استهدفت قوات الحكومة السورية وحليفتها روسيا مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في محافظة درعا، بـ2300 غارة وقذيفة، بعد فشل مفاوضات لوقف المعارك، في تصعيد "غير مسبوق" منذ بدء الحملة العسكرية على جنوب البلاد.
وقال متحدث باسم المعارضة المسلحة في سورية "إن الوساطة الأردنية نجحت في إعادة مفاوضي المعارضة إلى الطاولة مع ضباط روس بشأن التوصل لاتفاق نهائي ينهي القتال ويسلم محافظة درعا لسيطرة الدولة".
وكان مقررا أن يعقد الجانبان محادثات مساء أمس الخميس، في مدينة بصرى الشام الجنوبية التي عقدت فيها بالفعل أربع جولات من المحادثات منذ يوم السبت لكنها لم تنجح حتى الآن في التوصل لاتفاق.
وقال مسؤولون في المعارضة المسلحة "إن الاختلافات الرئيسية تتركز على تسليم المسلحين لأسلحتهم دفعة واحدة أم على مراحل قبل تسليم المناطق التي يسيطرون عليها لسلطة الدولة تحت إشراف الشرطة العسكرية الروسية".
وجاءت عودة الوفد إلى المفاوضات بعد شن غارات غير مسبوقة على الجنوب، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان "إن 2300 غارة وقذيفة شنتها القوات الحكومية وروسيا على الجنوب خلال 22 ساعة، وأضاف "تتواصل عمليات القصف الجوي والمدفعي والصاروخي منذ نحو 21 ساعة، على محافظة درعا، حيث شهدت مدينة درعا وبلدات بريفها عمليات قصف جوي وبري بمئات الغارات والقذائف والصواريخ، ضمن تصعيد من الحكومة وروسيا بعد فشل التوصل لاتفاق حول مصير محافظة درعا، خلال المفاوضات التي جرت بين الجانب الروسي وممثلين عن المحافظة، حيث تم رصد ارتفاع أعداد الضربات الجوية التي استهدفت محافظة درعا خلال 22 ساعة من القصف الهستيري إلى نحو 870 ضربة من الطائرات الروسية الحربية وطائرات الحكومية الحربية والمروحية على مدينة درعا وريفها، تزامنت مع قصف مدفعي وصاروخي بأكثر من 1400 قذيفة مدفعية وصاروخية وصواريخ يعتقد أنها من نوع أرض - أرض، الأمر الذي تسبب بدمار وأضرار في ممتلكات مواطنين والبنى التحتية، وبسقوط المزيد من الخسائر البشرية».
وقالت مصادر المعارضة "إن ذلك استهدف "إجبار" المقاتلين على التفاوض مع الروس والقبول باتفاق يتضمن عمليًا استسلامهم.
وتشن القوات الحكومية بدعم روسي منذ 19 الشهر الماضي عملية عسكرية واسعة النطاق في محافظة درعا، مكنتها من توسيع نطاق سيطرتها من ثلاثين إلى أكثر من ستين في المائة من مساحة المحافظة الحدودية مع الأردن.
واستهدفت الغارات بشكل خاص بلدات في محيط مدينة درعا قرب الحدود الأردنية، بينها الطيبة والنعيمة وصيدا وأم المياذن واليادودة، كما طالت بعض الضربات مدينة درعا.
ووصف مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن التصعيد الأخير بأنه «غير مسبوق» متحدثًا عن «قصف هستيري على ريف درعا في محاولة لإخضاع الفصائل بعد رفضها الاقتراح الروسي لوقف المعارك خلال جولة التفاوض الأخيرة عصر الأربعاء».
وأضاف "يحول الطيران السوري والروسي هذه المناطق إلى جحيم"، وتسببت الغارات بمقتل ستة مدنيين على الأقل بينهم امرأة وأربعة أطفال في بلدة صيدا، لترتفع بذلك حصيلة القتلى منذ بدء الهجوم على الجنوب إلى 149 مدنيًا على الأقل بينهم ثلاثون طفلًا، وفق المرصد
وأفاد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية على أطراف مدينة درعا، بأن دوي القصف لم يتوقف طوال الليل، موضحًا أنه الأعنف منذ بدء قوات الحكومة هجومها.
وقال سامر الحمصي "47 عامًا" النازح من مدينة درعا إلى حقول الزيتون المجاورة مع زوجته وأولاده الأربعة الخميس "منذ إعلان فشل التفاوض لم يتوقف القصف للحظة واحدة. يعيش الناس هنا تحت الأشجار أو في خيم مكتظة، لا شيء يحمينا من القصف".
وتابع "نعيش بين أشجار الزيتون، في حالة خوف من كل شيء، من القصف والحشرات، بلا مياه للشرب أو نقطة طبية قريبة منا".
وبث التلفزيون السوري الرسمي مشاهد مباشرة تظهر تصاعد سحب الدخان إثر غارات جوية، وأورد أن سلاح الجو يعمل على قطع «خطوط تواصل المجموعات الإرهابية عبر استهداف تحركاتهم بين الأجزاء الجنوبية والريف الغربي لمدينة درعا.
وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن وحدات الجيش وجهت "ضربات مكثفة ضد أوكار وتجمعات الإرهابيين في القطاعين الشرقي والجنوبي الشرقي من محافظة درعا".
وبفضل هذه الضربات، سيطرت قوات الحكومة الخميس على بلدة صيدا الواقعة شرق درعا. كما تمكنت للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاثة أعوام من السيطرة على نقطة على الحدود السورية الأردنية جنوب مدينة بصرى الشام. وتحاول قوات الحكومة السورية التقدم إلى الحدود الأردنية لاستعادة السيطرة على معبر نصيب الاستراتيجي
ويأتي استئناف الغارات ليلًا بعد توقفها منذ السبت، إفساحًا في المجال أمام مفاوضات تولتها روسيا مع الفصائل المعارضة، قبل أن تعلن الأخيرة فشلها الأربعاء بسبب «الإصرار الروسي على تسليم الفصائل سلاحها الثقيل دفعة واحدة»
وقال مدير المكتب الإعلامي لدى فصائل الجنوب حسين أبا زيد "منذ مساء أمس حتى اليوم، يتبعون سياسة الأرض المحروقة"، موضحًا أن هدف التصعيد "إجبار الثوار على التفاوض" مجددًا، وأوضح أن أحد الضباط الروس هدد وفد الفصائل قبل انسحابه من الاجتماع الأربعاء بأنه "في حال لم يوافقوا على الاتفاق، فإن أربعين طائرة ستغادر من "مطار" حميميم لقصف الجنوب".
وأوردت غرفة العمليات المركزية التابعة لفصائل الجنوب في بيان نشرته على "تويتر" أمس "التفاوض بلغة التهديد تترجمه طائرات الاحتلال الروسي قصفًا وحرقًا وتدميرًا في الجنوب السوري» مطالبة بـ«رعاية أممية لمفاوضات الجنوب".
وأبرمت روسيا في الأيام الأخيرة اتفاقات «مصالحة» منفصلة مع الفصائل المعارضة في أكثر من ثلاثين قرية وبلدة. وتنص هذه الاتفاقات بشكل رئيسي على استسلام الفصائل وتسليم سلاحها مقابل وقف القتال.
وتسببت العمليات القتالية في درعا بنزوح أكثر من 320 ألف شخص بحسب ما أعلنت الأمم المتحدة الخميس، توجه عدد كبير منهم إلى الحدود مع الأردن أو إلى مخيمات مؤقتة في محافظة القنيطرة قرب هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل.
وأوضح المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الخميس أن "الوضع الأمني يعوق جهودنا للوصول إلى عدد كبير من الناس الذين هم في حاجة ماسة" إلى المساعدات، محذرًا من "خسارة حياة آلاف الأبرياء مرة جديدة إذا لم يتم اتخاذ تدابير عاجلة".
وحثت منظمات حقوقية ودولية عدة آخرها "هيومن رايتس ووتش" الأربعاء، الأردن وإسرائيل على "السماح للسوريين الفارين من القتال في محافظة درعا بطلب اللجوء وحمايتهم" بعد إعلان الطرفين رفضهما استقبال الفارين من التصعيد.
ويحضر الوضع في جنوب سوريا على جدول جلسة طارئة مغلقة يعقدها مجلس الأمن الخميس، دعت إليها كل من السويد، التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن خلال هذا الشهر، والكويت.
وتعد محافظة درعا مهد الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في عام 2011 ضد الحكومة السورية، قبل أن تتحول نزاعًا مدمرًا تسبب بمقتل أكثر من 350 ألف شخص ودمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
أرسل تعليقك