تونس_ العرب اليوم
مثل الموقف الأخير لرئيس الجمهورية قيس سعيد من الأزمة السياسية منعرجا حاسما في التضييق على حركة النهضة وكشف مناوراتها، فالحديث عن الدعوة لانتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة أقض مضجع تيار الإسلام السياسي في تونس خاصة وأن كل المؤشرات داخل البلاد تشير إلى انحسار شعبية حركة النهضة أمام تقدم الحزب الدستوري الحر فضلا عن تزايد شعبية زعيمته عبير موسي ومحافظة قيس سعيد على موقعه في نيل ثقة التونسيين.يشار إلى أن رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي الذي تقدم بمبادرة للحوار الوطني بين الفرقاء السياسيين كان قد نقل عن رئيس الجمهورية قوله إنه عازم على الذهاب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة وذلك فور الانتهاء من تنظيم استفتاء شعبي على تغيير النظام السياسي، وهو ما أثار مخاوف حركة النهضة التي سارعت لترويج خطاب الدعوة لحوار شامل والبحث عن توافقات جديدة وتوظيف وساطة شخصيات سياسية من أجل التفاوض مع رئيس الجمهورية.وفي سياق ذلك سارع رئيس البرلمان راشد الغنوشي للقاء سعيد بحثا عن توافق مغشوش يقول مقربون من الرئيس إنه مستبعد في ظل الشروط الصارمة التي يضعها الأخير قبل الجلوس للحوار مع حركة النهضة وحلفائها.
وتفيد كواليس الساحة السياسة بأن الحوار المرتقب بين الفرقاء السياسيين في تونس قد يشمل في المستوى القريب جوانب تتعلق بالاقتصاد والصحة، واستبدال أربعة وزراء من المعنيين بالتحوير الوزاري المعلق منذ ستة أشهر بآخرين لا تتعلق بهم شبهات فساد أو تضارب مصالح، وقد تخوض جلسات الحوار في مستوى متقدم في إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها أو تنصيب حكومة جديدة خلال أشهر ثم تتناول تنقيح الدستور وتغيير نظام الحكم إلى حكم رئاسي صريح أو برلماني صريح.ورغم تأكيدات حركة النهضة على لسان المستشار الخاص لرئيسها راشد الغنوشي، سامي الطريقي، بأن حزبهم لا يخشى الذهاب إلى الانتخابات إذا فشلت الحلول الدستورية، يعتبر مراقبون أن دعوة قيس سعيد لانتخابات مبكرة ولتغيير النظام السياسي ليكون برلمانيا صرفا أو رئاسيا كان صادما لحركة النهضة التي تتخبط في مشاكلها الداخلية ويضيق عليها الخناق خارجيا، كما أنه من شأن الانتخابات المبكرة أن تعري فشلها في إدارة أزمات البلاد خلال العشر سنوات الأخيرة التي حكمت فيها تونس.
سياسيا لا يبدو الفرقاء السياسيين متحمسين لحوار وطني تكون حركة النهضة طرفا فيه حيث ترفض حركة الشعب الحزب القريب من رئيس الجمهورية المشاركة في الحوار قبل رحيل حكومة المشيشي المدعومة من حركة النهضة الإخوانية. وقال أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية إن "النهضة مازالت تناور وتبحث عن إعادة إنتشار وتقاسم للسلطة، وما عليها إلا الاختيار بين تشكيل حكومة سياسية تتحمل مسؤولية نتائجها وحدها أو الذهاب إلى حوار تحت إشراف رئاسة الجمهورية مشروط برحيل الحكومة الحالية ومحاسبتها ".وأكد المغزاوي أنهم في حركة الشعب يرفضون الجلوس على طاولة الحوار من أجل تقاسم السلطة وفي حال غياب الحوار الحقيقي على السياسيين في تونس إتخاذ قرار شجاع بالذهاب لانتخابات مبكرة تعتبر مغامرة غير محسوبة في ظل ظروف البلاد الراهنة وفق تعبيره. ومن جهته قال النائب عن الحزب الدستوري الحر مجدي بوذينة في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية إن الغموض يكتنف عملية الحوار بأكملها فلا تتوضح شروطه ولا قواعده مؤكدا أن حزبه غير معني بهذا الحوار لأن الوضع في تونس لا يحتاج إلى حوار بقدر ما يحتاج إلى تفعيل مخرجات الحوارات التي أجريت في السابق.
وأضاف بوذينة " بالنسبة لنا هذا الحوار ضرب من إحياء العظام وهي رميم وإعادة تدوير منظومة الحكم الفاشلة في البلاد ولا يمكن أن يخدم مصلحة تونس وهو فقط يمنح جرعة جديدة من الأكسجين لحركة الإخوان في تونس".وأكد النائب أن الحزب الدستوري الحر متمسك بالمطالبة برحيل كامل منظومة الحكم الفاشلة التي فقرت التونسيين بدءا براشد الغنوشي وتنظيم الإخوان الإرهابي ووصولا إلى حكومة هشام المشيشي الفاشلة. وبخصوص فرضية إجراء الانتخابات المبكرة قال بوذينة إنها ليست هدفا بالنسبة للحزب الدستوري الحر وإن الأهم لحزبهم هو الإصلاح وانتشال البلاد من الأزمة المالية والاقتصادية التي تسببت فيها المنظومة الجاثمة على صدور التونسيين من عشر سنوات.أما المحلل السياسي مراد علالة فلا يتفق كثيرا مع من رفعوا سقف الانتظار من لقاء الغنوشي وسعيد، وقال علالة في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية إن هذه النوعية من اللقاءات والمشاورات التي تشهدها الساحة السياسية في تونس
تبقى مجرد محاولات لتنقية الأجواء وتطبيع العلاقات بين رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان وليست بهدف الخروج من الأزمة السياسية.وأضاف المحلل السياسي أن ما رجح من تصريحات قيس سعيد عن الحوار الوطني لم تكن فيه رؤى دقيقة لما يريده الرئيس كما أن حركة النهضة تشترط عدم المس برئيس الحكومة هشام المشيشي وعدم طرح تغيير النظام السياسي وكلها مقدمات تؤسس لحوار يغير الواقع السياسي.الجدير بالذكر أن لقاء سعيد والغنوشي الخميس في قصر قرطاج كان برقيا وظل دون مخرجات معلنة وقد جاء بعد قرابة عام من القطيعة وأشهر من الخصومة السياسية المعلنة بين الرجلين بسبب الخلافات المتفاقمة حول الصلاحيات الدستورية والتحوير الوزاري المعلق وإرساء المحكمة الدستورية وقيادة القوات الأمنية والعسكرية فضلا عن التحركات الديبلوماسية التي تمثل موقف تونس الرسمي في الخارج.
قد يهمك ايضا
حزب تونسي يطالب الرئيس قيس سعيد بتوضيحات حول مشاركة تونس بمناورات بحرية مع إسرائيل
فتح تحقيقات جديدة في محاولة إغتيال الرئيس التونسي
أرسل تعليقك