عاد التوتر مجددا إلى علاقات الباكستانية - الإيرانية بعد قتل مجموعة وصفتها باكستان بـ"المتطرفة" عددا من الجنود الباكستانيين على حدود إيران، بعد أسابيع من هدوء العلاقات بين البلدين إثر قيام جماعة "جيش العدل" المعارضة للنظام الإيراني بخطف عدد من الجنود الإيرانيين داخل الأراضي الإيرانية، وتحميل إيران باكستان المسؤولية عن الحادثة.
واستدعت الخارجية الباكستانية، السفير الإيراني في إسلام آباد، مهدي هنردوست لإبلاغه احتجاجا باكستانيا على العملية المتطرفة ضد قوات حرس الحدود الباكستانية التي كانت في دورية لها على الحدود مع إيران.
وقال بيان للخارجية الباكستانية: «لقد تم استدعاء السفير الإيراني مساء السبت إلى الخارجية الباكستانية، وتم تسليمه احتجاجا قويا ضد الحادث الإرهابي، وطلب من الحكومة الإيرانية القيام بعملية واسعة النطاق ضد المجموعة المتطرفة المسؤولة عن الهجوم على دورية المراقبة على الحدود"، حسبما جاء في بيان الخارجية الباكستانية.
وأعرب السفير الإيراني عن عميق حزن بلاده لمقتل ستة من حرس الحدود الباكستاني في منطقة واكاي في الحدود بين البلدين.
كان الناطق باسم الجيش الباكستاني أصدر بيانا مساء الجمعة، جاء فيه أن "إرهابيين استهدفوا إحدى سيارات حرس الحدود بواسطة لغم أرضي حين كانت قوة من حرس الحدود تقوم بالتفتيش عن مجموعات إرهابية في منطقة واكاي في مديرية تربت المحاذية لإيران، وإن أربعة عشر آخرين من حرس الحدود أصيبوا بجراح في العملية".
وحسب بيان الخارجية الباكستانية، فإن "ثلاثين إرهابيا نصبوا كمينا لدوريات حرس الحدود الباكستاني، وأطلقوا النار عليها؛ مما أوقع ستة قتلى وأربعة عشر جريحا بحالة خطرة، وإن أربعة إرهابيين قتلوا في تبادل إطلاق النار مع القوات الباكستانية"، وأضاف البيان: "هناك حاجة ملحة من أجل تعاون أوسع بين الجانبين الإيراني والباكستاني لإيجاد آلية لمنع مثل هذه الحوادث في المستقبل".
اقرأ ايضًا :
رئيس أركان الجيش الباكستاني يؤكد العالم يواجه الإرهاب عسكريًا وأمنيًا
وأعلنت جماعة تطلق على نفسها «جبهة تحرير بلوشستان» المعادية لباكستان، مسؤوليتها عن العملية ضد حرس الحدود الباكستاني على الحدود الإيرانية.
وقالت جماعة بلوشية انفصالية عن باكستان يقودها الدكتور عبدالله نظر، إن أفرادها قاموا بالعملية ضد الجيش الباكستاني الذي يقوم باضطهاد البلوش.
وتشير مصادر باكستانية إلى أن «(جبهة تحرير بلوشستان) تتواجد داخل الأراضي الإيرانية، وتتلقى دعم الحرس الثوري الإيراني، وتقوم بأعمال لزعزعة استقرار باكستان، وبخاصة في إقليم بلوشستان المحاذي لإيران».
ويعتقد في باكستان بأن الجماعة تتلقى دعما إيرانيا في محاولة من إيران لمواجهة «جيش العدل» الذي يعمل في إقليم سيستان بلوشستان الإيراني، وتتهم طهران الاستخبارات الباكستانية بدعم «جيش العدل» الذي يشنّ هجمات على «الحرس الثوري» الإيراني بين الفينة والأخرى، وتتهمه إيران بالعمل من داخل الأراضي الباكستانية، وهو ما تنفيه باكستان جملة وتفصيلا.
وجاء مقتل الجنود الباكستانيين غداة توقيع كل من طهران وإسلام آباد مذكرة تفاهم من أجل تحسين الأوضاع الأمنية على حدود البلدين، ومنع تهريب البترول ومشتقاته، والمخدرات والأسلحة، وتجارة البشر عبر الحدود بين الجانبين.
واستهدف تفجير انتحاري مقرا للشرطة الإيرانية بمدينة تشابهار قبل نحو عشرة أيام وأدى إلى مقتل اثنين من قوات الشرطة وجرح أكثر من 40 آخرين. وأعلنت جماعة «الفرقان» البلوشية مسؤوليتها عن الهجوم.
وهددت إيران بالقيام بعمليات مطاردة لتنظيم «جيش العدل» و«جماعة الفرقان» داخل الأراضي الباكستانية، إلا أن باكستان رفضت التهديدات الإيرانية، وأعلنت أنها ستدافع عن أراضيها في حال غامرت إيران وقامت بعملية داخل الأراضي الباكستانية.
وقبل ذلك اختطفت جماعة «جيش العدل» البلوشية المعارضة 12 من حرس الحدود الإيراني بمدينة ميرجاوه في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. حينذاك اتهمت الحكومة الإيرانية الاستخبارات الباكستانية بتقديم الدعم لـ«جيش العدل»، إلا أن إسلام آباد نفت أي علاقة بالتنظيم، وقالت إن "العملية وقعت داخل الأراضي الإيرانية". وقال محللون إيرانيون معارضون لنظام طهران إن «إطلاق النار وقع من حرس الحدود الإيراني مباشرة وليس من مجموعات إرهابية كما جاء في بيانات البلدين، وإن الهدف الإيراني كان الثأر لما حصل من عملية في مدينة تشابهار الساحلية الإيرانية، حيث تعتبر إيران تشابهار خطاً أحمر تستثمر فيه مع الهند لمواجهة الخط التجاري الصيني - الباكستاني، وأن الهجوم على مركز للحرس الثوري في المدينة لم يكن ليتم لولا تواطؤ باكستان مع المنفذين من جماعة (الفرقان) الإيرانية المناهضة لحكم طهران، كما أن الهجوم على القنصلية الصينية في كراتشي كان بتواطؤ إيراني هندي، حيث اكتشفت السلطات الباكستانية أن المنفذين جيش تحرير بلوشستان كانوا يحملون جوازات إيرانية وتوجهوا إلى القنصلية على أساس رغبتهم في الحصول على تأشيرة لزيارة الصين، ومن ثم قاموا بالهجوم على القنصلية».
وذكر الدكتور نور جمعة، وهو من أصول بلوشية في إيران، أن «الجاسوس الهندي كلبوشين ياداف الذي اعتقله الجيش الباكستاني قبل قرابة عامين في بلوشستان كان يدير خلية تجسس هندية - إيرانية مشتركة ضد باكستان، وأنه اعترف بأنه ضابط استخبارات في البحرية الهندية، كما أن السلطات الباكستانية اعتقلت بعد كلبوشين ياداف شخصاً آخر هو عزيز بلوش، وكان قائد عصابة في كراتشي على صلة بالرئيس الأسبق آصف علي زرداري، وأن عزير كان بحوزته جواز سفر إيراني حين اعتقل خارج مدينة كراتشي واعترف بتعاونه مع الاستخبارات الهندية والإيرانية لجمع معلومات عن قيادات الجيش الباكستاني والبحرية الباكستانية في كراتشي، ومراكز تخزين الصواريخ الباكستانية والأسلحة الاستراتيجية في إقليم السند»، وأشار جمعة إلى «تعاون وثيق» بين الهند وإيران في أفغانستان «في محاولة من الدولتين لفرض حصار أمني على باكستان من الجانب الشرقي من الهند، ومن الغرب إيران وأفغانستان بالتعاون بين الدولتين في محاولة لزعزعة استقرار باكستان، والتأثير على الممر التجاري الصيني-الباكستاني، الذي تعتبره كل من إيران والهند خطرا أمنيا واقتصاديا واستراتيجيا ضدهما».
قد يهمك أيضًا:
باكستان تؤكد إلتزامها بمواصلة دعم السلام في أفغانستان
مقتل جندى باكستانى فى إطلاق نار من الجانب الهندى
أرسل تعليقك