تونس - العرب اليوم
بعقده اجتماعات مع 3 أطراف ساهمت في الحوار الوطني سنة 2013، يكون الرئيس التونسي قيس سعيد قد شرع في رسم ملامح مرحلة ما بعد حل البرلمان المجمد، والمرور إلى مرحلة الإعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة؛ خصوصاً الاستفتاء المزمع إجراؤه يوم 25 يوليو (تموز)، والانتخابات البرلمانية المنتظرة يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) 2022.
وسجلت هذه اللقاءات التي ضمت قيادات اتحاد الشغل (نقابة العمال) واتحاد الصناعة والتجارة (مجمع رجال الأعمال)، وعمادة المحامين، غياب الضلع الرابع، ونعني به الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان التي كانت من بين الرباعي الذي أشرف على الحوار الوطني قبل نحو 9 سنوات، وأفضى إلى تجاوز الأزمة السياسية آنذاك.
كما سجلت قائمة المشاركين المحتملين غياب الحديث عن مشاركة كل الأحزاب السياسية؛ سواء منها المساندة لخيارات الرئيس سعيد أو المناهضة لها، وهو ما طرح تساؤلات متعددة حول الأطراف المنتظر مشاركتها في الحوار الوطني الذي وعد به الرئيس التونسي، وتصريح القيادي في حركة «النهضة» رياض الشعيبي بأن هذا التغييب قد يخفي إقصاء لأطراف بعينها من الاستحقاقات الانتخابية، وهو ما سيضر بمصداقيتها على حد تعبيره.
ومن المنتظر اتخاذ عدة خطوات استعداداً للمرحلة السياسية المقبلة؛ حيث إن الرئيس التونسي أكد أن الحوار الوطني سيعتمد على نتائج ومخرجات الاستشارة الإلكترونية التي شهدتها تونس بداية السنة، وأفضت إلى عدة استنتاجات، من بينها اختيار التونسيين النظام الرئاسي، والاقتراع على الأفراد بدلاً من القوائم الانتخابية. وفي هذا السياق، أبدت عدة منظمات حقوقية وأحزاب سياسية، خشيتها من المسار الذي أعلنه سعيد؛ حيث أكد أن الحوار سيكون بناء على مخرجات الاستشارة الوطنية، وهو ما لا توافقه عليه أطراف متعددة، نتيجة اعتبارهم الاستشارة الإلكترونية «عملية فاشلة»؛ علاوة على تعرض مسارها لعدة هنات.
ولئن أشار سعيد لدى اجتماعه مع قيادات المنظمات الوطنية، إلى أن اللقاء يقيم الدليل على أن الحلول لن تنفرد بها جهة واحدة؛ بل ستقوم على الحوار، فإنه أكد على إقصاء من اتهمهم بـ«نهب مقدّرات الشعب، وما زالوا ينكلون به في معاشه، أو مع من أرادوا الانقلاب على الدولة وتفجيرها من الداخل»، وهو ما قد يكون مؤثراً على مختلف المراحل التي سينجزها سعيد خلال الفترة المقبلة، وخصوصاً منها شروط ومقاييس الترشح في الانتخابات.
وفي هذا الشأن، قال سيف الدين العبيدي، الكاتب العام لشبكة «مراقبون» (منظمة حقوقية مستقلة) إن تعديل القانون الانتخابي في تونس لا يمكن أن يتم من خلال مرسوم رئاسي، وذلك استناداً إلى الفصل 70 من دستور 2014 الذي استثنى النظام الانتخابي من التعديل عبر المراسيم الرئاسية.
وأضاف في تصريح إعلامي أن الإصلاحات السياسية تتجاوز القانون الانتخابي لتشمل الحملة الانتخابية والأطراف المراقبة للعملية الانتخابية، وكل ما يتعلق بتمويل الانتخابات، وفترات التقاضي، والعقوبات المسلطة على مرتكبي الجرائم الانتخابية.
ومع تسجيل اتحاد الشغل (نقابة العمال) لنقاط مهمة على حساب رئاسة الجمهورية؛ خصوصاً من خلال نجاح ضغوطها في دفع الرئيس إلى الحديث عن الحوار مع بقية الأطراف السياسية، وإعطائه الأولوية في أجندته السياسية، فإن عدة مراقبين يرون أن اتحاد الشغل سيجد صعوبات جمة في إيجاد توازن بين دعم توجهات الرئيس، ومباركة خطوته لحل البرلمان وحسم مرحلة حكم الائتلاف الذي تزعمته حركة «النهضة»، وبين دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي سيضر بالعمال، من خلال رفع الدعم والتخفيض في كتلة الأجور، والتفويت في عدد من المؤسسات العمومية لفائدة القطاع الخاص.
على صعيد متصل، تعتبر دنيا حفصة، المحللة السياسية التونسية، أن اللقاءات التي عقدها الرئيس قيس سعيد، وتحركه على عدد من الواجهات، هدفها «إنجاح خطواته المقبلة، والردّ على خصومه»، ولئن اختلفت المضامين والملفات المطروحة في تلك الاجتماعات، فإنها تأتي جميعاً في إطار «الأولوية التي رسمها ضمن مشروعه السياسي، الحوار الوطني بناء على مخرجات الاستشارة الوطنية».
وأضافت أن الرئيس استقبل نور الدين الطبوبي، في الثاني من أبريل (نيسان) الحالي؛ لكن الطبوبي أعلن عن هذا اللقاء منذ يوم 9 مارس (آذار) المنقضي، وهو ما يعني وفق عدد من المتتبعين أن أحداث البرلمان الأخيرة كان لها وقع وتأثير مهمين على التعجيل بالحديث عن ضرورة عقد الحوار الذي طالب به اتحاد الشغل منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.
قد يهمك ايضا
الرئيس التونسي قيس سعيد يُمدِّد حالة الطوارئ حتى نهاية العام الحالي
محاكمة نائب تونسي بسبب تدوينات ضد الرئيس قيس سعيد
أرسل تعليقك