أكدت وزارة الدفاع الروسية أنها شنت هجومًا صاروخيًا "مكثفًا ومباغتًا" استهدف تجهيزات ومخازن لتنظيم "داعش" في محافظة حماة السورية. وأعلن خبراء عسكريون أن الضربة تأتي في سياق "تحضيرات لرسم ملامح مناطق خفض التوتر" خلال الجولة الجديدة من المفاوضات في آستانة بداية الشهر المقبل. وتزامن التطور مع تحذير روسي واشنطنَ من تداعيات "التصرفات الأحادية" للولايات المتحدة في سورية والدعوة إلى "الالتزام بما تم التفاهم عليه في آستانة".
واستعرضت روسيا مجددًا قدراتها الصاروخية، في عملية مزدوجة هدفت إلى "القضاء على تجهيزات تنظيم "داعش" في بلدة عقيربات بمحافظة حماة، إذ أطلقت ستة صواريخ مجنحة من طراز "كاليبرا" من فرقاطتين عسكريتين وغواصة تابعة للبحرية الروسية، شاركت في عملية الإطلاق من مياه البحر المتوسط. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان، إن الهجوم الذي أعقبه قصف جوي مركز نفذته طائرات حربية، "نتج منه تدمير مراكز قيادة ومخازن أسلحة للإرهابيين".
ولفت بيان الوزارة إلى أن "الضربة الصاروخية المكثفة والمفاجئة دمرت مراكز قيادة ومخازن كبيرة للأسلحة والذخيرة وانفجرت ترسانة المسلحين بعد إصابتها مباشرة بدقة متناهية". وأوضح البيان أن "من تبقى من مسلحي "داعش" ومنشآتهم في المنطقة تم القضاء عليهم بضربات جوية نفذتها قاذفات تابعة للقوات الروسية".
وذكرت الوزارة أنها أبلغت القيادتين العسكريتين في تركيا وإسرائيل بإطلاق الصواريخ، عبر قنوات الاتصال "في الوقت المناسب". ولفت هذا التأكيد الأنظار، إذ تعمدت موسكو تجاهل إبلاغ الجانب الأميركي بالضربات، انسجامًا مع قرارها تجميد التنسيق العسكري مع الجانب الأميركي. كما أن خبراء عسكريين روسًا تحدثوا عن أن إبلاغ تركيا سلفًا، يعكس تأكيدًا روسيًا لتسريبات تحدثت في وقت سابق، عن أن منطقة إدلب ستكون تحت رعاية روسية – تركية مشتركة في المرحلة المقبلة.
وأشارت مصادر روسية إلى أن واشنطن "راقبت الضربات الصاروخية والغارات الروسية عبر طائرة استطلاع رصدت نشاط القطع العسكرية الروسية من ارتفاع 8 آلاف متر. وكانت روسيا استخدمت صواريخ "كاليبرا" المجنحة مرات عدة في السابق، كان أحدثها قبل شهرين عندما نفذت هجومًا مماثلًا من فرقاطة وغواصة عسكرية على مواقع قرب تدمر.
إلى ذلك، أفادت وزارة الدفاع الروسية بأن الوضع في مناطق تخفيف التوتر في سورية "لا يزال مستقرًا" على رغم وقوع "انتهاكات محدودة بلغ عددها في الساعات الـ24 الماضية وحدها بحسب مركز المتابعة الروسي في قاعدة "حميميم" 25 خرقًا، رصد الجانب الروسي منها 13 انتهاكًا، بينما رصدت تركيا 12. وأوضحت الوزارة أن "معظم حوادث إطلاق النار من أسلحة نارية في شكل عشوائي تم رصدها في مناطق تخضع لسيطرة مسلحي تنظيمي "داعش" وجبهة النصرة الإرهابيين".
وربطت تعليقات خبراء عسكريين روس أمس، بين الضربات الصاروخية في إدلب، والتحضيرات الجارية للجولة المفاوضات الجديدة في آستانة، المقررة في الرابع من الشهر المقبل التي أكدت موسكو أن هدفها الأساسي وضع خرائط لمناطق خفض التوتر، والتوصل إلى آليات المراقبة على نظام وقف النار فيها. وشكل هذا الملف محور نقاش خلال مكالمة هاتفية تمّت مساء الخميس، بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي ريكس تيلرسون.
وأفاد بيان أصدرته وزارة الخارجية بأن النقاش تطرق إلى العلاقة الثنائية ورزمة العقوبات الأميركية الجديدة المفروضة على روسيا، لكنه ركز على الوضع في سورية. واعتبر لافروف أن "محاولات الضغط على روسيا من خلال العقوبات عقيمة"، وأكد لنظيره الأميركي "خطورة تداعيات تصرفات واشنطن في سورية". مشيرًا إلى أن واشنطن تواصل انتهاك السيادة السورية، وتعقد أكثر مهمة مكافحة الإرهابيين وتحقيق تقدم في مسألة تسوية الأزمة.
وقال البيان أن لافروف دعا نظيره الأميركي إلى "الالتزام بالاتفاقات السابقة في شأن سورية" في إشارة إلى انتقادات روسية لـ "محاولات واشنطن فرض مناطق آمنة جديدة في مناطق جنوب سورية وجنوب شرقها" خارج إطار تفاهمات آستانة. إلى ذلك، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وزعيم الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط، خلال لقائهما في موسكو أمس، ضرورة أن تحظى الجهود لإقامة مناطق تخفيف التوتر بسورية بدعم دولي واسع.
وقال لافروف في مستهل اللقاء، إن اللاعبين الخارجيين الرئيسيين في عملية التسوية في سورية يدعمون جهود إقامة مناطق لتخفيف التوتر. وتابع أنه إذا تمت ترجمة هذه التصريحات في شأن تأييد مناطق تخفيف التوتر السورية إلى دعم عملي، فسيتيح ذلك تثبيت وقف النار بين الحكومة والمعارضة، لكي تتمكن الأطراف كافة من تركيز جهودها بصورة جماعية على إزالة الخطر الإرهابي. وأعاد إلى الأذهان أن هذا الخطر يحدق بلبنان أيضًا.
أرسل تعليقك