اشتبكت الشرطة التركية مع مجموعات من النساء شاركن في مظاهرات احتجاجية؛ رفضا لانسحاب تركيا من اتفاقية مجلس أوروبا لحماية المرأة من العنف المنزلي الموقعة عام 2011 في إسطنبول، والمعروفة باسم «اتفاقية إسطنبول».
واستخدمت الشرطة العنف ضد آلاف من المتظاهرات اللاتي خرجن في منطقة قاضي كوي في الشطر الآسيوي من إسطنبول، حيث حملن لافتات ورددن هتافات تندد بجرائم قتل النساء وتطالب بحمايتهن من مرتكبي العنف، كما طالبن الحكومة بالتراجع عن قرار الانسحاب من اتفاقية إسطنبول بموجب مرسوم وقعه الرئيس رجب طيب إردوغان السبت قبل الماضي.
وفرضت الشرطة طوقا أمنيا مشددا حول المشاركات في المظاهرة التي خرجت مساء السبت، وانضم إليها أعداد من الرجال تعبيرا عن تضامنهم مع النساء ضد الانسحاب من الاتفاقية.
ووصفت مديرة فرع منظمة العفو الدولية في تركيا، إيجه أونفير، أن الانسحاب من اتفاقية إسطنبول كارثة على ملايين النساء والأطفال في تركيا، مطالبة بإلغاء قرار الانسحاب.
وشكّل قرار إردوغان بالانسحاب من الاتفاقية صدمة لحلفائه الأوروبيين، وسط بيانات لمنظمة الصحة العالمية تشير إلى تعرض 38 في المائة من النساء في تركيا للعنف، وارتفاع معدلات جرائم قتل النساء ثلاثة أضعاف تقريبا في السنوات العشر الماضية.
على صعيد آخر، اعترضت عائلة الصحافي التركي من أصل أرميني هرانت دينك، الذي قتل بالرصاص خارج مكتبه في إسطنبول في عام 2007 على الحكم في القضية، الجمعة، والذي ربط بين المتهمين وحركة «الخدمة» التابعة لفتح الله غولن التي تتهمها السلطات بالوقوف وراء محاولة انقلاب فاشلة شهدتها تركيا في 15 يوليو (تموز) 2016 ووصفته بأنه «بعيد عن الحقيقة».
وصدرت أحكام مشددة بالسجن المؤبد لأكثر من مرة على عدد من قادة الشرطة وقوات الدرك بتهم القتل العمد وانتهاك الدستور والانتماء إلى منظمة إرهابية (حركة غولن) والإتلاف وإخفاء وثائق تتعلق بالتستر على بلاغات استخبارية تتعلق بجريمة قتل. كما صدرت أحكام أقل، وأخرى بالبراءة، على متهمين آخرين من بين 76 من متهما، لم يكن من بينهم سوى 6 فقط محتجزين والباقي إما هاربون أو يحاكمون دون احتجاز.
وقُتل دينك، وهو صحافي معارض تركي بارز من أصل أرميني، أسّس صحيفة «آجوس» باللغتين التركية والأرمينية وكان يرأس تحريرها، أمام مكتبه في حي شيشلي قرب ميدان «تقسيم» في إسطنبول في 10 يناير (كانون الثاني) عام 2007 على يد شاب يدعى أوجون ساماست كان يقيم في طرابزون بشمال شرقي تركيا وكان يبلغ من العمر 17 عاماً وقت إطلاقه الرصاص على دينك البالغ في ذلك الوقت 53 عاماً.
وفي عام 2012 عاقبت المحكمة ساماست، المؤيد للنزعة القومية المتطرفة، بالسجن 23 عاماً، بعد أن ظل في دار لرعاية الأحداث لمدة عام قبل نقله إلى السجن، وتواصلت محاكمة 76 متهماً آخرين، وأبعدت محكمة جنايات إسطنبول التي نظرت القضية 13 من المتهمين ليحاكموا في قضية منفصلة، من بينهم فتح الله غولن، الذي يعيش في منفى اختياري في بنسلفانيا بالولايات المتحدة، والذي تعتبره تركيا مسؤولاً عن محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016.
وقالت المحكمة إن جريمة قتل دينك قد ارتكبت تماشيا مع أهداف «منظمة فتح الله غولن الإرهابية»، وهو الاسم الذي تطلقه السلطات على أتباع غولن منذ محاولة الانقلاب.
وأصدرت أسرة دينك بيانا لفتت فيه إلى تعقيدات جريمة القتل ومستوى تورط الدولة، قائلة إن جريمة قتله وقعت في نهاية عملية استهداف وتهديدات استمرت 3 سنوات، و«شمل ذلك رئيس الأركان والسياسيين والقضاء ووسائل الإعلام، وما يسمى بمنظمات المجتمع المدني التي كانت تسترشد بالدولة».
وأضاف البيان أنه قبل أسبوع من وفاته، كتب هرانت دينك مقالاً بعنوان «لماذا تم اختياري كهدف؟». وكان دينك واجه المحاكمة بتهمة «إهانة الهوية التركية» بسبب مقال كتبه. وكان دينك معارضاً بارزاً وأحد دعاة تحسين العلاقات مع أرمينيا، وتم استهدافه مراراً لمطالبته بالاعتراف بوقوع إبادة جماعية بحق الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى، على يد الدولة العثمانية. وترفض أنقرة استخدام مصطلح «الإبادة الجماعية» لوصف عمليات التهجير الجماعي والقتل بحق 1.5 مليون مواطن أرميني في شرق الأناضول خلال الحرب العالمية الأولى، وتطالب بفتح الأرشيف في تركيا وأرمينيا وإجراء تحقيق محايد بواسطة خبراء ومؤرخين، وتقول إن الأحداث لم تطل الأرمن فقط وإنما الأتراك أيضاً.
وقالت أسرته، في بيانها، إن العديد من الأشياء التي ذكرها في مقاله بناء على خبرته وحدسه ثبت أنها صحيحة فيما بعد بالأدلة، وفشلت المحكمة في تفكيك آلية «الإهمال والتستر وعرقلة الأدلة والتضليل» وبالتالي لن تقنعهم أو تقنع الجمهور، وإن بعض أحكام السجن في هذه القضية متناقضة مع مقولة «لا تعاقب على الفعل الشرير نفسه بل على تسريبه».
وأضافت أن مقتل دينك، الذي لم يتم التحقيق فيه بشكل صحيح عند وقوعه، سيكون مرتبطاً بشكل مباشر بمقتل مئات الأشخاص في محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016 (قتل فيها 250 شخصا)، إذا كانت النتيجة التي توصلت إليها المحاكمة صحيحة.
وتابعت: «ألن تحتاج مئات العائلات والأحباء إلى إجراء محاسبة حينها؟ إذا تم إغلاق هذه القضية كما هي، من خلال وضع علامة (منظمة فتح الله غولن الإرهابية) على الدولة العميقة القديمة وفشلت السلطات في إجراء تحقيق فعال، فمن سيكون مسؤولاً عن الأرواح التي ستفقد في السنوات المقبلة؟».
ودعت أسرة دينك إلى الشفافية والديمقراطية والمواجهة الكاملة لجريمة القتل. وقالت إنها مستعدة لاستئناف الحكم.
من جانبه، قال جارو بيلان، النائب الأرميني من حزب الشعوب الديمقراطي المعارض الموالي للأكراد في البرلمان، على «تويتر»: «مع الحكم في قتل هرانت دينك، حُكم على المشتبه بهم الذين قيل إنهم من حركة غولن بالسجن مدى الحياة، بينما تمت تبرئة من لم يجب تبرئتهم... تتستر المحكمة على التواطؤ وفقا لتوازن القوى داخل الدولة».
وقال يتكوارات دانزكيان رئيس التحرير الحالي لصحيفة «آجوس»: «لم نتمكن من الحصول على إجابات لكيفية مقتل هرانت دينك أو من أمر بقتله من هذه المحاكمة».
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
الجامعة الكندية في "دبي" تُخفض رسومها 30% بسبب "كورونا"
دراسة أميركية تؤكد أن إعادة فتح الجامعات قد يؤدي إلى زيادة انتشار "كورونا"
أرسل تعليقك