أعلن وزير الخارجية الإثيوبي ورقنة غبيهو، الإثنين، أنّ الخطوط الجوية الإثيوبية تستأنف رحلاتها إلى العاصمة الإريترية أسمرة الأسبوع المقبل، في تطور لافت للانتباه عقب ساعات فقط من إنهاء رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد زيارة تاريخية إلى العاصمة الإريترية دامت يومين.
وأبلغ ورقنة الصحافيين المحليين والأجانب، أن شركة الخطوط الجوية لبلاده التي تعدّ أكبر شركة طيران في أفريقيا، ستقوم بتسيير رحلات مباشرة إلى أسمرة، لكنه لم يدلِ بالمزيد من التفاصيل، كما أعلن إنشاء لجنة فنية مشتركة لرصد وتنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين الطرفين، مشيرا إلى أن هذه اللجنة ستناقش كل القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وفقا إلى اتفاقية الجزائر ومن بينها قضايا الحدود. وأوضح أن اللجنة ستقرر أيضا التفاصيل المتعلقة بالميناء وعقد الإيجار وتفاصيل التعريفات الخاصة بالركاب جوا وبرا، لافتا إلى أنها ستقدم توصية تتعلق بقضية أسرى الحرب والسجناء المحتجزين أثناء الحرب بين البلدين.
وبعدما تعهد بأن تتحرك إثيوبيا في كل المحافل الدولية والإقليمية لرفع العقوبات عن إريتريا، أعلن أن عملية فتح السفارتين في البلدين بدأت اعتبارا من الإثنين باختيار الموقع المناسب، وجاء هذا الإعلان عقب صدور بيان مشترك في ختام زيارة آبي إلى أسمرة ومحادثاته مع الرئيس الإريتري آسياس أفورقي، إذ تعهد الطرفان بإنهاء الحرب الدبلوماسية والكلامية بينهما، والعمل على تعزيز التعاون الوثيق في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية.
ووقع أفورقي وآبي الإثنين، على إعلان مشترك للسلام والصداقة في مقر الرئاسة الإريترية في أسمرة، قبل أن يغادر آبي عائدا إلى بلاده عقب الزيارة التي دامت يومين، وتعدّ الأولى من نوعها لرئيس حكومة إثيوبية منذ نحو عشرين عاما، كما اتفق البلدان على استئناف روابط النقل والتجارة والاتصالات والعلاقات الدبلوماسية والأنشطة المتجددة، وتنفيذ قرار الحدود، بالإضافة إلى العمل معا لضمان السلام والتنمية والتعاون الإقليميين، وقال وزير الإعلام الإريتري إن الإعلان المشترك ينص على أن حالة الحرب القائمة بين البلدين انتهت
ونقل عن الرئيس أفورقي قوله، خلال حفلة العشاء التي أقامها الأحد، على شرف آبي والوفد المرافق له، إن "الترحيب الشعبي والرسمي برئيس الوزراء آبي يبرز مدى رغبة شعب إريتريا بالسلام"، مشيدا بما وصفه بالخيار السياسي الجريء الذي اتخذه رئيس الحكومة الإثيوبية، وأضاف أن "هذا الخيار سيعوض الوقت الضائع في العشرين سنة الماضية".
في المقابل قال آبي "يمكننا الآن أن نتخيل مستقبلا لا نرى فيه حدودا وطنية أو جدرانا عالية تفرقنا، سينضم سكان منطقتنا إلى هدف مشترك".
وأعلن آبي وأفورقي أن البلدين سينهيان حالة اللاسلم واللاحرب بينهما في سبيل "المحبة والسلام"، وذلك في تطور قد يغير شكل منطقة القرن الأفريقي وينهي عداوة استمرت عقودا ظل كل طرف خلالها منعزلا عن الآخر.
وغادر آبي العاصمة الإريترية أسمرة بعد صياغة تفاصيل الاتفاق الذي يشمل إعادة الاتصالات الهاتفية والروابط الجوية، والموافقة على أن تستخدم إثيوبيا الموانئ الإريترية المطلة على البحر الأحمر.
وفتح الزعيمان الاتصالات الهاتفية بين البلدين بعد قطعها لمدة 20 عاما، وقالت إثيوبيا التي لا تطل على أي منافذ بحرية أنها ستستخدم ميناء في إريتريا ليصبح منفذا بحريا لها. وطبقا لما أعلنته هيئة الإذاعة الإثيوبية، فإن إثيوبيا وإريتريا ستطوران معا موانئ إريترية على البحر الأحمر، وذلك بعد يوم من لقاء زعيمي البلدين واتفاقهما على تطبيع العلاقات وإنهاء أزمة عسكرية استمرت 20 عاما. وقالت الهيئة: "اتفق الزعيمان خلال اجتماعهما على استعادة العلاقات واستئناف الرحلات الجوية بين البلدين، كما اتفقا على المشاركة في تطوير الموانئ".
ودخلت الأمم المتحدة على خط المصالحة بين إريتريا وإثيوبيا، حيث أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أنه من المتوقع أن يجتمع مساء الإثنين، مع آبي عقب عودته من أسمرة.
والتحول السريع من الخصومة إلى الشراكة يأتي نتيجة لمبادرة سلام غير متوقعة تقدم بها آبي، ضابط المخابرات السابق البالغ من العمر 41 عاما، والذي تولى السلطة في إثيوبيا في أبريل/ نيسان، وقطعت الدولتان المتجاورتان العلاقات عندما نشبت الحرب بينهما عام 1998.
وتجسدت ملامح الانفراجة في العلاقات بين البلدين بوضوح، حين تعانق الزعيمان عناقا حارا ورقصا على أنغام موسيقى تقليدية خلال عشاء رسمي بدت عليه مظاهر الترف والبذخ في العاصمة الإريترية.
والاجتماع هو أول لقاء من نوعه بين زعيمي البلدين الجارين بمنطقة القرن الأفريقي منذ حربهما التي دارت رحاها خلال الفترة بين عامي 1998 و2000، وقتل فيها نحو 80 ألف شخص، واستقلت إريتريا عن إثيوبيا عام 1993، لكن سرعان ما أصبح البلدان خصمين لدودين.
ويدفع آبي باتجاه المزيد من الإصلاحات الجريئة لكسر عزلة إثيوبيا التي استمرت سنوات عن العالم الخارجي، إذ عفا عن منشقين ورفع حالة الطوارئ وتعهد بخصخصة جزئية لبعض الشركات الحكومية الرئيسية.
وعلى الجانب الآخر من الحدود، تعدّ إريتريا واحدة من أكثر دول العالم انعزالا وقمعا، وتستخدم منذ فترة طويلة التهديد الإثيوبي لتبرير الإنفاق العسكري الكبير والتجنيد لفترات طويلة الذي تسبب في فرار مئات الآلاف من الشبان ذهب أغلبهم إلى أوروبا.
أرسل تعليقك