أعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، الاثنين، أن التوافق السياسي القائم منذ 5 سنوات بينه وبين حركة "النهضة" الإسلامية، انتهى بطلب منها، مشدّدا من جهة ثانية على أن الانتخابات ستجري في موعدها المقرّر في ديسمبر /كانون الأول من العام المقبل.
وقال السبسي في حوار "خاص" بثّه تلفزيون "الحوار" التونسي، "منذ الأسبوع الماضي قررنا الانقطاع بطلب من النهضة، هي تريد التوافق مع الحكومة التي يرأسها يوسف الشاهد، العلاقات بين الباجي قائد السبسي والنهضة انقطعت".
ويجمع حزب نداء تونس وحزب النهضة، توافق سياسي منذ انتخابات 2014، وقد كانت كل الخيارات السياسية في البلاد تتمّ بمشاركة بين الطرفين، وكثيرًا ما كان هذا التوافق محل انتقاد من قبل أنصار حزب الرئيس، لكن السبسي وراشد الغنوشي (زعيم النهضة) دائمًا ما كانا يدافعان عنه.
وأضاف السبسي، "لم يعد هناك توافق للتواصل بين الباجي والنهضة، بسعي منها، النهضة نفضت يدها من الباجي واختارت طريقًا آخر، إن شاء الله يكون موفقًا، لكن لا أظن ذلك".
ونفى الرئيس التونسي، سعيه إلى التوريث السياسي من خلال إعداد نجله للحكم، وقال إن أي حديث عن التوريث السياسي "ظلم، إذ لا شيء يمنع قيادات حزب النداء من تغيير المدير التنفيذي إذا كان ذلك في مصلحة الحزب، فما الذي يمنع النداء من إزاحة حافظ قائد السبسي من منصبه في الحزب، وأنا أدعوهم إلى عقد مؤتمر وطني لتغيير القيادة".
وتمسك الرئيس السبسي بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها، كما حسم أمر تفعيل الفصل 99 من الدستور بدعوة رئيس الحكومة الحالية يوسف الشاهد إلى تجديد شرعيته السياسية لتجاوز الأزمة السياسية، معترفًا في ذات الوقت بانحسار صلاحياته السياسية للضغط على الشاهد، الذي بات مسنودًا بكتلة برلمانية (الائتلاف الوطني)، علاوة على دعم حركة النهضة، ما يجعله في مأمن من الإطاحة به، مثلما وقع لسلفه الحبيب الصيد في صيف 2016، وخلصت معظم التحاليل السياسية إلى أن الشاهد خرج منتصرًا في حربه مع نجل الرئيس، وأن طموحه السياسي في خوض الانتخابات المقبلة قد تبلور بشكل أكبر، لكن رجوعه إلى حزب النداء بات أمرًا مستحيلًا.
وأثارت هذه القطيعة المعلنة مع حركة النهضة كثيرًا من التساؤلات والانتقادات، حيث هاجمت مجموعة من الأحزاب المعارضة الائتلاف الحاكم الحالي، بزعامة حزبي النداء والنهضة، وأكدت أن التوافق السياسي بينهما بني منذ البداية على مصالح سياسية ضيقة وعلى منافع متبادلة.
وقال زهير المغزاوي، رئيس حركة الشعب لـ"الشرق الأوسط"، إن التوافق الذي تحدث عنه الرئيس التونسي كان توافقًا مغشوشًا أدى في نهاية المطاف إلى ضعف منظومة الحكم، وتذبذب أداء مؤسسات الدولة، وخلف مشكلات عالقة.
وبشأن انهيار التوافق السياسي بين "النهضة" وحزب النداء بعد نحو 5 سنوات من التعايش السياسي، قال رفيق عبد السلام، وزير الخارجية السابق، إن التوافق بين الباجي والغنوشي "أعطى ثماره، لكن البعض يريد أن يحوله إلى تبعية وسمع وطاعة، وهذا مرفوض"، مؤكدًا أن حركة النهضة لم تكن مقتنعة بخيار الإطاحة بالحبيب الصيد، رئيس الحكومة السابق، لكنها تنازلت من أجل الرئيس وحزب الرئيس، والنتيجة أنها وجدت نفسها مجبرة من جديد على قبول الإطاحة برئيس الحكومة دون سبب مقنع، على حد تعبيره.
وأكدت حركة النهضة أنها لم تتنكر للعلاقة المتينة التي تربطها بالرئيس قائد السبسي، وقالت إن الاختلاف في تقييم الواقع السياسي، وخاصة ما يتعلق بالاستقرار الحكومي لن يؤثر على تلك العلاقة.
وقال عماد الخميري، المتحدث باسم الحركة، إن حزب النهضة لم يقطع علاقته برئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، ولم يطلب منه ذلك، وذلك تعقيبًا على ما صرح به الباجي، حين قال، إن التوافق بينه وبين حركة النهضة انتهى بطلب من حركة النهضة وبسعي منها، مؤكدًا في ذات السياق حرص "النهضة" على التوافق الوطني، وعلى استمرار الحوار مع رئيس الجمهورية، وأنها متشبثة بمخرجات لقاء باريس، على حد تعبيره.
وأضاف الخميري، أن الباجي قائد السبسي لم يجد من حركة النهضة في كل محطة سياسية إلا الدعم والمساندة، ولا يمكن الخروج من الأزمات السياسية بالقطيعة، مذكرًا بأن الحزب لم يكن طرفًا في الصراع الداخلي في حركة نداء تونس، الذي أثر سلبًا على تسيير الحكم في البلاد.
أرسل تعليقك