السودان تعيد إحياء كليلة ودمنة في  إسقاطات سياسية على لسان الحيوانات
آخر تحديث GMT20:13:10
 العرب اليوم -

السودان تعيد إحياء" كليلة ودمنة" في إسقاطات سياسية على لسان الحيوانات

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - السودان تعيد إحياء" كليلة ودمنة" في  إسقاطات سياسية على لسان الحيوانات

الرئيس السوداني عمر البشير
الخرطوم - عادل سلامه

تسربت الحيوانات و«الحشرات» إلى السياسة السودانية بحكاية منسوبة للكاتب الصحافي إسحاق أحمد فضل الله، بأن "غزالة" جاءت الكاتب أيام الحرب مع جنوب السودان، قائلة: اذبحني فالمجاهدون جائعون، ومثلها حكاية القرود التي كانت تفجر الألغام أمام زحف المجاهدين، وحكاية الفئران التي أكلت الجسر المسلح، والدجاجة التي نفقت ففشل انقلاب عسكري، و"ضب سنار" الذي قطع الكهرباء فأظلمت البلاد.

ونفى الكاتب الحكاية وربما الحكايات في وقت لاحق، لكنها أصبحت ماركة مسجلة باسمه، وعنوانًا لتلك المرحلة من تاريخ "الصراع" السياسي المتدثر بـ"اللحى"، وبشارات دخول الجنة التي توزع على قتلى العمليات العسكرية، وأعراس الشهداء التي يقيمها الإسلاميون بزعامة حسن الترابي، الذين كانوا يعقدون فيها زيجات بين "الشهداء" من قتلى الحرب مع التمرد الجنوبي و"بنات الحور" في الجنان، منذ ذلك التاريخ لم يتوقف دور "الحيوانات والحشرات" في السياسة السودانية، وصار للحيوانات و"الشيوخ" دور بارز في الواقع الاجتماعي في البلاد، فهي تفعل "الأفاعيل"؛ تارة تناصر الحكومة، وتارة أخرى تعاديها وتخرب طريقها وطريقتها، بل وتمارس "الفساد" وتسوّغ لـ"المفسدين" فسادهم.

وانشغلت منصات التواصل الاجتماعي بحكاية طريفة، نقلتها مصادر صحافية مملوكة لأحد أقارب الرئيس عمر البشير، وهو يشغل في الوقت ذاته منصب رئيس لجنة الإعلام في البرلمان، بأن "نمل السكر" قضى على 450 جوال سكر (22.5 طن) في منطقة "الدندر" جنوب شرقي البلاد، وذلك تفسيرًا لاختفاء هذه الكمية من السلعة الاستراتيجية.

وأثارت الحكاية الخيال الجمعي، فانهمك في سخرية مريرة على الواقع السحري الذي تعيشه البلاد، وعادت للأذهان "تبريرات" مسؤولين حكوميين لأخطاء سياسية وتقنية وقعت فيها المؤسسات التابعة لهم، أو لإخفاء فساد مسؤولين، أو تعليلًا لفشلهم. فامتلأت منصات التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك"، و"واتساب"، فامتلأت بانتقادات لاذعة، تسخر من مثل التبريرات "الفطيرة" التي درج مسؤولون على تقديمها، فسخرت الصحافية راقية حسان في صفحتها على "فيسبوك" قائلة: هذا لا يحدث إلاّ في السودان، الفئران تأكل الكباري، القطط السمان أكلت النقود في البنوك، النمل يأكل 22.5 طن من السكر، ونحن نتفرج ونعيط، ثم أضافت: الخوف بكرة يبيدونا بمبيد ويقولوا أكلتنا الصراصير.

و  نشر الكاتب والقاص صديق الحلو في صفحته تغريدة: "النمل شال السكر"، لتنهال التعليقات الساخرة على الصحيفة، يقول أحد المعلقين: أنا شفت نملة في القضارف شايلة حبة، وتعليقات ساخرة ومتهكمة كثيرة، بيد أن الناشط في مواقع التواصل الاجتماعي، يوسف الحسن، شكك هو الآخر بسخرية لافتة في تحميل الفئران مسؤولية اختفاء أطنان السكر، وقال: أرسلنا نملة من الدندر للمعمل، وبعد الفحص طلعت دايبتك، (مصابة بالسكري.(

الحلو وحسان والحسن ليس وحدهم، بل عشرات التغريدات الساخرة واللاعنة تناولتها تلك الوسائط، أعادت إلى الأذهان حكايات حيوانات "متآمرة" أخرى، وأشهرها "ضب سنار"، فقد نسب إلى مسؤول حكومي، قوله إن "ضبّاً كبيراً" تسبب في قطع الكهرباء، ما أدى إلى "إظلام كامل" في كل أنحاء البلاد، وقيل وقتها: الضّب دخل في واحدة من محطات الضغط العالي قرب خزان سنار، وعطل الشبكة.

ليست الضببة وحدها من تفعل هذه الأفاعيل المضحكة، بل إن الفئران السودانية الخارقة من نوع "جقر"، تجرأت على أكل "الخرسانة والحديد المسلح" في وسط الخرطوم، ما أدى لانهيار جزئي في جسر يربط بين وسط الخرطوم وشرقها، وذلك بعد سنين قليلة من تشييده، وتناقل الناس أن مسؤولاً حكومياً أرجع انهيار الجسر إلى قوة الفيضان وتخريب الفئران.

ورسم الكاتب الساخر، الفاتح جبرا، حوارية بينه وبين فأر "جقر" صغير عثر عليه في المنطقة المنهارة، لتحكي عن فئران الجسر الغريبة، فنسب إلى صغير الفأر أن قبيلته من "الجقور" اعتكفوا في جحورهم خوفاً من قطط تنوي الحكومة استيرادها من الصين لمحاربة الفئران للحفاظ على جسور البلاد، وأن أحد كبار "الجقور" وصفت له الأجزاء المسلحة من الجسر بـ"البسكويت"، واعترف بأنه وقبيلته أكلوا الأماكن القابلة للأكل في الجسر، كناية عن «هشاشة» مواد التشييد التي استخدمت في بناء الجسر.

أما حكاية "الدجاجة" التي نفقت، وأدى نفوقها إلى فشل انقلاب العميد محمد إبراهيم (ود إبراهيم) ضد الرئيس البشير، فـ«ميلودراما» سودانية الصنعة وحسنتها. فقد نقلت صحيفة "الصيحة" أن شيخاً متشعوذاً طلب إحضار دجاجة كشرط لإنجاح الانقلاب، لكن الدجاجة نفقت داخل صندوق سيارة أحد الضباط قبل وصولها إليه، ففشل الانقلاب. وحين استجوب الشيخ من قبل السلطات الرسمية عن سبب إخفائه الأمر ولم يبلغ السلطات بذلك، ذكر أنه رأى في المنام فشل الانقلاب، لذلك آثر عدم التبليغ.

ولم يتجاهل فنانو الكاريكاتير والرسم الهزلي الساخر، ظاهرة استغلال الحيوانات والحشرات في السياسة، فقد فاضت منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الصحافية على الإنترنت، برسوماتهم الضاحكة وتعليقاتهم الذكية الناقدة لتلك "الواقعية السحرية" التي فشت في البلاد على ألسنة المسؤولين الحكوميين، وضاف لها الخيال الشعبي بهاراً وملحاً لتصبح فاكهة في مجالس الأنس السودانية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان تعيد إحياء كليلة ودمنة في  إسقاطات سياسية على لسان الحيوانات السودان تعيد إحياء كليلة ودمنة في  إسقاطات سياسية على لسان الحيوانات



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا
 العرب اليوم - وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 00:21 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة
 العرب اليوم - مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة

GMT 14:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
 العرب اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 07:30 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

سوق الأسهم السعودية تختتم الأسبوع بارتفاع قدره 25 نقطة

GMT 15:16 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

فليك يتوجه بطلب عاجل لإدارة برشلونة بسبب ليفاندوفسكي

GMT 16:08 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سحب دواء لعلاج ضغط الدم المرتفع من الصيدليات في مصر

GMT 15:21 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

لاعب برشلونة دي يونغ يُفكر في الانضمام للدوري الإنكليزي

GMT 08:12 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ممرات الشرق الآمنة ما بعد الأسد

GMT 14:05 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سيمون تتحدث عن علاقة مدحت صالح بشهرتها

GMT 15:51 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

غارة إسرائيلية على مستودعات ذخيرة في ريف دمشق الغربي

GMT 04:46 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6.1 درجة يضرب تشيلي

GMT 11:50 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الهلال السعودي يكشف سبب غياب نيمار عن التدريبات

GMT 19:57 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أبل تدفع 95 مليون دولار في دعوى لانتهاك الخصوصية

GMT 14:07 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

المجر تخسر مليار يورو من مساعدات الاتحاد الأوروبي

GMT 11:47 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

كيروش يقترب من قيادة تدريب منتخب تونس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab