مكة المكرمة ـ سعيد الغامدي
دعت قيادات الجاليات الإسلامية في العالم، وعدد من المفكرين والمختصين في الشأن الإسلامي، الدول والحكومات إلى "الكف عن حضانة ودعم الجماعات المتطرفة، والانضمام الكامل إلى الجهود الدولية التي تقودها المملكة العربية السعودية إسلامياً في بعديها العسكري والفكري من أجل محاربة التطرف والإرهاب"، مشيدين بنتائج القمة العربية الإسلامية الأميركية التي استضافتها المملكة، وما تضمنه بيان إعلان الرياض من اعتراف بدور العالم الإسلامي في التصدي للإرهاب.
وأعرب المشاركون في أعمال الندوة الدولية "الجاليات المسلمة في البلدان غير الإسلامية الحقوق والواجبات" التي نظمتها رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة يومي الأحد والاثنين، وافتتحها الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، عن تأييدهم الكامل لأهداف تأسيس المركز العالمي لمحاربة الفكر المتطرف "اعتدال"، مبينين أنه يعد امتداداً لمبادرات المملكة العربية السعودية في نشر قيم التسامح والتعايش ومبادئ الوسطية والاعتدال. وأشاد المشاركون من قيادات ومراجع علمية ودعوية وفكرية في الجاليات يتبع بعضهم 500 مؤسسة إسلامية؛ بنتائج القمة العربية الإسلامية الأميركية، التي أكدت على أهمية الدور القيادي والمحوري للسعودية في العالم الإسلامي، وفي محاربة التطرف والإرهاب، وما تحظى به من سمعة طيبة وتأثير إقليمي ودولي مستحق؛ ولجهودها الحثيثة في معالجة مختلف القضايا العربية والإسلامية، ودعمها القضايا الإنسانية في العالم، وإسهاماتها في تخفيف التوترات ومنع الصراعات.
ودعا البيان إلى عدم التدخل في أحوال الجاليات المسلمة وطبيعة علاقتها مع دولها، مشيراً إلى أن هذا الشأن يخص المسلمين خارج العالم الإسلامي الذين لهم مرجعيتهم وقياداتهم الدينية المستقلة، كما يخص مظلة الشعوب الإسلامية "رابطة العالم الإسلامي"، فيما تقدمه من إرشاد وتوعية ودعم تُقدره الجاليات الإسلامية عالياً بحكم اختصاص الرابطة، ووزنها العالمي، ودورها المحوري المبني على قاعدة استطلاعات شاملة ودقيقة، وصلتها المستحقة بشؤونهم واحترامهم الكبير لها.
وأشاد المشاركون في السياق ذاته بالجهود الإسلامية المتميزة التي تقوم بها رابطة العالم الإسلامي، وبخطاب الوعي للأمين العام للرابطة الدكتور العيسى، مؤكدين أنه ينسجم مع هَدي الشرع ومنطق العقل، وهو ما يحقق للجاليات المسلمة سكينتها ويعزز الثقة بها، وينسجم مع مطالباتها بحقوقها وفق الأساليب الدستورية والقانونية لكل دولة، شاكرين للرابطة دعمها القانوني لهم في هذه المطالبات في سياقها الحضاري.وشدد المشاركون في توصياتهم على ضرورة تعاون الجهات المختلفة في التصدي للأفكار المتطرفة والإرهابية، والحيلولة دون تسللها إلى أبناء الجاليات الإسلامية.
وأهابوا بالمؤسسات الإسلامية في الغرب بالبعد عن المفاهيم والخلافات التي تؤثر على الوحدة والألفة الإسلامية، وإلى العمل الدؤوب على تحصين الجاليات المسلمة من اختراقات جماعات الإسلام السياسي ودعاة الطائفية والمذهبية، وتعزيز خطاب الرابطة الشرعي والقانوني في المطالبة باحترام الخصوصية الدينية للمسلمين في الدول غير الإسلامية، وكفالة حرية ممارستهم لشعائرهم الدينية، وبخاصة الحجاب وبناء المساجد والمدارس الإسلامية وغيرها.
وأعرب البيان عن تأييد المشاركين للخطاب الديني الذي تنشره رابطة العالم الإسلامي؛ لما تضمنه من رؤية بعيدة تسعى إلى تحقيق مصلحة الجاليات الإسلامية عبر الأدوات الدستورية والقانونية، وصون مكتسباتها عن عبث التيارات المتطرفة الداعية إلى التخالف مع المجتمع، والإخلال بأمنه، وعدم احترام العهود والمواثيق والعقد الاجتماعي الجامع لمكونات هذه الدول، ما يعرّض الجاليات المسلمة لخطر التطرف المضاد والإساءة لسمعتها والتوجس منها، فضلاً عن تعرضها للمخاطر الأخرى.
وحذر البيان من التأثيرات السلبية التي تتعرض لها الجاليات المسلمة بسبب تدخلات من لا يعرفون أحوال تلك المجتمعات وظروف الجاليات الإسلامية فيها، ولا دراية له بخصوصية فقهها، والحذر من الانسياق خلف العاطفة المجردة من استطلاع الأبعاد المستقبلية والحالة الدستورية والقانونية التي تحكم هذه الدول وتنظم سيادتها وعقدها الاجتماعي على ضوء الصيغة الديمقراطية في كل دولة.
ودعا البيان رابطة العالم الإسلامي إلى إنشاء مركز عالمي تواصلي خاص بالأقليات المسلمة، يسعى إلى تعزيز علاقتها بالعالم الإسلامي، وتطوير شراكاتها مع المؤسسات الإسلامية والدولية.كما دعا الأجهزة والمنظمات المعنية بالتربية والتعليم والإعلام في الغرب إلى الإسهام في تصحيح الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين كجزء من مسؤوليتهم الاجتماعية.
وأكد المشاركون على أهمية قيام المؤسسات الإسلامية في الغرب بإعادة هيكليتها وتطوير أدائها، والتنسيق فيما بينها ونبذ خلافاتها الضيقة، والتواصل مع صناع القرار السياسي والثقافي والاجتماعي في بلدانهم، والعمل مع الفعاليات السياسية والاجتماعية والحقوقية لتحقيق الخصوصية الدينية، ودعوة الجاليات الإسلامية إلى أن تكون في بلدانها مصدر إشعاع حضاري وعلمي وأنموذجاً متميزاً في حسن التعايش والتسامح، وأن تكون كذلك أنموذجاً في إثراء الدول التي تعيش فيها وإضافة لها يقدرها الجميع.
أرسل تعليقك