تونس ـ حياة الغانمي
وجّه الناطق الرسمي باسم شباب حركة الفصل الثامن أسامة الخليفي رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي حذّر فيها من خطورة تداعيات الوضع الراهن في تونس، داعيا إلى التمسك بسياسة التوافق والتوجُّه نحو تحقيق المصالحة الشاملة بين جميع أطياف المجتمع التونسي.
وفيما يلي نص الرسالة كاملة :
" لم يكن خوضنا في السياسة من قبيل الصدفة في يوم من الأيام بقدر ما كان دائما نابعا من إيماننا الوطني واعتقادنا في ضرورة تكاتف الجهود من أجل تونس افضل. ورغم اعتزازي بتجربتي السياسية ما قبل 14 يناير/كانون الثاني إلا أن السنوات الطويلة التي قضيتها في أوروبا جعلتني أدرك منذ ذلك الوقت عديد النقائص والعلات التي تشوب الواقع السياسي في تونس. لقد مثّلت التجربة الديمقراطية التونسية مبعثا للأمل للكثير من الشباب والفاعلين السياسيين باعتبارها فرصة لتدارك اخطاء الماضي وتحقيق التعايش السلمي بين التونسيين رغم كل اختلافاتهم وتناقضاتهم السياسية والايديولوجية.
إلى رئيس الجمهورية السيد الباجي قايد السبسي سيدي الرئيس:
كان لي شرف المشاركة في تأسيس حزب نداء تونس في الخارج والمشاركة في المؤتمر الانتخابي الوحيد للحزب هناك تحت إشرافكم المباشر. كما كان لي شرف إدارة الحملة الإنتخابية التشريعية للحزب في فرنسا ثم قيادة حملتكم الرئاسية التي توجت بالانتصار.
سيدي الرئيس، لقد كان نداء تونس حلم جزء كبير من الشعب وبخاصة الشباب وتعزّز هذا الشعور بتأسيسكم لمسار التوافق الذي أنقذ تونس من أتون الصراعات الدموية كما شهدت عديد الدول المجاورة. ومع صعوبة هذا الطريق وعلى الرغم من كونه قد جوبه من قبل بعض الفاعلين بحملات التخوين والتشويه إلا أننا صحبة لفيف من الصادقين انخرطنا في هذا المسار ودافعنا عنه بكل شراسة وأمانة لثقتنا في سيادتكم واقتناعنا بان تونس يجب أن تكون لجميع ابنائها دون إقصاء.
سيدي الرئيس، لا يُلدغ مؤمن من جحر مرتين، حيث أن عددا كبيرا من شباب التجمع سابقا لا يزال إلى اليوم يدفع ثمن انخراطه الصادق في حزب تحاول بطانة لا تؤمن بالتوافق ولا بإعلاء المصلحة الوطنية استعادة نموذج اصهار بن علي لكي تحقق بانتهازيتها ما حققه سلفها و لكن هيهات فماهي إلا غمامة صيف عابرة و ستنجلي ليتبين لأصحاب الألباب حقيقة هؤلاء الانتهازيين والمتملقين والمتآمرين... ولن نسمح بأن نكون وقودا لمعارك خاطئة من جديد.
إلى الشخ راشد الغنوشي: إن ايماننا بالديمقراطية والتعايش السلمي كانا دافعان أساسيان للتفاعل معكم كجزء لا يتجزء من هذا الوطن وقدمنا لأجل ذلك الثمن الباهظ. لقد مثّل منهج التوافق والمصالحة سفينة إنقاذ التجربة التونسية مما جعلها استثناءً في العالم العربي وشجرة مخضرة باسقة في غابة محروقة، إلا أن أيادي العابثين لا تزال تسعى لوأد هذه التجربة وتضييق أفقها باساليب متعددة.
لتعلموا أن أهم ما يتهدد مشروع التوافق والمصالحة الشاملة هو عدم قدرة أصحاب هذا المشروع على تعبئة القوى الشعبية المواطنية في هذا الخيار وحمايته من الانتهازيين والمخاتلين الذين يقومون بتحويل وجهته تارة وتعطيله تارة أخرى لصالح المخربين وأنصار الفوضى والاستقطاب والبدائل الوهمية الشعبوية.
إن ما يحتاجه هذا المشروع الوطني هو مزيد تجذيره اجتماعيا وسياسيا وترسيخه داخل الفضاءات الحزبية وصلب مؤسسات الدولة الوطنية بأيادي المؤمنين به والمدافعين عنه من كل التيارات والاتجاهات. إن مسؤوليتي أمام شباب تونس والمناضلين الشرفاء تجعلني اعلن أن المسار السياسي الراهن في خطر بسبب غياب المسؤولية عند الكثيرين وتقديمهم لمصالحهم الشخصية على حساب القضايا الوطنية والأولويات الشعبية.
إن تحريف مشروع نداء تونس الوطني الاصلاحي من طرف بعض الانتهازيين والوصوليين لن يمنعنا من مواصلة الطريق بأشكال نضالية مختلفة لتحقيق مستقبل تونسي افضل مبني على التعايش وتفعيل المصالحة الشاملة بين مختلف مكونات الشعب التونسي الأبي والتصدي بكل قوة للبدائل المبنية على الإقصاء والاستقطاب والكفاءة المغشوشة وكلنا يقين بأن من استغل التوافق لتمرير أجندات شخصية ضيقة وعلى حساب الشعب لا يمثل إلا بدائل ظرفية سرعان ما سيلفظها هذا الشعب بفضل وعيه وحسه الوطني ويستبدلها بقيادة صادقة تخدم مصالحه وتحقق طموحاته. وأحسب أن الشباب والنساء والرجال المؤمنين بحتمية هذا الخيار التوافقي سيكونون قد قطعوا أشواطا في الالتصاق بهموم الشعب من أجل التصدي لقوى الردة وصنّاع قيادات المحاباة."
أرسل تعليقك