الجزائر ـ سناء سعداوي
ألغت السلطات الجزائرية حفلة فنية في محافظة ورقلة، عاصمة النفط في البلاد، بعد احتجاجات قبالة موقع الحفلة المفترضة، في سياق محاولات "تهدئة" للوضع في محافظات جنوبية، تزامت مع تعرض وفد حكومي لانتقادات في محافظة الجلفة إثر "تأخر" في تقديم العزاء في رحيل شخصية تاريخية.
وأعلنت الحكومة عبر هيئات ثقافية رسمية، إلغاء حفلة ورقلة، إثر احتجاج مجاميع شبابية رفعت شعارات مثل: "توفير العمل بدل صرف الأموال في المواعيد الفنية"، حتى صدر بيان باسم مجموعة من الناشطين في محافظة وادي سوف الصحراوية تُشْعر السلطات بإيقاف حفلة مماثلة.
وقضى مئات المعتصمين وأغلبهم شباب كانوا يعتصمون في شكل دوري قبل أسابيع قبالة مراكز للتشغيل أو مقر المحافظة، ليلتهم قبالة مركز ثقافي كان سيحتضن قافلة فنية بورقلة.
وتشكّل احتجاجات الجنوب الجزائري، وهي نادرة، مبعث قلق للسلطات المركزية في الجزائر العاصمة، وعادة ما تستجيب الحكومة في شكل مستعجل لكل حراك شعبي هناك، وقبل أسابيع كادت محافظة بشار أن تشهد احتجاجات عارمة بيد أن وزارة الداخلية الجزائرية سرّعت، بتعليمات من محافظ الولاية، الاستجابة لتلك المطالب.
كانت محافظة غرداية (600 كيلومتر جنوب العاصمة) شهدت أطول صراعات طائفية بين عرب وأمازيغ لأسباب طائفية بخلفيات اجتماعية وتنموية، قبل أن تمتد الاحتجاجات إلى عين صالح عندما أعلنت الحكومة بدء استغلال الغاز الصخري في المنطقة.
وأعادت الحكومة الجزائرية بعث الحياة في صندوق الهضاب العليا والجنوب وأقرت تقسيما إداريا انطلق من محافظات منتدبة جديدة ليبلغ منتهاه بمحافظات جديدة أبرزها في الجنوب، على أمل إنهاء اتهامها بالتهميش والجهوية.
وورقلة هي عاصمة النفط الجزائري وبها آبار حاسي مسعود الشهيرة، وفي العادة يشتكي شبابها من نقص فرص اليد العاملة على رغم "الأولوية" لهم في العمل في تلك الحقول النفطية.
وتزامنت احتجاجات ورقلة، مع تذمر بالغ شهدته محافظة الجلفة (جنوب العاصمة)، حيث دفن أهالي المحافظة شخصية عسكرية تاريخية مرموقة بغياب المشاركة الرسمية، على رغم صدور رسالة تعزية باسم الرئيس الجزائري تجاه عائلة الفقيد.
وتوجه لاحقا وزير الداخلية ومسؤولون في الحكومة إلى المحافظة في ممحاولة لتدارك الوضع، لكنهم قوبلوا بهتافات استهجان وانتقادات شديدة، إذ اعتبرها أهالي المنطقة رسالة سياسية من السلطات المركزية.
وتخضع منطقة الجنوب لولاءات عروشية أو لسلطة روحية لزعماء القبائل، لكن هذا الدور الذي استعانت به السلطات منذ استقلال البلاد بدأ في التلاشي، وهو ما جعل من احتجاجات الجنوب مبعث صداع للحكومات المتعاقبة.
أرسل تعليقك