استجاب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أمس الجمعة، لمطالب الأردنيين الذين تظاهروا بالآلاف في العاصمة عمان، ومدن أخرى، احتجاجًا على رفع أسعار المشتقات النفطية، وأوعز إلى الحكومة بتجميد الزيادات الجديدة على تعريفة المحروقات والكهرباء التي أقرتها "نظرا للظروف الاقتصادية" الحادة، وشهر رمضان.
ونفذ محتجون على سياسات الحكومة الاقتصادية العشرات من الوقفات الاحتجاجية في العاصمة عمان وعدد من المحافظات من بينها السلط ومادبا وإربد وعجلون والمفرق والزرقاء ومعان والكرك والطفيلة. وقام مواطنون بإيقاف مركباتهم في الطرق بمختلف محافظات المملكة احتجاجًا على قرار الحكومة برفع أسعار المحروقات وهتفوا مطالبين بإسقاط الحكومة ومجلس النواب، وتغيير سياسة رفع الأسعار.
وأمر الملك عبد الله الثاني، الحكومة الأردنية بوقف قرارات تعديل تعريفة المشتقات النفطية والكهرباء لشهر يونيو (حزيران) الحالي والمتخذ من قبل لجنة تسعير المحروقات ومجلس الهيئة والبالغة تكلفته على الخزانة 16 مليون دينار (22.5 مليون دولار(.
وقال رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي في كتاب وجهه للوزارات والجهات المعنية بأنه وبإيعاز من الملك يوقف العمل بقرار لجنة تسعير المحروقات نظرًا للظروف الاقتصادية في شهر رمضان المبارك رغم ارتفاع أسعار النفط عالميًا وبمعدل كبير بعد أن وصل معدل سعر برميل النفط 77 دولارًا في شهر مايو (أيار).
ويشار إلى أن لجنة تسعير المحروقات، تصدر قرارها بتعرفة شهرية منذ العام 2008 وتضم في عضويتها ممثلين عن وزارات الصناعة والتجارة والمال والطاقة والثروة المعدنية وشركة الكهرباء الوطنية ورئيس لجنة الطاقة في مجلس النواب كمراقب.بدورها أصدرت لجنة تسعير المشتقات النفطية، بيانًا أمس الجمعة، إنها وتنفيذًا لتوجيهات الملك، اجتمعت وقررت وقف العمل بقرار تعديل تعرفة المشتقات النفطية لشهر يونيو (حزيران) الحالي والذي اتخذته اللجنة أمس. ووفق البيان، قررت اللجنة تثبيت جميع أسعار المشتقات النفطية لشهر يونيو 2017 وإبقاء العمل بتسعيرة شهر مايو السابق حتى نهاية الشهر الحالي.
وكانت الحكومة قرّرت زيادة أسعار المحروقات الأساسية (البنزين والسولار والكاز) بنسب تراوحت بين 4.7 في المائة و5.5 في المائة والكهرباء بنسبة 19 في المائة، ما أثار غضب الأردنيين الذين خرج المئات منهم إلى الشوارع مساء الخميس وحتى ساعات فجر الجمعة، مطالبين بإسقاط الحكومة.وكانت الوكالة أوردت في وقت سابق خبر رفع "سعر بنزين أوكتان 90 إلى 860 فلسا (نحو 1.2 دولار) للتر الواحد بدلًا من 815 فلسًا (نحو 1.14 دولار)، والبنزين أوكتان 95 إلى 1100 فلس للتر (1.55 دولار) بدلًا من 1050 فلسًا (نحو 1.4 دولار)". وتم رفع سعر "مادتي الكاز والسولار إلى 645 فلسًا للتر (0.91 دولار) بدلًا من 615 فلسًا (0.87 دولار".
وهي الزيادة الخامسة على سعر المحروقات الأساسية والكهرباء منذ بداية العام.
وتجمع أكثر من ألف شخص قرب مبنى رئاسة الوزراء (وسط عمان) مساء الخميس وحتى ساعات فجر الجمعة محتجين على القرار، فيما ترك البعض سياراتهم في الشارع ما دفع عناصر الأمن للاستعانة برافعات أزالتها من الطريق، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وهتف المحتجون "الشعب يريد إسقاط الحكومة"، و"يا حكومة هلكتونا جوعتونا ودمرتونا".وفي منطقة طبربور شرق عمان، قام عشرات المحتجين بإطفاء محركات سياراتهم وتركها وسط الطريق وعلقوا لافتات صغيرة كتب عليها "صفّ واطفي". وفي إربد وعجلون (شمال) خرج عشرات المحتجين إلى الشوارع وقطعوا بعض الطرق بإطارات مشتعلة، فيما شهدت مدن السلط الواقعة شمال غربي عمان والكرك جنوب العاصمة ومعان (جنوب) وقفات احتجاجية شارك بها العشرات.
واحتلت عمان المركز الأول عربيًا من حيث غلاء المعيشة والثامن والعشرين عالميًا، وفقًا لدراسة نشرتها مجلة "ذي إيكونوميست". ووفقًا للأرقام الرسمية، ارتفعت نسبة الفقر مطلع العام إلى 20 في المائة، فيما ارتفعت نسبة البطالة إلى 18.5 في المائة في بلد يبلغ فيه معدل الأجور الشهرية فيه نحو 600 دولار والحد الأدنى للأجور 300 دولار.
وعقد مجلس النقباء في مجمع النقابات المهنية اجتماعًا طارئاً، أمس الجمعة، لمناقشة التطورات الجارية في الشارع الأردني والاحتجاجات، إضافة إلى التحضير لاجتماع اليوم السبت الذي دعا إليه مجلس النواب عاطف الطراونة بحضور رئيس الوزراء هاني الملقي، لمناقشة قانون ضريبة الدخل الجديد، الذي أقرته الحكومة وأرسلته إلى مجلس الأمة بهدف زيارة الضرائب على الأسر والأشخاص والشركات والبنوك.
وكانت النقابات المهنية قد نظمت يوم الأربعاء الماضي إضرابًا عن العمل، احتجاجًا على القانون الجديد، اعتبر أول إضراب شعبي أردني ناجح في تاريخ المملكة. ويتزايد شعور الرأي العام بالإحباط منذ أن أرسل مجلس الوزراء مسودة مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد إلى البرلمان الشهر الماضي، سيزيد القاعدة الضريبية إلى المثلين. يأتي هذا بعد زيادة كبيرة في ضريبة عامة على المبيعات في وقت سابق من العام الجاري وإلغاء دعم الخبز.
وتقول الحكومة في ترديد لتصريحات صندوق النقد إن أربعة في المائة فقط من الأردنيين يسددون الضريبة على الدخل الشخصي وإنها بحاجة إلى مكافحة التهرب الضريبي المنتشر على نطاق واسع.والمقترحات الخاصة بالضرائب بموجب برنامج صندوق النقد البالغة، مدته ثلاث سنوات مهمة لتحقيق المزيد من الإيرادات للحكومة بهدف الخفض التدريجي للدين العام إلى 77 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2021. ويواجه الاقتصاد الأردني صعوبات مع تباطؤ النمو والعجز المزمن في الموازنة، وهو ما تفاقم بفعل غياب تدفقات رأسمالية أجنبية كبيرة أو مبالغ كافية من الدعم الخارجي.
أرسل تعليقك