بيروت - فادي سماحة
عكس الاتفاق بين رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري و"التيار الوطني الحر" على ملف التنقيب على النفط، انفراجا سياسيا في البلاد، فتح آفاقا لحوارات أخرى تشمل ملفات أخرى، وسط تشكيك بأن تؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية.
وتوصل بري مع "التيار الوطني الحر" الذي يرأسه النائب ميشال عون، إلى اتفاق ينهي الخلافات السابقة التي أعاقت البدء باستفادة لبنان من ثروته النفطية، قضى بطرح كامل المنطقة الاقتصادية اللبنانية في البحر المقسمة إلى 10 بلوكات، أمام الشركات النفطية، على أن يتم تلزيم ثلاثة منها لبدء التنقيب واستخراج النفط في السنوات القليلة المقبلة.لكن هذا الاتفاق الذي فتح ثغرة في جدار الأزمات اللبنانية للحوار على ملفات كثيرة، لا يبدو أنه سيصل إلى الاتفاق على انتخاب رئيس الجمهورية.
وقال عضو كتلة المستقبل النائب محمد قباني لـ"الشرق الأوسط" إنه "لا توجد علاقة مباشرة بين الاتفاق وانتخابات الرئاسة"، مشيرا إلى أن الاتفاق "أحدث انفراجا في البلاد، وهو ما سيؤدي إلى انفراج اقتصادي ومالي، ولا بد أن ينعكس إيجابا على الجو السياسي".ولا يرتبط الانفراج بقضية الفراغ الرئاسي، لأن ملف الرئاسة تكتنفه تعقيدات دولية وداخلية، وهو ما أشار إليه عضو كتلة "المستقبل" النائب جان أوغاسبيان، بقول: إن "جميع الملفات متصلة ببعضها، لكن ملف الرئاسة هو مسألة غير لبنانية وليست موجودة في لبنان، ومن يعتبر أن الخيارات الداخلية هي التي تمنع انتخاب الرئيس يكون كمن يبسط الأمور كثيرا". وقال في حديث إلى تلفزيون "المستقبل": "إذا حصل لقاء بين بري وعون، فهذا يعتبر أمرا جيدا، وقد يكون له الكثير من الإيجابيات، ويمكن أن يفرج عن بعض الملفات العالقة، لكن موضوع النفط ليس له أي تأثير لا من قريب أو بعيد، ولا يغير في مواقف ومواقع قوى بالنسبة إلى مسألة رئاسة الجمهورية، التي باتت مسألة إقليمية مرتبطة بالجانب الإيراني".
وفي حين تعاطى وزير الطاقة والمياه أرتيور نظريان مع الاتفاق من جانب تقني، بوصفه "يطوى الاختلاف في وجهات النظر الذي كان حاصلا على استراتيجية التلزيم في البلوكات البحرية، الذي من شأنه تسريع إقرار المرسومين المتبقيين في مجلس الوزراء"، أعطى وزير المالية علي حسن خليل، المحسوب على بري، دفعا سياسيا بعد هذا الاتفاق؛ إذ اعتبر أن التحديات "تتطلب منا على المستوى السياسي وعيا وإدراكا أكبر لحقيقة إلا خيار لنا إلا أن نلتقي مع بعضنا البعض على قاعدة الحوار المفتوح المسؤول، لنصل إلى تسويات لأزماتنا السياسية"، مشددا على أن "الانتصار يكون بالاقتراب من بعضنا البعض في القضايا الخلافية؛ كي نصل إلى المشترك فيما بيننا على المستوى السياسي".
وفيما يرتبط بملف النفط، أكد رئيس لجنة الأشغال والطاقة النيابية محمد قباني أن مضمون الاتفاق بين بري وعون يشير إلى أن الخلافات السابقة التي أعاقت الانطلاق بالاستفادة من الثروة النفطية اللبنانية، كانت قائمة بسبب التباين حول أسلوب التلزيم للتنقيب عن النفط، وقد "حصل اتفاق حالي وأزيل التباين، مما يسهل عملية الاستفادة من نفطنا".
وقال قباني: "الخطوات القانونية التي ستلي الاتفاق الآن، تتمثل في أن يدعو رئيس الحكومة تمام سلام اللجنة الوزارية المخصصة لملف النفط التي يرأسها أيضا، إلى اجتماع قريب لاتخاذ قرار ضروري مرتبط بإقرار المرسومين الخاصين بالتنقيب عن النفط، إضافة إلى القانون الضريبي الخاص بالملف".والمرسومان المنوي إصدارهما، هما أولا إقرار البلوكات البحرية العشرة التي تقسم المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة في البحر، التي تقارب مساحتها العشرين ألف كيلومتر مربع، مع خريطتها ومواقعها الجغرافية، تمهيدا لعرضها على الشركات الراغبة بالاستثمار فيها.
أما المرسوم الثاني، فهو مسودة الاتفاقية بين لبنان والشركات التي ستشارك بالعروض بالتنقيب عن النفط واستخراجه. ويُضاف ذلك إلى مهمة ملقاة على عاتق الحكومة، وهي إقرار مشروع قانون تصدره الحكومة اللبنانية، وهو القانون الضريبي الذي ستتقدم الشركات العالمية للاستثمار بناء عليه، وبعدها إحالة مشروع القانون إلى المجلس النيابي للموافقة عليه وإقراره.وقال قباني إنه بعد انتهاء اللجنة الوزارية والحكومة ومجلس النواب من إقرار المراسيم والقانون الضريبي، عندها تبدأ هيئة إدارة قطاع النفط والبترول عملها على خط إعادة تأهيل الشركات التي تقدمت في وقت سابق بعروض للاستثمار في لبنان، أو فتح المجال لشركات جديدة، وطرح البلوكات العشرة للتلزيم على الشركات التي ستقدم عروضها حول أي بلوكات يهمها الاستثمار فيها. وعلى ضوئها، يتم اتخاذ القرار اللبناني النهائي لجهة اختيار ثلاثة بلوكات من أصل عشرة وطرحها للاستثمار.
أرسل تعليقك