بيروت - العرب اليوم
عمّقت الدعوة إلى جلسة الحكومة المزمع عقدها، غداً الاثنين، في القصر الحكومي، الخلافات السياسية، وطاولت بتداعياتها التحالفات القائمة، وسط رفض قاطع من قبل «التيار الوطني الحر» للمشاركة، وتريث «حزب الله» باتخاذ القرار، فيما حاول رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تطمين الرافضين بالتأكيد أن دوافع عقد الجلسة تعود لإقرار ملفات أساسية «تتعلق بصحة المواطنين».
ودعا ميقاتي لجلسة حكومية، غداً الاثنين، في السراي الحكومي (مقر رئاسة مجلس الوزراء)، وهو ما أعاد الجدل السياسي والدستوري حول قانونية عقد جلسة لمجلس الوزراء في ظلّ الشغور الرئاسي. وتصدر «التيار الوطني الحر» القوى الرافضة لانعقادها، باعتبار الجلسة «غير دستورية في ظل الشغور الرئاسي»، وكون الحكومة «تحولت إلى تصريف أعمال منذ الانتخابات النيابية الأخيرة»، و«لم تحظَ بثقة البرلمان الجديد».
وحاول ميقاتي احتواء الجدل، بالتأكيد أن الجلسة ستعقد لتسيير أمور المواطنين، علماً أن جدول الأعمال تضمن 65 بنداً، بينها بنود متصلة بصرف 35 مليون دولار شهرياً لمدة 3 أشهر لزوم شراء أدوية للأمراض المستعصية. وأثارت البنود الأخرى رفضاً من قوى سياسية، بينها «القوات اللبنانية».
وأعلن ميقاتي، أمس، أن دعوته مجلس الوزراء إلى الانعقاد، الاثنين، «مردها إلى وجود ملفات أساسية تتعلق بصحة المواطن يقتضي البت بها». وشدد على أنه «بعد الاطلاع على الجدول الذي أعدته الأمانة العامة لمجلس الوزراء يمكن بسهولة استبعاد أكثر من 40 بنداً عن الجدول، ولن نقر، الاثنين، إلا الأمور التي نعتقد ويعتقد الوزراء أنها ضرورية».
وقال ميقاتي في تصريح في ختام رعايته افتتاح معرض الكتاب في بيروت: «منذ يوم الثلاثاء الفائت كنا أعلنا النية لعقد جلسة لمجلس الوزراء، بسبب وجود ملف ملحّ يقتضي البت فيه، ويتعلق بصحة المواطن، وخاصة مرضى غسل الكلى والسرطان. طلبت من الأمانة العامة لمجلس الوزراء إعداد جدول أعمال الجلسة، وقد وصلني الجدول، الخميس، متضمناً 318 بنداً، وهذا لا ينسجم مع التوجه لبتّ الملفات الملحة والاستثنائية، فطلبت تخفيض العدد حتى وصلنا إلى جدول أعمال بـ65 بنداً، بعد طلب عدد من الوزراء وضع بعض الملفات الأساسية لوزاراتهم، ولكن أقول اليوم (أمس) أيضاً إنه بعد الاطلاع على الجدول يمكن بسهولة استبعاد أكثر من 40 بنداً عن الجدول، ولن نقر، الاثنين، إلا الأمور التي نعتقد ويعتقد الوزراء أنها ضرورية». وأضاف: «قبل موعد الجلسة سنعيد إبلاغ السادة الوزراء بالجدول المعدل لكي نقوم بما هو مطلوب، وهو بت الملفات الطارئة والأساسية».
ورداً على سؤال، قال: «أسمع البعض يتحدث عن حكومة بتراء أو غير بتراء. الحكومة كاملة وما تقوم به هو تصريف الأعمال بهدف خدمة المواطن، ومن لديه بديل آخر فليتفضل، وأي أمر سيكون معروضاً على مجلس الوزراء، يجب أن يكون الوزير المختص حاضراً لمناقشته، وإذا كان الوزير غير حاضر في الجلسة فحتماً لن نعرضه للمناقشة».
وتابع: «أنا أقوم بواجبي كاملاً فيما يتعلق بالدعوة إلى الجلسة، وحسب معرفتي بالوزراء طوال الفترة الماضية، فهم يتمتعون بالحس الوطني ذاته وربما أكثر، ولذلك أعتقد أنه ستكون هناك مشاركة واسعة».
وقال: «قبل طرح السؤال: لماذا ندعو إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء؟ فليقم المعنيون بالاستعجال بانتخاب رئيس للجمهورية وتستقيم المؤسسات الدستورية كاملة وتقوم بواجبها». وأضاف: «يحز في نفسي أن يضع أحد دعوة مجلس الوزراء في إطار طائفي أو كأنه استهداف لفئة معينة»، متسائلاً: «هل نحن نفرق في التقديمات والمساعدات التي نقدمها بين مريض وآخر؟ هذا كلام غير مقبول».
ويحظى انعقاد الحكومة بتأييد قوى سياسية، بينها «حركة أمل» التي يترأسها رئيس البرلمان نبيه بري، وقال المعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل إنه «من دون إدارة تنفيذية لا يمكن للبلد أن يستمر»، مؤكداً أن «حكومة تصريف الأعمال عليها مسؤوليات، ولا يمكنها أن تستقيل من دورها في إدارة شؤون الناس وما يتعلق بحياتهم». وتابع: «مجلس النواب عمل على إقرار سلفة تغطي العجز في البلديات لتغطية الزيادات في الرواتب»، متسائلاً في هذا المجال: «هل تبقى الوزارات المعنية مستقيلة من دورها التنفيذي في ترجمة هذا القرار؟».
وأكد أنهم «بصدد إقرار قواعد عامة لا تدخلنا في روتين إداري بلا نتيجة، وهو أبسط ما يمكن أن يُقدم إلى بلديات عاجزة مالياً». وقال: «حجم القيمة الفعلية لليرة اللبنانية تراجع 2400 في المائة، وهذا الأمر لا يمكن أن يعالج إلا عبر إخراج البلد بأكمله من واقعه عبر خطة متكاملة ومترابطة».
وفيما لم تتخذ «القوات اللبنانية» موقفاً بعد من تأييد الجلسة من عدمها، بانتظار اجتماع لتكتل «الجمهورية القوية» يفترض أن يُعقد اليوم، أشار عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب فادي كرم في بيان، إلى أنه «لم نكن يوماً ضد اجتماع حكومة تصريف الأعمال لأسباب طارئة، ولكننا فوجئنا بدعوة حكومة تصريف الأعمال إلى اجتماع يوم الاثنين المقبل الواقع في الخامس من الحالي، وبجدول أعمال فضفاض يتضمن 65 بنداً، وكأنها ليست بحكومة تصريف أعمال، وكأننا لسنا في ظل فراغ رئاسي». وأضاف: «من هذا المنطلق بالذات نحن لسنا مع هذا الاجتماع للحكومة. وأما فيما يتعلق بالبند الذي له علاقة بصحة الناس وتأمين أدوية الأمراض المزمنة والسرطانية فيستطيع رئيس الحكومة إقراره بمرسوم جوال للضرورة القصوى».
وفي حال رفض «القوات»، يكون اجتماع الحكومة قد خسر غطاء أكبر كتلتين مسيحيتين في البرلمان، وهما «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» الذي يرفض بشدة انعقادها، ووصف النائب عنه غسان عطا الله تخفيض ميقاتي عدد بنود جدول الأعمال بأنه «استخفاف بعقول اللبنانيين والدستور والقوانين والتعاطي السياسي». وكان عطا الله رأى مساء الجمعة، أن ميقاتي يتخطى كل الأعراف، مضيفاً أن «محاولة تحدي فريق أساسي ووازن أمر مرفوض ومدان، ولا يسهّل العمل بالفراغ، ويزيد التوتر»، وقال إن هذه المحاولة «لن تمر».
أرسل تعليقك