جوبا - عادل سلامه
رفضت المعارضة المسلحة في جنوب السودان، في أول رد فعل لها على قرار الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (الإيقاد)، نقل زعيمها نائب الرئيس السابق ريك مشار إلى دولة أخرى بعد رفع الإقامة الجبرية المفروضة عليه في جنوب أفريقيا، وشددت على مطالبتها بإطلاق سراحه دون شروط مسبقة، في وقت طالب مشروع "كفاية" الأميركي الاتحاد الأوروبي بتوضيح موقفه بشأن الضغوط المالية ضد حكومة الرئيس سلفا كير.
وأعلن مجلس وزراء هيئة "الإيقاد" الإثنين الماضي برفع الإقامة الجبرية عن زعيم المعارضة المسلحة ريك مشار، بشرط تعهده بنبذ العنف، وعدم عرقلة جهود السلام في جنوب السودان، كما اشترطت الهيئة على مشار السماح له بالذهاب إلى دولة أخرى خارج الإقليم، وأن لا تكون دولة مجاورة لجنوب السودان، وأن المجلس سيقرّر المكان الجديد الذي سينتقل إليه زعيم المعارضة المسلحة قريبا.
وقال نائب رئيس الحركة الشعبية في المعارضة هنري إودوار، إن حركته لن تقبل بأي محاولة لترحيل مشار إلى دولة أخرى، وشدد على ضرورة إطلاق سراح زعيمه فورا ودون شرط أو قيد، وأوضح في هذا الخصوص "لقد وقعنا مع الحكومة اتفاق وقف الأعمال العدائية وإعلان المبادئ بتنشيط اتفاق السلام في أديس أبابا، ورفضت جوبا التوقيع على إعلان المبادئ، كما أنها واصلت خرق وقف الأعمال العدائية.. هل المعارضة هي من تعرقل جهود السلام أم حكومة الرئيس سلفا كير؟".
وأكد إودوار، أن زعيم حركته رجل سلام، ويسعى إلى تحقيقه في جنوب السودان، وقال: "يجب إطلاق سراحه فورا، وأن يذهب إلى المكان الذي يختاره، وأن يتمكن من المشاركة في محادثات السلام؛ فهو رئيس للحركة الشعبية في المعارضة"، رافضا إبقاء مشار في الإقامة الجبرية بصورة أو أخرى. وقال: "هناك جهات إقليمية ودولية -لم يسمّها - تتحايل بإبقاء مشار تحت الإقامة الجبرية تحت مسميات مختلفة".
كان مشار غادر جوبا عقب اندلاع أعمال عنف حول القصر الرئاسي في يوليو/ تموز 2016، واستطاع الوصول إلى الكونغو الديمقراطية سيرا على الأقدام، وأقلته طائرة تابعة للأمم المتحدة إلى معسكرها داخل الكونغو، ومنها تم نقله إلى السودان لتلقي العلاج -وفق ما أعلنته الخرطوم وقتها- وبعدها وصل إلى دولة جنوب أفريقيا في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، واستقر فيها تحت الإقامة الجبرية بضغوط مارستها إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما ودول "الإيقاد" والاتحاد الأفريقي.
ودخلت دولة جنوب السودان في حرب أهلية بين الجيش الحكومي والمعارضة المسلحة بزعامة ريك مشار منذ نهاية 2013 بعد استقلالها من السودان عبر استفتاء شعبي في عام 2011، واتخذت الحرب طابعا إثنيا أدت إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من مليوني شخص، وفشل اتفاق السلام الموقع بين أطراف النزاع من وقف القتال.
إلى ذلك، طالب مشروع "كفاية" الأميركي الاتحاد الأوروبي اتخاذ موقف أكثر وضوحا، وأن يطور نفوذه المالي بدعم عملية تنشيط السلام في جنوب السودان، وقالت المجموعة إن "جنوب السودان اختطفته النخب الفاسدة، وشوهته بالصراع الوحشي، وأحدثت أزمة إنسانية غير مسبوقة".
وقالت مجموعة "كفاية" في تقرير حديث لها تحت عنوان "ضغط اليورو الرصيد المالي للاتحاد الأوروبي من أجل التأثير في جنوب السودان"، إن استجابة الاتحاد الأوروبي لأزمة جنوب السودان كانت عبارة عن مساعدات مالية، وتقديم الدعم الإنساني بدلا من عمل نهج شامل واستخدام النفوذ لإحداث التغيير.
كان الاتحاد الأوروبي قدم في العام الماضي أكثر من 350 مليون يورو مساعدات لجنوب السودان، مع التركيز على المساعدات إلى جيران هذه الدولة التي فر منها نحو مليوني لاجئ، وعبروا الحدود بحثا عن الأمن، كما تلعب المملكة المتحدة دورا قياديا في الدبلوماسية الدولية عبر مجموعة دول "الترويكا" التي تضم إلى جانبها كلا من النرويج والولايات المتحدة، فضلا عن الدور الذي تلعبه عدد من دول الاتحاد الأوروبي في توفير التنمية.
وحث تقرير مجموعة "كفاية" على هذه الدول اتباع نهج حديث، بما في ذلك النفوذ المالي والحوافر المرتبطة به، وقالت المجموعة إن الاتحاد الأوروبي لم يستخدمها من قبل، وبخاصة النزاعات في أفريقيا جنوب الصحراء. وأضاف كاتب التقرير بروكس روبن "المجتمع الدولي يعمل على تطوير استراتيجية لتطبيق الضغوط على الذين يعرقلون عملية السلام في جنوب السودان، وأولئك الذين تستفيد شبكاتهم من تسريب عائدات النفط وغيرها من الموارد لاستمرار الحرب"، مطالبا الاتحاد الأوروبي بمزيد من الضغوط المالية لإنهاء الأزمة في جنوب السودان، وفرض تدابير على القطاعات الاقتصادية التي تخضع لسيطرة النخب السياسية والعسكرية.
أرسل تعليقك