بغداد - العرب اليوم
بدأت تفاصيل فاجعة محافظة بابل العراقية تتكشف أمام الرأي العام، وسط مطالبات بإنزال أقصى العقوبات بحق المتورطين بها، وسط دعوات لإلغاء قانون "المخبر السري"، الذي تعمل وفقه بعض القوات الأمنية.القصة بدأت عندما أعلنت القوات الأمنية العراقية، مساء الخميس، أن مطلوبا بتهمة الإرهاب، ارتكب مجزرة بعائلته بعد محاصرته من قبل قوة أمنية، حيث أقدم على قتلهم جميعا، والانتحار لاحقا، بعد اشتباك دام ساعتين، وفق الرواية الرسمية.
13 متهما
بعد وصول وسائل الإعلام إلى موقع الجريمة، والتحدث إلى ذوي الضحايا، فضلا عن صدور بيان رسمي من القضاء، تبين أن هناك خلافات عائلية بين رب الأسرة وأحد أقاربهم الذي يعمل ضابطا في وزارة الداخلية.وقدم الأخير بلاغا ضدهم إلى القاضي بتهمة الإرهاب، واصطحب قوة أمنية إلى دارهم وشن هجوما عنيفا عليه، أودى بحياة 20 شخصا، من بينهم نساء وأطفال.وأعلن مجلس القضاء الأعلى، الاثنين، تصديق أقوال 13 متهما في القضية التي هزت الرأي العام في البلاد.
وقال إعلام مجلس القضاء الأعلى في بيان: "قاضي التحقيق المختص صدَّق أقوال 13 متهما، من بينهم 9 ضباط، و3 منتسبين، إضافة إلى المخبر الذي أدلى بالمعلومات غير الصحيحة".وأوضح أنه "من خلال التحقيقات التي جرت مع المتهمين، تبين سبب حصول الحادث، بناءً على بلاغ كاذب من قبل (ابن أخ المجني عليه/زوج ابنته) نتيجة خلافات عائلية بينهما، حيث أدلى بمعلومات غير صحيحة للأجهزة الأمنية، مدعيا وجود إرهابيين مطلوبين، وفقا للمادة (4 /1) من قانون مكافحة الإرهاب في دار (المجني عليه)، لتتم مداهمة منزله من قبل الأجهزة الأمنية".وسلطت تلك الواقعة الضوء مجددا على نظام "المخبر السري"، الذي بدأ العمل به خلال السنوات الماضية، كأحد أساليب تحصيل المعلومات الأمنية، بمنح مكافآت مالية للأشخاص الذين يقدمونها، وعادة ما تتبنى قوات الأمن هذه المعلومات في التحرك ضد الأشخاص الذين يستهدفهم المخبر السري.
ضحايا بالآلاف
وتسببت تلك الوشايات في زج عشرات الآلاف من الأشخاص في السجون، خاصة في المدن التي شهدت الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، فيما استخدمها آخرون لأغراض شخصية، أو في حالة الانتقام من الخصوم.وأعلن القضاء العراقي، خلال فترة سيطرة تنظيم داعش، على بعض المدن، إحالة نحو 500 مخبر سري إلى القضاء، بتهمة البلاغ الكاذب.ولا توجد أرقام رسمية بشأن ضحايا نظام "المخبر السري" في العراق، لكن سياسيين وحقوقيين يتحدّثون عن عشرات الآلاف من الذين تم الزج بهم في السجون بسبب المعلومات التي قدمها مخبرون سريون، فيما شدد القضاء العراقي مؤخرا على ضرورة عدم التعاطي مع تلك المعلومات.
بدوره، أكد الخبير في الشأن الأمني فاضل أبو رغيف، أن "نظام المخبر السري تسبب بالكثير من الظلم، وراح ضحيته بعض الأبرياء، وهو ما التفت إليه القضاء العراقي، وقنّن على نطاق واسع، تلك القضية".وأشار إلى "ضرورة إلغاء هذا النظام، واعتماد الآليات القانونية المتعارف عليها دوليا في التعاطي مع المعلومات".وأضاف أبو رغيف في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه "يجب إعادة النظر بكل الذين صدرت بحقهم أحكام طويلة أو قصيرة الأمد، إثر وشاية من المخبر السري، لأنه خلق فجوة بين مكونات الشعب العراقي، وحالة من الفتنة والنفاق، وأجج الوضع في بعض المناطق".
ودعا الخبير في الشأن الأمني إلى "ضرورة إلغاء هذا النظام، الذي زج بالكثير من الأبرياء بالسجون".ولم تكن حادثة بابل هي الأولى التي تسببت بها البلاغات الكاذبة، وإنما هناك الكثير من الجرائم والأحداث التي شهدها العراق، تسببت بها بلاغات غير صادقة.وتصل تلك البلاغات إلى القوات الأمنية التي تتحرك نحو اعتقال الأشخاص المعنيين، وزجّهم في السجون، وتنزع منهم الاعترافات لحين عرضهم على القاضي، فيما يحتاج وصولهم إلى المحكمة، عدة أسابيع أو أشهر، بينما تتحدث تقارير عن وجود بعض المعتقلين لم يُعرضوا للمحاكمات منذ سنوات.
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك