أعلنت قيادة عمليات الجزيرة في محافظة الأنبار، الإثنين، مقتل 57 متطرفًا من تنظيم "داعش"، في قصف جوي استهدفهم غرب بحيرة الرزازة، في وقت يهدد فيه الصراع السياسي بين الاحزاب السنية في الأنبار بتقسيمها إلى محافظتين.
وقال قائد عمليات الأنبار، اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، في تصريحات لـ"العرب اليوم"، إن طيران التحالف الدولي قتل 57 متطرفًا في ضربات جوية غرب بحيرة الرزازة، من خلال تدمير خمسة أنفاق للمتطرفين وخمس عجلات. وأضاف أنه تم تنفيذ ضربة جوية وتدمير مستودعات أسلحة لتنظيم "داعش" في الزنكورة، مشيرًا إلى أن القوات الأمنية أصبحت قريبة من جسر علي الحاتم.
وأشار "المحمداوي" إلى أن القوات الأمنية تمكنت أيضًا من تنفيذ عمليات عسكرية، وفي وقت متزامن، لتطهير منطقة الجواعنة، في قضاء هيت (70 كم غربي الرمادي) من تنظيم "داعش"، ما أسفر عن مقتل ستة من عناصر التنظيم، وتدمير ثلاث عجلات مفخخة يقودها انتحاريون، حاولوا استهداف القوات خلال معارك التحرير. وأضاف أن القوات المشتركة شنت عملية أخرى في وقت متزامن، استهدفت معاقل وتجمعات التنظيم المتطرف في منطقة الدولاب، مما أسفر عن تدمير أربع مضافات، وضبط مخبأ كبير للأسلحة، وتفجير منصة لإطلاق الصواريخ.
وأوضح "المحمدي" أن القوات شنت عملية تفتيش وتمشيط لحي أمينة، في قضاء هيت المحرر، غربي الرمادي. وتم العثور على كدس للعتاد والعبوات الناسفة، يحتوي على 47 صاروخ SPG9 و18 صاروخًا ضد الدروع، محلي الصنع ، و42 قذيفة هاون، وحزام ناسف.
وفي محافظة صلاح الدين، أفاد مصدر أمني، الإثنين، بأن 72 عنصرًا من تنظيم "داعش" قتلوا خلال صد هجوم لهم بسيارات مفخخة يقودها انتحاريون، شمال تكريت (170كم شمال العاصمة بغداد). وقال المصدر، في تصريح لـ"العرب اليوم"، إن القوات المشتركة تمكنت، في ساعة متقدمة من ليل الأحد، من صد هجوم للتنظيم بأربع سيارات مفخخة يقودها انتحاريون، استهدفت القوات الأمنية المتواجدة في ناحية مكحول (90كم شمال تكريت)، مما أسفر عن مقتل 72 عنصرًا من التنظيم، شاركوا في الهجوم، مع تفجير السيارات المفخخة قبل. وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن القوات الأمنية المشتركة تمكنت من صد الهجوم دون وقوع خسائر.
وكانت خلية الإعلام الحربي أعلنت، في 24 حزيران / يونيو، أن القوات المشتركة حررت ناحية مكحول، شمالي تكريت (170كم شمال العاصمة بغداد)، من سيطرة تنظيم "داعش"، فيما أكدت أن القوات تتقدم باتجاه قضاء الشرقاط، شمال تكريت. هذا ويزداد الصراع السياسي داخل المحافظات المحتلة من قبل "داعش"، أو التي حررت أجزاء واسعة فيها من سيطرة التنظيم، حيث وصلت موجة التغييرات السياسية إلى الموصل هذه المرة، بعد الأنبار، التي أقال مجلسها مؤخرًا المحافظ صهيب الراوي.
وفي الموصل، التي تعثرت عملية تحريرها أكثر من مرة بسبب إفشاء أسرار خطة التحرير، تستعد إحدى الكتل السياسية لاستجواب المحافظ نوفل العاكوب، حول قضايا فساد، واختفاء مبلغ يزيد عن 10 مليارات دينار.
وكانت موجة التغييرات قد انطلقت من ديالى، التي شهدت صراعًا بين الحزب الإسلامي وكتلة بدر، ثم انتقلت إلى محافظة صلاح الدين، التي عاد اليها المحافظ السابق أحمد الجبوري، بعد تحريرها من "داعش". وتوقفت الموجة قليلاً في الانبار، لكنها قد تهدد الآن بتقسيم المحافظة إلى محافظتين، شرقية وغربية.
وصوّت مجلس محافظة الأنبار بالأغلبية، الأسبوع الماضي، بالتزامن مع قرب الحسم في الفلوجة، على إقالة المحافظ صهيب الراوي من منصبه. ورفض "الراوي" قرار إقالته، ووصفه بأنه "استهداف سياسي"، وأعلن استمراره في إدارة وتصريف أمور المحافظة لحين إصدار القضاء لحكمه.
وكان مجلس محافظة الأنبار قد صوت، في نهاية 2014، على اختيار "الراوي" محافظًا جديدًا. وارتفعت حظوظه ليكون مرشحًا لشغل منصب محافظ الأنبار بعد انسحاب اثنين من المرشحين لصالحه، هما أركان الطرموز، وحميد أحمد. واختير "الراوي" بدلاً من محافظ الأنبار السابق أحمد الدليمي، الذي أُعفي من منصبه بعد تعرضه لإصابة بالغة أثناء العمليات الأمنية ضد "داعش"، في ناحية بروانة، في أيلول / سبتمبر عام 2014.
لكن، حسب تسريبات من داخل الأنبار، فإن إحدى الزعامات العشائرية، وقياديًا سابقًا في الصحوات، وهو أحمد أبو ريشة، كانوا يقفون وراء الحراك الأخير لمواجهة الحزب الإسلامي، الذي يهيمن على أغلب المفاصل السياسية في المحافظة. وتسعى الأغلبية في مجلس الأنبار، التي اطلقت على نفسها "كتلة الإصلاح"، وتتكون من 17 عضوًا من أصل 30، إلى إعادة رئيس مجلس المحافظة السابق جاسم الحلبوسي إلى المنصب مرة أخرى. وكان "الحلبوسي"، رئيس كتلة الإصلاح، وعضو مجلس محافظة الأنبار، قد أقيل من رئاسة مجلس المحافظة عام 2011، بسبب سوء إدارته، واستغلاله للمنصب، حسب ما جاء في قرار الإقالة.
في المقابل، وفي مناورة سياسية، انضم صباح كرحوت، الرئيس الحالي لمجلس محافظة الأنبار، إلى الأغلبية التي تطالب بتغييره. ويبدو أن الأخير هو من أقنع فريق التغيير بتصويب الاتهامات نحو المحافظ صهيب الراوي، بدلاً منه. وأعلنت كتلة الإصلاح في مجلس الأنبار، قبيل إقالة "الراوي"، انضمام "كرحوت" إليها، لكنها أكدت أن ذلك لا يحول دون إقالته. وصوت مجلس محافظة الأنبار، في نهاية تموز / يوليو 2013، على انتخاب صباح كرحوت رئيسًا لمجلس المحافظة.
بدوره قال فرحان محمد، وهو ممثل للكتلة الداعمة للمحافظ المقال في مجلس محافظة الأنبار، إن "الراوي" كان مريضًا، وكتلة الإصلاح لم تنتظر شفاءه واستعجلت إقالته. وأكد، أن فريق الأغلبية، الذي أقال المحافظ، كان يبيت النية في ذلك، سواء كان المحافظ موجودًا او غائبًا.
وكانت كتلة الإصلاح في الأنبار قد قامت باستجواب المحافظ "غيابيًا"، الأسبوع الماضي، ثم عقدت جلسة ثانية بعد جلسة الاستجواب بنصف ساعة فقط. لكن "محمد" يرى أن الجلسة الثانية مخالفة للقانون، وقال: " يجب أن نبلغ بالجلسة الثانية قبل 48 ساعة من موعد عقدها".
وفي المقابل، قدم "الراوي" طعنًا إلى المحكمة الإدارية، للنظر في إجازته المرضية. ويؤكد الفريق المقرب منه بأنه نزيه، واستطاع استقطاب دعم دولي كبير من أجل نازحي الأنبار وإعادة الإعمار. وأضاف فرحان محمد بالقول: "المحافظ فعل ما بوسعه، لكننا لانملك أموالاً كافية، نحن تسلمنا 16 مليار دينار فقط من موازنة العام الحالي، التي تصل إلى 57 مليارًا، فيما وصلنا العام الماضي 52 مليار دينار، من أصل 163 مليار".
واتهم المسؤول المحلي مسؤولين غائبين عن الأنبار منذ أكثر من عام، كوزير الكهرباء قاسم الفهداوي، وزعيم الصحوات السابق أحمد ابو ريشة، بالسعي لتغيير الخارطة السياسية في المحافظة. وأكد أن جمهور "الراوي" رد على هذا التدخل، بطلب قُدّم إلى البرلمان لاستحداث محافظة غربية في الأنبار.
وكشف عضو مجلس محافظة الأنبار عن وجود نية لانضمام 6 أقضية هي: حديثة، راوة، عانة، القائم، الرطبة، وهيت، لتشكيل المحافظة الغربية، مبينًا أن سبب ذلك هو رفض سكان تلك الأقضية لسيطرة بعض الشخصيات على مناطقهم.
لكنّ حميد هاشم، عضو مجلس الأنبار عن كتلة الاصلاح، قلل من شأن تلك المقترحات، مؤكدًا رفض كتلته لمساعي تقسيم المحافظة. ورفض "هاشم" الاعتراف بقانونية الإجازة المرضية التي يتحجج بها المحافظ، ورأى أن الأخير "يتمارض"، وانه كان يفاوض حتى بعد منتصف ليلة إقالته لتأجيل الاستجواب.
وقدم "الراوي" في صباح يوم الإقالة إجازة مرضية من مستشفى اليرموك في بغداد، تؤكد إصابته بانزلاق غضروفي. وأشار "هاشم" إلى أن كتلته لم تفتح باب الترشيح لمنصب المحافظ، حتى تبتّ المحكمة الإدارية في الطعن الذي قدمه "الراوي" على قرار إقالته.
ويبدو أن العدوى انتقلت إلى مجلس محافظة نينوى، الذي تستعد فيه كتلة "مستقلون"، التي تضم 10 أعضاء، لتقديم طلب استجواب للمحافظ نوفل العاكوب، الذي انتخب بديلاً عن المحافظ السابق أثيل النجيفي. وقال علي خضر، العضو المنشق عن كتلة النهضة، التي ينتمي لها "العاكوب": "إن الطلب لم يدخل مرحلة الجدية بعد، كما أننا بحاجة الى توقيع 13 عضوًا، أي ثلث أعضاء المجلس، المتكون من 39 عضوًا".
وأوضح "خضر" أن هناك محاور للاستجواب، بينها اختفاء مبلغ 11 مليار دينار كانت مخصصة كرواتب للموظفين النازحين من وزارة الصحة، وأكد أنه غير متأكد من مصير هذا المبلغ، مشيرًا الى أن مجلس المحافظة يزعم احتجاز المبلغ لدى البنك المركزي بسبب ظروف تتعلق بوضع المحافظة، التي يسيطر عليها "داعش".
ويواجه نوفل العاكوب اتهامات أخرى تتعلق بالنازحين، وسوء إدارة المحافظة، كما يقول أبنيان الجربا، رئيس كتلة "مدنيون" في المحافظة. وأضاف "الجربا"، أن الاستجواب سيكون جاهزًا قريبًا"، مبينًا انه يسعى لمعرفة سبب توقف عمليات تحرير الموصل.
واعترف رئيس الوزراء حيدر العبادي، مؤخراً، بتغيير الخطة العسكرية الخاصة بتحرير الموصل، بعد تسريبها في وقت سابق من قبل أعضاء في البرلمان. ووجه "العبادي"، أواخر الشهر الماضي، بفتح تحقيق حول تصريحات أدلى بها بعض القادة العسكريين، أفشوا من خلالها الخطط العسكرية الخاصة بعملية استعادة السيطرة على ناحية القيارة، جنوبي مدينة الموصل.
أرسل تعليقك