصّ مشروع قانون إنشائها من قاضيين متقاعدين بمرتبة الشرف، على قدر عال من الخبرة والكفاءة العلمية، ومن متخصصين في علم الإدارة والمال وشخصيات من المجتمع المدني، وقد يصل عدد أعضائها إلى عشرة. ولفت النائب جورج عقيص وهو عضو في لجنة الإدارة والعدل، إلى «وجود قوانين حديثة صدرت في الأشهر الأخيرة، منها ما يتعلّق بالشفافية في قطاع النفط، وقانون حق الوصول إلى المعلومات، وهي تستكمل من خلال بناء منظومة مكافحة الفساد، التي تشكل الهيئة الجديدة ذروتها؛ خصوصاً أن الهيئة تتمتع باستقلالية تامة، ولا تخضع لوصاية الحكومة أو مجلس النواب، وستصبح مرجعية للنظر بكل قضايا الفساد، وإصدار التقارير ومساعدة السلطة القضائية في عملها».
اقرأ أيضا:
القوى التجييريّة السنّية تُسيطر على الساحة الطرابلسية في لبنان
وتختلف النظرة إلى دور هذه الهيئة، حتى لدى رجال القانون؛ حيث لفت وزير العدل السابق شكيب قرطباوي إلى أن الهيئة «لا تملك الصفة القضائية للملاحقة، لكنها قد تكون ذات صلاحية رقابية تساعد على إحالة الملفات على النيابات العامة، وتشكل حلقة وصل بين المواطن والقضاء». وأوضح قرطباوي لـ«الشرق الأوسط»، أن هكذا هيئة «تقع بين حدّين متناقضين، الأول سلبي يتعلّق بزيادة البيروقراطية في المؤسسات العامة وتأخير الإجراءات القضائية بحق المرتكبين، والثاني إيجابي، مرتبط بزيادة هيئات الرقابة والملاحقة، في بلد بات الفساد فيه نمط عيش، ويعتبره المواطنون ظاهرة عادية في حياتهم اليومية».
وشكّل التوافق النيابي على إقرار قانون هيئة مكافحة الفساد حالة فريدة، بخلاف مشروعات القوانين الأخرى التي تختلف القوى السياسية حول مقاربتها، وكل فريق يحاول إدخال تعديلات تتلاءم مع وضعه داخل السلطة، ولفت النائب عقيص إلى أن «التوافق حول إنشاء الهيئة كان كاملاً، سواء في لجنة الإدارة والعدل أو في لجنة لمال والموازنة». وعزا السبب «لارتباطها بقوانين صادق عليها المجلس النيابي ولحظ ضرورة وجودها».
قد يهمك أيضا:
ملفات شائكة وتباطؤ حكومي يهددان جدوى "مؤتمر سيدر" في مساندة لبنان
تلاعب قانوني يحوّل مواطنًا لبنانيًا إلى "مطلوب دولي للإنتربول"
أرسل تعليقك