يعود مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، الأربعاء، إلى العاصمة السعودية الرياض التي كان بدأ منها جولته الأولى في سياق مهمته الأممية التي كُلِّف بها لإحياء عملية السلام في اليمن، وذلك قبل العودة إلى نيويورك لتقديم إحاطته الأولى لمجلس الأمن الدولي في السابع عشر من الشهر الجاري.
وأكدت مصادر في الحكومة اليمنية لـ"الشرق الأوسط" أن غريفيث، سيعود إلى الرياض الأربعاء، للقاء قيادة الشرعية ممثلة في الرئيس عبدربه منصور هادي، إلى جانب لقاءات متوقعة له مع مسؤولين خليجيين وسفراء غربيين في الرياض.
ومن المرتقب أن يبحث المبعوث الأممي مع قيادات الشرعية اليمنية ما توصل إليه خلال جولته في المنطقة واستماعه إلى مختلف الأطراف اليمنية والإقليمية التي قابلها في صنعاء ومسقط وأبوظبي في الأسابيع الثلاثة الماضية.
ومن المقرر أن يقدم غريفيث، طبقا لتصريحات سابقة له، أول تقرير له إلى مجلس الأمن الدولي في السابع عشر من هذا الشهر، بخصوص المؤشرات التي لمسها من الأطراف اليمنية والإقليمية تجاه استئناف المفاوضات والتوصل إلى حل للسلام يقوم على المرجعيات المتوافق حولها.
كان المبعوث الدولي التقى، الشهر الماضي، قيادة الشرعية في اليمن في مطلع مهمته الأممية قبل أن يتوجه إلى صنعاء ماكثا 8 أيام للاستماع إلى قيادات ميليشيات الحوثي والمكونات الأخرى الخاضعة له، إلى جانب لقائه مع قيادات حزب «المؤتمر الشعبي».
ووعد غريفيث بزيارة مدينتي عدن والمكلا عقب عودته من حضور مؤتمر جنيف الذي نظمته الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، من أجل حشد الدعم المالي من المانحين لتمويل خطة استجابتها الإنسانية، إلا أنه تراجع عن الزيارة لأسباب أمنية ولوجيستية، طبقاً لما أفاد به مكتبه.
كانت أولى الوجهات التي اختارها المبعوث الأممي، بعد عودته من جنيف، هي العاصمة العمانية مسقط، التي التقى فيها مسؤولين عُمانيين، وممثلين عن جماعة الحوثي وقيادات في حزب «المؤتمر الشعبي».
وكشف في تصريحاته في أثناء وجوده في مسقط، أنه لمس رغبة من كل الأطراف الدولية واليمنية لجهة التوصل إلى سلام، في حين أبدى القيادي البارز في حزب المؤتمر أبو بكر القربي، إعجاباً بمدى إلمام غريفيث بالأزمة في بلاده، وهو ما يشير إلى إمكانية نجاح المهمة الأممية.
وكانت العاصمة الإماراتية أبوظبي هي المحطة الأخرى التي ألقى فيها غريفيث رحاله في سياق المهمة الصعبة التي أُسندت إليه في إثر سلفه الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد. وعقد غريفيث في هذه المحطة لقاءات مع نائب رئيس دولة الإمارات ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، وعدد من قيادات الحراك الجنوبي، إضافة إلى قيادات أخرى في حزب «المؤتمر الشعبي».
ولم تظهر بعد ملامح الحل الذي يطمح غريفيث إلى تحقيقه، إلا أنه من المرجح أن يطرح على مجلس الأمن عقب الإحاطة المنتظرة، تفاصيل خطته التي سيقترحها على الأطراف اليمنية.
كانت مصادر دبلوماسية سرّبت في وقت سابق جانباً من خطة غريفيث، التي قالت إنه يسعى من خلالها إلى تحقيق اتفاق سلام سريع بين الأطراف اليمنية، قبل الدخول في مفاوضات الحل النهائي.
ومن غير المعروف ما إذا كانت الأطراف المعنية بالأزمة ستقدم التنازلات اللازمة للتوصل إلى الحل، خصوصاً مع تعنت ميليشيات الحوثي الانقلابية، وإفشالها للمساعي الأممية السابقة، وإصرار الحكومة الشرعية على الالتزام بمرجعيات الحل المتفق عليها، وفي مقدمها قرار مجلس الأمن 2216، الداعي إلى إنهاء الانقلاب الحوثي، وتسليم السلاح وانسحاب الميليشيات من المدن ومن مؤسسات الدولة.
وتبدي الأطراف الدولية والأوساط الغربية تفاؤلاً بنجاح المبعوث البريطاني غريفيث في مساعيه لإحلال السلام اعتماداً على خبرته السابقة في إنهاء النزاعات المسلحة وإلمامه بتفاصيل الأزمة في اليمن وأطرافها الفاعلة. غير أن التصعيد الأخير لميليشيات الانقلاب الحوثي، الذي بدأ مع زيارة المبعوث الأممي لصنعاء، عبر تكثيف إطلاق الصواريخ على المدن السعودية، وما تلاه من استهداف للملاحة في البحر الأحمر، قد يشكّل القشة التي ستقصم ظهر المساعي الأممية، وتعيد الإجماع الدولي لترجيح خيار الحسم العسكري ضد الانقلاب الحوثي الممول إيرانيا.
أرسل تعليقك