برلين ـ جورج كرم
دخلت ألمانيا في مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحركة "حماس" حول صفقة محتملة لتبادل أسرى، يتم بموجبها إطلاق أربعة أسرى إسرائيليين في مقابل أسرى فلسطينيين. وكشفت مصادر غربية أن ألمانيا شرعت في عقد لقاءات واتصالات مع "حماس" منذ نحو ثلاث سنين، في محاكاة للدور الذي لعبته في إنجاح المفاوضات الخاصة بإطلاق الجندي الإسرائيلي الأسير غلعاد شاليت عام 2011 في مقابل 1050 أسيرًا فلسطينيًا.
وكان الوسيط الألماني إرنست أورلاو دخل في "صفقة شاليت"، التي أطلقت عليها "حماس" تسمية صفقة "وفاء الأحرار"، بعد أسر الجندي الإسرائيلي في عملية فدائية نوعية نفذها مقاتلون من الحركة ومن "لجان المقاومة الشعبية" و "جيش الإسلام"، في موقع عسكري إسرائيلي قرب معبر كرم أبو سالم جنوب شرقي مدينة رفح جنوب قطاع غزة في 25 حزيران/يونيو 2006. وتمت عملية التبادل، التي أشرفت عليها مصر، في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2011، من خلال تسليم شاليت في معبر رفح الحدودي بين القطاع ومصر، في حين وصل الأسرى الفلسطينيون إلى القطاع على متن حافلات.
وقالت المصادر إن مبعوثين ألماناً زاروا غزة مرات عدة في سرية تامة، وعقدوا اجتماعات مع عدد من قادة "حماس" ممن كُلفوا التفاوض مع إسرائيل عبر طرف ثالث، للبحث في سبل إتمام صفقة التبادل. وأوضحت أن الاتصالات واللقاءات تتم على مستوييْن، الأول من خلال التمثيل الديبلوماسي الألماني في فلسطين وإسرائيل، والثاني من خلال وسيط ألماني جديد كُلّف هذه المهمة، ويعمل من العاصمة برلين.
ولم تعطِ المصادر أي تفاصيل أو إيضاحات عن مدى التقدم في المفاوضات، لكنها أكدت أن إسرائيل ومصر تضعان ثقتهما في وساطة ألمانيا، التي يتمثل دورها في التوصل إلى تفاهمات على تفاصيل الصفقة وأعداد الأسرى وغيرها، في حين ستقوم مصر، التي تتابع كل هذه المفاوضات والخطوات بدقة، في "إخراج" الصفقة والإشراف على عمليات التسلم والتسليم، على غرار "صفقة شاليت"
وكانت "كتائب القسام"، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، أسرَت خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع صيف 2014، الضابط الإسرائيلي هدار غولدن والجندي شاؤول آرون، كما أَسرت إسرائيلييْن دخلا القطاع سيرًا على الأقدام. وأعلنت إسرائيل أن الضابط والجندي قُتلا، قبل أن تتراجع لاحقاً وتعلن أنهما مفقودان. وتطالب إسرائيل بمعرفة مصير العسكرييْن قبل بدء المفاوضات، في حين تُصر "حماس" على عدم تقديم أي معلومة عنهما قبل إطلاق نحو 54 أسيرًا أطلقتهم إسرائيل خلال "صفقة شاليت" وأعادت اعتقالهم خلال السنوات الأربع الماضية.
في سياق متصل، كشفت المصادر نفسها وجود أزمة ديبلوماسية بين إسرائيل وألمانيا. وقالت إن الأزمة نشبت عندما أصر رجال أمن إسرائيليون على تفتيش سيارة ديبلوماسية ألمانية على حاجز بيت حانون (إيرز) كانت في طريقها من غزة إلى مدينة رام الله قبل نحو شهر. وأضافت أن الديبلوماسيين الألمان رفضوا التفتيش، فتم احتجازهم على الحاجز نحو ثلاث ساعات، وأُبلغوا بأن القرار يسري على كل البعثات الديبلوماسية، عقب ضبط ديبلوماسي فرنسي يُهرب أسلحة عبر الحاجز قبل أشهر، لكنهم أصروا على رفض التفتيش وقرروا العودة أدراجهم إلى غزة.
وتابعت أن وزارة الخارجية الألمانية تدخلت وضغطت على الخارجية الإسرائيلية، التي أوعزت لجهاز الأمن بالسماح لهم بالمغادرة في اليوم التالي من دون تفتيش، وأشارت إلى أن ألمانيا قررت عدم السماح لديبلوماسييها بالتوجه إلى غزة منذ وقوع هذا الحادث، أو الرضوخ لإجراءات التفتيش، في قرار يهدف إلى الضغط على إسرائيل، خصوصاً أنها في حاجة ماسة لتوجه المفاوضين الألمان إلى غزة للوساطة في مفاوضات صفقة التبادل.
أرسل تعليقك