بدأت عملية فرز الأصوات بعد الانتخابات الرئاسية التي شهدتها دولة مالي، أمس، وأغلقت مكاتب التصويت عند السادسة مساء، وسط إجراءات أمنية مشددة لم تمنع وقوع حوادث أدت إلى توقف التصويت في عشرات المكاتب بمناطق نائية من وسط وشمال البلاد.
ويتنافس 24 مرشحًا في هذه الانتخابات الرئاسية؛ أبرزهم الرئيس المنتهية ولايته إبراهيم أبو بكر كيتا، الذي يسعى لولاية رئاسية ثانية، لكنه يواجه منافسة قوية من زعيم المعارضة سوميلا سيسي، الذي يقود تحالفًا قويًا من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني.
وأضافت "الشرق الأوسط" كثيرا من مكاتب التصويت في العاصمة المالية باماكو، ولاحظت إقبالًا متوسطًا عليها في الساعات الأولى من الصباح، لكن مستوى الإقبال ارتفع مع حلول ساعات المساء، بينما أغلقت بعض مكاتب التصويت أبوابها وبقي التصويت مستمرًا لأكثر من ساعة بسبب وجود طوابير كثيرة داخل هذه المكاتب.
وحاولت السلطات في مالي تكذيب اتهامات المعارضة بوجود مشكلات في اللائحة الانتخابية، من خلال تعليق هذه اللائحة على أبواب جميع مكاتب التصويت البالغ عددها 23 ألف مكتب تصويت في البلاد، فيما قال الرئيس كيتا إن اتهامات المعارضة "غير مهمة، لأن الماليين الآن يحتفلون بالعرس الانتخابي الذي تشهده البلاد".
وأضاف كيتا عقب الإدلاء بصوته أن خير رد على شكوك المعارضة حيال اللائحة الانتخابية هو "فتح الباب أمام المراقبين الدوليين والصحافيين ومنظمات المجتمع المدني للاطلاع على العملية الانتخابية من بدايتها وحتى نهايتها، وبالتالي فإن هذا يساهم في كشف الحقيقة أمام الرأي العام المحلي والدولي".
وتابع كيتا أن "ما تشهده مالي هو عرس انتخابي، وسوف يحتفل به الماليون خلال الأيام المقبلة"، مشيدًا بالأجواء الهادئة التي تجري فيها الانتخابات، قبل أن يدعو الماليين إلى اليقظة ورفض تهييجهم من طرف "جهات لديها نيات سيئة"، على حد وصفه.
وكان الاتحاد الأوروبي أرسل بعثة مكونة من عشرات المراقبين إلى دولة مالي من أجل مراقبة الانتخابات الرئاسية، وقالت رئيسة هذه البعثة سيسيلي كيانج لـ"الشرق الأوسط" على هامش زيارتها أحد مكاتب التصويت في باماكو "إن الوضع مستقر وكل شيء طبيعي".
وأضافت كيانج "قمنا بعمل على الأرض، وفي مناطق واسعة من مالي، وزرنا 44 مكتب تصويت في باماكو ومحيطها، وهنالك فرق تجولت في جميع أنحاء مالي، لقد لاحظنا أن المكاتب تم فتحها في الوقت المناسب بنسبة 70 في المائة، والبقية فتحت بعد ذلك بدقائق، وكان تأخرها بسبب مشكلات فنية"، لكن رئيسة البعثة الأوروبية تحدثت عن وقوع "بعض المشكلات".
وأوضحت "نحن نتابع ما يجري من مشكلات هنا وهناك، وما حدث من هجمات ضد بعض مكاتب التصويت، ونتمنى ألا تؤثر بشكل عام على سير عملية الانتخابات، ونحن إذ نتابع الوضع ندعو للهدوء والحذر، مع أنه لم تصل إلينا أي شكاوى من أي جهة للإبلاغ عن مشكلات في عملية الاقتراع"، وأكدت كيانج أن الوضع في مالي "معقد جدًا" مما يصعب مهمة المراقبين الدوليين، لكنها أعلنت أن تقريرًا سيصدر عن البعثة في غضون أيام سيتطرق لمختلف المشكلات أو الخروقات التي قد تكون شابت عملية الانتخابات.
وأضافت أن "مالي تمر بظروف أمنية صعبة، والوضع الأمني هو الهاجس الأكبر لدى الجميع، ولكني زرت منطقة موبتي (وسط البلاد) واطلعت على الإجراءات التي اتخذها الجيش المالي بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة والقوات الدولية، وأعتقد أنهم قاموا بعمل جيد لحماية مكاتب التصويت".
ونشرت السلطات المالية 30 ألف جندي في مختلف مناطق مالي من أجل تأمين الانتخابات، بالتعاون مع القوات الدولية التابعة لبعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام، فيما أطلقت جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" يوم الجمعة الماضي تهديدات صريحة باستهداف مكاتب التصويت، ودعت الماليين إلى الابتعاد عنها وعدم التعاون مع السلطات في تنظيم الانتخابات.
وفي غضون ذلك، تعرضت عشرات مكاتب التصويت في مناطق متفرقة من مالي لهجمات شنها مسلحون مجهولون استخدموا في بعضها الأسلحة النارية، ما منع إجراء التصويت في هذه المكاتب، فيما توقف التصويت في بعضها قبل أن يستأنف، ولم تصدر أي تصريحات من طرف السلطات بخصوص هذه الهجمات المتفرقة وما إذا كانت ستؤثر في سير عملية الانتخابات، فيما قالت مصادر شبه رسمية لـ«الشرق الأوسط» إن مسلحين مجهولين دخلوا صباح أمس قرية ماريكو التابعة لدائرة أنيونو وقاموا بتخريب مكتب التصويت في القرية التي تبعد عدة مئات من الكيلومترات عن العاصمة باماكو؛ لكن هذه المصادر لم تشر إلى وقوع ضحايا خلال الهجوم، على غرار هجمات كثيرة أخرى استهدفت عدة مكاتب في قرى تابعة لمنطقة تمبكتو، وسط البلاد، ولكن المصادر عادت لتؤكد أن هذه العمليات المتفرقة "لن تؤثر على سير الانتخابات، لأنها قليلة بالمقارنة مع حالة الهدوء التي طبعت نسبة كبيرة من مكاتب التصويت في جميع أنحاء مالي البالغ عددها أكثر من 23 ألف مكتب تصويت".
وقال أوليفر سالجادور، المتحدث باسم بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي (مينوسما)، إن مسلحين أطلقوا 10 قذائف «مورتر» حول مدينة كيدال، في أقصى شمال شرقي مالي، وأضاف أن إحدى هذه القذائف انفجرت قرب مركز اقتراع في انتخابات الرئاسة. وأضاف المتحدث أن الهجوم لم يسفر عن سقوط أي قتلى، لكن جرى تعليق التصويت مؤقتا بعد وقوع الانفجار، ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن هذا الهجوم الذي استهدف أيضا القاعدة التي تضم بعثة الأمم المتحدة، كما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجمات المتفرقة التي استهدفت مكاتب التصويت الأخرى.
أرسل تعليقك