إزالة الأشلاء الآدمية يُصبح عملًا روتينيًا لعمال النظافة في كابول
آخر تحديث GMT10:23:30
 العرب اليوم -

إزالة الأشلاء الآدمية يُصبح عملًا روتينيًا لعمال النظافة في كابول

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - إزالة الأشلاء الآدمية يُصبح عملًا روتينيًا لعمال النظافة في كابول

التفجيرات في كابول
كابل ـ أعظم خان

بدأ يار محمد محمدي عمله كعامل نظافة ببلدية كابول منذ أكثر من عقد مضى، وكان يتوقع أن يتضمن عمله بعض المهام غير السارة. لكنه لم يكن مهيئا بحال للتعامل مع تلك الأنقاض والبقايا المقيتة التي شاهدها عقب التفجير الدامي بوسط العاصمة كابل الشهر الماضي. مستدعياً ذكرى تلك الأيام، قال محمد (40 عاماً): "عثرنا على أياد وأقدام وحتى رؤوس مقطعة، ولم أستطع تناول طعامي ليومين متتاليين. كنت مرعوباً".

بالنسبة لعمال النظافة بكابول، فقد بات إزالة أعضاء الأشلاء الآدمية عملاً روتينياً، وإن كان مخيفاً، في العاصمة الأفغانية حيث التفجيرات الانتحارية والهجمات التي يشنها المتطرفون تقع كل شهر تقريباً. فقد أفادت الأمم المتحدة الثلاثاء الماضي بأن أكثر من 3400 مدني قتلوا بمختلف أنحاء البلاد عام 2017 فقط، غالبيتهم نتيجة اعتداءات جرت في أماكن عامة.

فمنذ أسبوعين، وفي تمام الساعة 12:45 بعد الظهر، انفجرت سيارة إسعاف بيضاء تحمل متفجرات وسط شارع مزدحم بالقرب من مستشفى عام ومجمع شرطي وسوق قديمة. وأسفر الانفجار المروّع عن 105 قتلى و235 جريحاً، ولم تكن الخسائر المادية أقل جسامة، حيث تحولت السيارات إلى رقائق كالورق، وانهارت أسقف البيوت، وتطايرت النوافذ والجدران.

فرضت أجهزة الأمن سياجاً أمنياً على المكان، وسرعان ما وصلت فرق البحث عن المتفجرات وغادرت بعد خمس ساعات. وبعدها وصل إلى المكان نحو 250 من عمال نظافة البلدية يرتدون زياً برتقالياً فاقع اللون يحملون على أكتافهم المجارف.

صاح مدير العمّال، أحمد باهزاد غياسي: "احترسوا، لا تجرحوا أنفسكم"، قالها عندما شرعوا في إزالة الزجاج المتناثر من نوافذ المستشفى. وشرع عمال الإزالة في نقل أنقاض السيارات المحطمة إلى شاحنات مفتوحة، وأشار غياسي إلى مبنى قريب قائلاً: "هناك ربما نجد جثثاً". وحتى في الأيام العادية، يتطلب هذا العمل قوة احتمال ومعدة قوية، وعلى العمال كنس الشوارع وحمل البقايا النتنة وجمع قمامة عاصمة مزدحمة مكتظة بنحو خمسة ملايين نسمة. فالمدينة تعاني من مستوى النظافة المتدني ومن أكوام القمامة التي ملأت الأركان التي جعلت الناس تستنشق الهواء السام وتعاني من أمراض الجهاز التنفسي. لكن المهمة الأصعب التي تفوق كل ما سبق هي الضغط النفسي الناتج عن مخلفات عمليات التفجير. فالانفجارات القوية يمكنها تقطيع جسم الإنسان إلى قطع لا تلحظها العين. وحتى بعدما يقوم رجال الشرطة وعمال الصحة بنقل الضحايا من المصابين إلى المستشفى والجثث إلى المشرحة، لا بد أن تتبقى بعض الأشلاء الآدمية هنا وهناك. ويقوم العمال بمسح بقع الدم وجمع الأشلاء في أكياس بلاستيكية، وبعد ذلك يتوجهون بها إلى أقرب مقبرة.

وأفاد غياسي بأنه عادة ما يرسل بالفرق المختصة لتتولى النظافة بعد التفجيرات الصغيرة، لكنه يشارك بنفسه إذا كان التفجير مميتاً ومدمراً، وهو ما فعله ثلاث مرات خلال العام الماضي، واستطرد "لكن التفجيرات تمزّق روحنا إلى أشلاء".

ومع ارتفاع وتيرة العنف بمختلف أنحاء البلاد، ازدادت الانفجارات والاعتداءات في العاصمة. في العامين الماضيين، استهدفت الاعتداءات التي أعلن تنظيما "داعش" و"طالبان" مسؤوليتها عنها، ثمانية مساجد وسباق عدو وأكاديميتي أمن، وفنادق ومباني حكومية، ومواكب لوزارة الخارجية والجيش.

وفي مايو/أيار عندما تسبب انفجار ضخم في كابل في مقتل 150 شخصاً وتدمير العديد من المباني الكبيرة، منها السفارة الألمانية، تطلب الأمر عدة أيام لكي يقوم 500 عامل بتنظيف المدينة من الأنقاض، وبعد ذلك بقليل منحهم مكتب الرئيس أشرف غني مكافأة تعادل راتب شهر كامل نظير جهدهم.

وفي مارس/آذار الماضي، عندما هاجمت "طالبان" قسم شرطة بغرب كابل، أفاد عامل نظافة بأنه عثر على ساقين بين الأنقاض، مضيفا: "عندما وصلت إلى البيت بعد تنظيف المكان من الأنقاض، تصرفت بغرابة شديدة"، بحسب حسين بخش (60 عاماً) الذي تولى تنظيف سيارة الإسعاف وموقع الاعتداء الذي جرى قبلها باستخدام الشاحنة. استطرد حسين: "سألني أبنائي ماذا حدث لك؟ فقد كانت لتلك المشاهد أثر نفسي على صحتي العقلية".

بيد أن البلدية ليس بها عيادة نفسيه لعلاج المشكلات النفسية مثل صدمة ما بعد الحادث. وتعاني بلدية كابل من شح الموارد، فرغم وجود 3625 عاملاً، و2000 مقاول إضافي، فلا يزال العدد غير كافٍ لتنظيم العاصمة. وعقب سلسلة التفجيرات الأخيرة، قامت بلدية كابل بتشكيل فريق طوارئ ضم 250 عاملاً يقومون بمهام اعتيادية غالبية الأيام، لكنهم مستعدون للتوجه إلى مناطق التفجيرات حال تطب الأمر ذلك. ويبلغ متوسط راتب العامل 8000 أفغاني (110 دولارات) شهرياً، وجميعهم عمالة غير ماهرة ممن تلقوا تعليماً محدوداً. ورغم صعوبة عملهم الذي يتسبب في الكثير من الأذى النفسي لهم، فما من بدائل أمام غالبيتهم، وهو ما عبّر عنه رجب (49 عاماً) الذي لم يشأ أن يعلن اسمه الثاني، واكتفى بالقول إن "العمل مؤذ... لكن ما من خيار (آخر) أمامنا".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إزالة الأشلاء الآدمية يُصبح عملًا روتينيًا لعمال النظافة في كابول إزالة الأشلاء الآدمية يُصبح عملًا روتينيًا لعمال النظافة في كابول



نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:10 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

حكيم يرد على شائعة القبض عليه في الإمارات بفيديو من مصر
 العرب اليوم - حكيم يرد على شائعة القبض عليه في الإمارات بفيديو من مصر

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

بشكتاش يواصل انتصاراته فى الدوري الأوروبي بفوز صعب ضد مالمو

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع سعر البيتكوين لـ75 ألف دولار

GMT 16:36 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيمان خليف تظهر في فيديو دعائي لترامب

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تكشف عن تحديات حياتها الفنية ودور عائلتها في دعمها

GMT 15:12 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق أول قمر اصطناعي مطور من طلاب جامعيين من الصين وروسيا

GMT 17:41 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يتسبب فى وقف منصات النفط والغاز فى أمريكا

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف عبدالباقي يردّ على أخبار منافسته مع تامر حسني

GMT 14:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يمر عبر جزر كايمان وتوقعات بوصوله إلى غرب كوبا

GMT 14:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف حركة الطيران في مطار بن جوريون عقب سقوط صاروخ

GMT 14:43 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

كندة علوش تعود إلى الدراما بمسلسل ناقص ضلع فى رمضان 2025

GMT 20:13 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات الأحزمة الفاخرة لإضافة لمسة جمالية على مظهرك

GMT 00:38 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab