كشفت صحيفة "الحياة" أن أجهزة الأمن المصرية لديها أدلة دامغة على تنسيق تم العام الحالي بين فرع في جماعة "الإخوان المسلمين" وفرع تنظيم "داعش" شمال سيناء. وحسب المعلومات التي حصلت عليها الصحيفة، فإن أجهزة الأمن في مصر رصدت اتصالاً بين القيادي في "الإخوان" المقيم في تركيا علاء الدين السماحي وواحد من كوادر حركة "حسم"، الذراع العسكرية للجماعة في الداخل، كلفه خلاله السماحي التنسيق مع فرع "داعش" في سيناء.
وينحدر السماحي من محافظة الغربية، وهو مطلوب للأمن المصري بتهم الإرهاب، ومتهم في قضايا عدة متعلقة بنشاط "حسم"، إذ أقر متهمون موقوفون بالتورط في هجمات تلك الحركة تنفيذاً لتعليمات السماحي. وهو أيضاً أحد قيادات فرع الجماعة التابع للقيادي المقتول محمد كمال، مؤسس اللجان النوعية التابعة لـ "الإخوان" التي عُهد إليها في بداية عزل الرئيس محمد مرسي استهداف المرافق الخدمية، ثم تطور عنفها إلى حد تنفيذ اغتيالات استهدفت قوات الأمن والجيش والقضاة، ومنها انبثقت "حسم" و "لواء الثورة".
وأفيد بأن السماحي يعمد إلى التمويه على اتصالات بكوادر "حسم" في مصر، وهو وفق التصنيف الأمني مسؤول عن "حسم" وعملياتها في الداخل. لكن أجهزة مصرية تمكنت من اعتراض اتصال بينه وبين أحد كوادر "حسم" كلفه خلاله التنسيق مع شخص منحه وسيلة اتصال به، وأبلغه بأنه من جماعة سيناء، في إشارة إلى "داعش سيناء". وأشارت تحليلات إلى أن هذا التنسيق ليس جديداً، لكن الأرجح أن قيادات الجناح المسلح للجماعة في الخارج كلفت كادراً آخر التنسيق مع "داعش سيناء" بعد كشف اتصال معه قام به مهاب مصطفى السيد، المتهم (الفار) بالتخطيط لهجوم الكنيسة البطرسية في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وقالت مصادر لـ "الحياة" إن التنسيق بين مسلحي "حسم" وعناصر داعش سيناء تطور أخيراً ولم يعد يقتصر على الدعم المادي من الإخوان لتكليف داعش سيناء تنفيذ هجمات في العمق، مثل ما حدث في تفجيرات الكنائس العام الحالي، لكن الأمر تخطى هذه المرحلة إلى تولي مسلحي سيناء تدريب الجناح العسكري لـ "الإخوان" على وسائل تصنيع المتفجرات لتطوير قدراتهم وتمكينهم من شن هجمات في العمق المصري بسيارات مفخخة أو عبوات ناسفة، في مضاهاة لتكتيكات "داعش" شمال سيناء.
وأفيد بأن التنسيق بين حسم و داعش وتدريب عناصر الإخوان في معسكرات في سيناء، أسفر عن امتلاك خلايا تابعة للجناح المسلح في الإخوان مهارات تصنيع العبوات الناسفة واستهداف آليات الأمن في العمق المصري بتلك المتفجرات. ولفتت مصادر "الحياة" إلى الهجوم الذي استهدف بعبوة ناسفة متطورة الصنع حاملة نقل جنود على طريق الأوتوستراد جنوب القاهرة الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل ضابط وجرح جنود، في هجوم تشابه إلى درجة كبيرة مع هجمات العريش، وهو التفجير الذي خضع لتدقيق وتحليل أمنيين على أعلى مستوى كونه أول هجوم يستهدف بعبوة ناسفة رتلاً أمنياً متحركاً في قلب القاهرة.
وأشارت المصادر إلى أن من بين 14 شخصاً شكلوا معسكراً تدريبياً لـ"داعش" في الجهة الشرقية من مدينة الإسماعيلية (شرق قناة السويس في شبه جزيرة سيناء)، قُتلوا في مواجهات مع الأمن، اثنان على الأقل من أعضاء الإخوان هما علي أحمد عصام الدين، وخالد القرناوي (من سكان محافظة الشرقية). وأوضحت أن المواجهة التي تمت بين مسلحين على الطريق الإقليمي في الفيوم جنوب القاهرة قبل يومين، وقُتل فيها كادر من "حسم" ، دلت على أن اللقاء كان يهدف إلى ترتيب نقل مجموعة من الشباب إلى معسكر تدريبي في منطقة صحراوية متاخمة للطريق الصحراوي الغربي لتلقي تدريبات في معسكر تابع لـ "داعش".
وأشارت المصادر إلى أن المجموعة المكونة من 6 أشخاص التي تم توقيفها في شقة في حي العوايد غرب الإسكندرية نهاية الشهر الماضي وأقرت بانتمائها إلى داعش، تضم عضواً في الإخوان، وأن الانتحاريين اللذين كانا يُعدان لاستهداف كنائس في المدينة الساحلية بحزامين ناسفين، تم تهريبهما من السودان بمعرفة عضو في الإخوان يُدعى فارس فر إلى الجارة الجنوبية لمصر عام 2014. ومن دلائل التنسيق بين "حسم" و داعش سيناء، بحسب التقديرات الأمنية، التزامن بين الهجوم النوعي لـ "داعش" على مكامن البرث في رفح، وهجمات "حسم" في القاهرة والدلتا. فعشية هجوم رفح، استهدف مسلحون مكمناً على طريق 26 يوليو جنوب القاهرة، كما قتل مسلحون ضابطاً في الأمن الوطني في القليوبية شمال العاصمة.
وبعد أن دافع قياديون في الإخوان خلال إطلالاتهم على فضائيات تبث من تركيا، عن هجمات "حسم" الإرهابية واعتبروها مقاومة مشروعة، لوحظ انخراط الجماعة بشكل غير مسبوق في التباكي، في بيانات رسمية، على قتلى المواجهات بين قوات الشرطة والمسلحين الذين سقطوا في الإسماعيلية وأسيوط الأسبوعين الماضي والجاري، والذين قال الأمن إنهم تابعون لـ "داعش". وحتى مسلحو "داعش" الذين قُتلوا في مواجهات البرث ونشر الجيش صور جثامينهم ملقاة في الصحراء يرتدون زياً شبه عسكري، اعتبرتهم الجماعة ضحايا مدنيين.
وقال القيادي السابق في الجماعة الإسلامية في مصر ناجح إبراهيم لـ "الحياة" إن التنسيق بين الجناح المسلح في الإخوان و داعش ليس مستبعداً إطلاقاً. وأضاف: بعد ثورة 25 كانون الثاني/يناير عام 2011، حدثت سيولة في الحركات الإسلامية، وانخرط شباب الإخوان في علاقات مع قوى أخرى تكفيرية، مثل أجناد مصر وحازمون. وبعد عزل مرسي وفض اعتصامي الإخوان، مال شباب متشدد في الجماعة إلى تلك الجماعات التكفيرية، وتبنى بعضهم العنف المسلح سبيلاً لمعارضة النظام، وهذا الخيار يستلزم بالضرورة تنسيقاً مع القوى والجماعات التكفيرية التي تتبنى هذا النهج المسلح ابتداء... هناك تكفيريون انضموا الى الإخوان في أعقاب الثورة الأولى، وإخوان انضموا إلى التكفيريين في أعقاب الثورة الثانية.
وأشار إلى أن التزامن بين هجوم البرث والهجوم على محطة تحصيل الرسوم على طريق الجيش في العياط (جنوب القاهرة) وقتل ضابط في القليوبية وهجوم 26 يوليو، يؤكد هذا التنسيق. كما أن الهجوم على محطة تحصيل الرسوم والاستيلاء على متحصلاتها (الذي تبنته حسم) هو أسلوب الجماعات التكفيرية من أجل تمويل هجمات مقبلة. وأضاف: هناك تشابه متعاظم لما تقوم به حسم وداعش، والفصيلان أضرا بالإخوان التي عليها أن تسحب الغطاء السياسي والشرعي عنهما. ولفت إلى التنسيق بين الجماعتين يمكن أن يتطرق إلى التدريب أو الدعم المالي أو حتى تقسيم المناطق.
أرسل تعليقك