أثار قرار رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي إقالة رئيس الهيئة الوطنية للفساد عماد بوخريص، جدلا واسعا في الساحة السياسية، دفع الرئيس قيس سعيّد للتدخل ورفض هذا القرار، في أحدث فصول الصراع بين رأسي السلطة التنفيذية في تونس التي تشهد العلاقات بينهما منذ أشهر توترا وتنازعا حول الصلاحيات.
ووفقا لبيان الحكومة، الاثنين، أقال المشيشي بوخريص من دون ذكر الأسباب، وقرر تعيين القاضي الذي يرأس لجنة الأملاك المصادرة عماد بن الطالب علي رئيسا للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد خلفا له، وهو القرار الذي أثار جدلا واسعا في الساحة السياسية والحقوقية، واتهامات للمشيشي بالتستر على ملفات فساد شخصيات نافذة في البلاد وموالين للحزام السياسي الداعم له الذي تقوده حركة النهضة.
وتعليقا على ذلك، قال رئيس لجنة الإصلاح ومكافحة الفساد بالبرلمان بدرالدين القمودي، إن إقالة رئيس هيئة مكافحة الفساد عماد بوخريص، جاءت بسبب عزمه كشف قضايا فساد تورط شخصيات نافذة في البلاد والبتّ في ملفات لصوص كبار دون حسابات وفي تجاهل تام لضغوط من يحميهم، مضيفا أن إقالته عنوان ودليل صارخ على أن الفساد في تونس تحميه السلطة السياسية.
"اللوبيات" تتحكم في كل شيء
ومن جانبه، اعتبر النائب عن الحزب الدستوري الحر كريم كريفة، أن إقالة رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عماد بوخريص، جاءت من أجل منع فتح ملفات من أسماهم "أصدقاء رئيس الحكومة هشام المشيشي والموالين للخوانجية"، في إشارة إلى حركة النهضة.
وفي السياق ذاته، أشار الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري، إلى أن إزاحة القاضي عماد بوخريص من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ودون أي تبرير لا يمكن أن يكون إلا خضوعا للضغوطات، مشدّدا على أن اللوبيات أصبحت تتحكم في كل شيء.
وإلى ذلك، قالت منظّمة "أنا يقظ"، في بيان، إن رئيس الحكومة هشام المشيشي "يستمر في سياسة التعيينات المشبوهة في المناصب الحساسة في الدولة"، وأضافت أن الرئيس الجديد لهيئة مكافحة الفساد، عينه الرئيس الأسبق للحكومة يوسف الشاهد في عام 2019 على رأس لجنة الأملاك المصادرة، "لتقديم خدمات لرجل الأعمال مروان مبروك"، مضيفة أن "علاقة مصاهرة تجمعه بالكاتب العام للحكومة وليد الذهبي".
قرار الإقالة أغضب أيضا أعلى هرم السلطة في البلاد، حيث استقبل الرئيس قيس سعيد، رئيس الهيئة العليا لمكافحة الفساد عماد بوخريص بعد ساعات من إعفائه من منصبه، وأكد له أن إقالته تمت من أجل كشفه ملفات فساد تتعلق بالوزراء المعينين والذين رفض قبولهم لأداء اليمين الدستورية.
التستر على ملفات فساد وحماية الفاسدين
ووجه سعيّد الذي انتقد كذلك الإجراءات القانونية التي تمت فيها الإقالة، خطابه إلى بوخريص قائلا "من يقاوم الفساد هو من يتم إعفاؤه، وبناء على معطيات ثابتة صحيحة، ثم يرفعون بعد ذلك شعار مكافحة الفساد، كان من المتوقع أن يتم ذلك، لأنك أثرت جملة من القضايا وقدمت جملة من الإثباتات المتعلقة ببعض الأشخاص، من بينهم الذين تم رفض أدائهم اليمين الدستورية وتعلقت بهم قضايا فساد، وهناك من لديه قضية لدى القطب المالي"، متهما أطرافا سياسية بالتستر على ملفات فساد وحماية الفاسدين.
وتلقي هذه الأحداث الضوء على الأزمة السياسية في تونس التي تمضي في طريق تصعيد متواصل مع دخول الخلافات ومعركة ليّ الذراع بين الرئيس قيس سعيّد المدعوم من أحزاب المعارضة ورئيس الحكومة هشام المشيشي المدعوم من رئيس البرلمان راشد الغنوشي وحزام سياسي قوّي، شهرها السادس، دون وجود بوادر انفراج في الوقت القريب.
وتعليقا على ذلك، كتب النائب بالبرلمان عن الكتلة الديمقراطية هشام العجبوني في تدوينة على صفحته بموقع فيسبوك "أزمة أخرى في الأفق نتيجة تهوّر حكومة المشيشي و إصرارها على العبث بمصلحة البلاد وتعييناتها المشبوهة التي تعتمد على الولاءات والمحاباة والمحسوبية وإرضاء الحزام السياسي للبقاء أطول فترة ممكنة على رأس الحكومة"."
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
رئيس الحكومة التونسية يعفي 5 وزراء من مهامهم
أزمة التحوير الوزاري في تونس تدخل أسبوعها السابع ومبادرة الاتحاد لم تؤت أكلها
أرسل تعليقك